«رؤيتهم المتشائمة قد تسود».. متداولو مشتقات النفط يتغلبون على تجار الخام

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكدت كبرى شركات تداول النفط عن اتجاه السوق مع تأرجح الأسعار بالقرب من أدنى مستوياتها في 15 شهراً، وهناك اتفاقاً شبه عامّ على أن السوق مهيأة لارتفاع الأسعار.

لكن التدقيق في بيانات التداول يشير إلى وضع مختلف. فخلال الأسبوعين الماضيين، قلّص المضاربون المراكز القائمة على توقع ارتفاع أسعار الخام الأميركي إلى أدنى مستوياتها خلال أكثر من عقد، فيما ارتفعت الرهانات على حدوث تحول هبوطي إلى أعلى مستوى لها خلال أربع سنوات. تظهر سوق الخيارات تشاؤماً مماثلاً تجسد في تباين تقلب أسعار عقود خيارات حق البيع ذات أسعار التنفيذ المختلفة لذات يوم التسوية.

يبرز ذلك التفاوت التوتر السائد في السوق منذ فترة. وتُعَدّ النظرة المستقبلية طويلة الأمد صعودية في أغلبها، إذ يتعرض الإنتاج في الولايات المتحدة لركود، فيما تشير التوقعات إلى تعافي الطلب الصيني على النفط وانخفاض الإنتاج الروسي. لكن الرياح المعاكسة المتوقعة في الأجل القريب ستكون هائلة، كما هوَت الأسعار هذا الشهر مع ازدياد التكهنات بأن ضعف النظام البنكي قد يطلق شرارة ركود مكتملة الأركان.

تهافت جنوني على التخارج

قالت ريبيكا بابين، وهي من كبار المتداولين في أسواق الطاقة في "سي آي بي سي برايفت ويلث" (CIBC Private Wealth)، إنّ المتداولين "لا يزال بإمكانهم توقع صعود السوق، لكنهم يدركون أن اجتياز الشهر المقبل أولاً سيكون ذا أهمية قصوى، فكثير من المستثمرين يحاولون الصمود".

اقرأ أيضا: السعودية وروسيا تدعمان تحالف «أوبك+» وتناقشان أزمة أوكرانيا

يعكس هبوط الأسعار بنسبة 14% منذ أوائل الشهر الجاري التهافت الجنوني على التخارج من السوق، مع تخلص المستثمرين من العقود المستقبلية. كما أجبر ذلك بنوك "وول ستريت" وغيرها من الشركات المالية على تغطية مراكزها في سوق عقود الخيارات، ما سرّع وتيرة موجة البيع.

تستمر كبرى شركات تجارة النفط، من مجموعة "ترافيغورا" (Trafigura Group) إلى رجل الأعمال الفرنسي بيير أندوراند، في ترجيح تعافي الأسعار قريباً، ورغم ذلك فإن كثيراً من المستثمرين لا يراهنون على الصعود. وعوضاً عن ذلك، يبدو أن المضاربين على الهبوط هم المتصدرون للسوق.

تراجع الاستثمار بشركات النفط

كتب أندوراند، في تغريدة نُشرت في 23 مارس، أن الاحتفاظ باستثمارات النفط "هو الأمر الأقل رواجاً على ظهر الكوكب في الوقت الحالي". وانخفضت قيمة صندوق أندوراند الرئيسي "أندوراند كوموديتيز ديسكريشوناري إنهانسد فاند" (Andurand Commodities Discretionary Enhanced Fund) قرابة 40% هذا العام، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم نظراً إلى سرية البيانات.

يشير المتفائلون بشأن أسعار النفط إلى أن جزءاً من الضعف الحالي في السوق يتزامن مع الارتفاع المستمر في صادرات النفط الروسي، ووفرة المعروض من الخام، بفعل إضرابات المصافي الفرنسية، وهي عوامل قد تختفي خلال الأسابيع المقبلة.

وبالطبع، رغم أن النفط زهيد الثمن موجِع للمتداولين الذين يراهنون على الصعود، فإن المستهلكين مهيأون للاستفادة إذا ظلت الأسعار منخفضة.

وقد يقلص ذلك أيضاً الضغط على التضخم، ويُسهِّل مهمة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بالسيطرة على زيادات الأسعار الأوسع نطاقاً.

الأسواق لا تتوقع ارتفاع الأسعار

في الوقت الحالي، تتراجع قناعة الأسواق باحتمال ارتفاع الأسعار في وقت لاحق من العام الجاري. كما يتقلص أحد مؤشرات قوة سوق النفط –وهو الفارق بين العقود المستقبلية الأميركية للتسليم الفوري ونظيرتها ذات التسليم بعد ستة أشهر– إذ يتوقع المتداولون زيادات أصغر في المستقبل. انخفضت الفجوة بين أسعار عقود التسليم في ديسمبر 2023 والتسليم في ديسمبر 2024 مقتربة من أقل مستوياتها هذا العام.

في سوق عقود الخيارات، أنفق أحد اللاعبين في السوق 60 مليون دولار في عملية واحدة، مراهناً على انخفاض سعر الخام الأميركي إلى 60 دولاراً للبرميل بين يوليو وأكتوبر. وقال المتداولون إن الصفقة كانت من بين الصفقات الأعلى ثمناً هذا العام.

قال مايكل تران، العضو المنتدب في "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets): "تشير العوامل الأساسية إلى احتمال ارتفاع الأسعار، وفي السوق عديد من المراهنين على الصعود، لكن عامل الخوف الشديد الذي يسببه الاقتصاد الكلي أدى إلى شلل في تكوين المراكز".