أجر أعمال الخير مضاعف فى شهر الصوم

الشيخ جعفر عبد الله: تعزيز قيم التكافل «واجب» بين أفراد المجتمع

الشيخ جعفر عبد الله
الشيخ جعفر عبد الله

«تصدقوا ولو بشق تمرة».. ينطلق الشيخ جعفر عبد الله رئيس قطاع المعاهد الأزهرية الأسبق من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوضح قيمة التكافل فى شهر الصوم، وخاصة فى ظل الظروف الاقتصادية، التى جعلت التكافل والتراحم فضيلة تصل إلى حد الواجب على المستطيعين.

يوضح الشيخ جعفر عبد الله ضرورة أن يسعى المسلمون إلى تعزيز قيم التعاون والتكافل وخاصةً فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها الكثير من دول العالم الإسلامى، ولا يجب أن نقلل من قيمة المشاركات البسيطة التى تعزز من التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع المسلم، فالقليل على القليل كثير، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفيما يرويه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سَبَقَ درهمٌ مائةَ ألفِ درهمٍ» قالوا: وكيف؟ قال: (كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عُرْض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها).

ويشير إلى أن شهر رمضان من المواسم المباركة التى تسهم فى غرس وتقوية مفهوم التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع المسلم، ويظهر التكافل والتعاون بين المسلمين من خلال المساعدات والمساهمات التى يقدمها أبناء المجتمع لإخوانهم المحتاجين، ومثل هذه الأعمال تظهر وبصورة فى شهر رمضان المبارك.

وبالإضافة إلى المظاهر الخاصة بالمودة والرحمة بين الأصدقاء والأسر المسلمة والتى تشتمل على الكثير من المعانى السامية والمشاعر الراقية التى يسعى الإسلام إلى تأصيلها فى نفوس أبناء المجتمع المسلم.

وكما يسهم التعاون والتكافل فى تعزيز وحدة المجتمع المسلم وتقوية أواصر تكافله والروابط بين أبنائه، ويرجع اهتمام المسلمين بإشاعة مظاهر التعاون والتكافل امتثالًا لأمر الله عز وجل، حيث قال: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ».

ويؤكد: فضَّلَ الله شهر رمضان على باقى شهور السنة، ومن ذلك تفضيل العبادة فيه؛ فيُبشّر الله عباده الصائمين بالجنّة عند إكثارهم من الأعمال الصالحة؛ لأنّ الله يُضاعف لهم الحسنات فى رمضان، كما يُعينهم الله بإضعاف كَيد الشيطان، وممّا يزيد فى الأجر ومغفرة الذنوب صيام رمضان إيماناً بوجوبه.

 

واحتساباً للأجر والثواب من الله، وتحرّياً لسُنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيه، وممّا يزيد فى أجر الصيام أنّ الله -تعالى- استثناه من تحديد أجرٍ له، بل جعل ثوابه مردوداً إليه؛ وذلك لأنّه سِرٌّ بين العبد وخالقه؛ فالعبد يترُك كُلّ شيء لأجل الله؛ ولهذا جعل الله ثوابه خاصّاً به، قال النبيّ - عليه الصلاة والسلام-: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لى وَأَنَا أَجْزِى به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي»، ومُضاعَفة الحسنات فى هذا الشهر يكون بالكَمّ والكَيف؛ فالله -سبحانه وتعالى- يُضاعف الحَسَنة أكثر من مُضاعفَتها فى الأيّام الأخرى من غير أيّام رمضان، وتصبح بعشر أمثالها، ويُضاعف عظمة أجرها، والعمرة فيه تعدل حجّة، أو حجّة مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ لقوله: «عُمْرَةً فى رَمَضَانَ تَقْضِى حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي».

ويشير إلى أن من صور الرحمة فى دين الإسلام الرحمة بالضعفاء والفقراء. فمن شعائر الإسلام العظيمة: إطعام الطعام، والإحسان إلى الفقراء والأرامل والأيتام، طلبًا لرحمة الله الملك العلام. روى البخارى ومسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ». الذى يطعم الأرملة ويدخل السرور عليها وعلى أيتامها كالصائم الذى لا يفطر من صيامه. والقائم الذى لا يفتر من قيامه. فهنيئًا ثم هنيئًا لأمثال هؤلاء الرحماء.

وأخرج البخارى فى صحيحه عن سَهْل بْن سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِى الجَنَّةِ هَكَذَا) وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى. وأخرج الإمام أحمد والبيهقى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ ».

ولعل القليل من المال تدخل به السرور على فقير محتاج، يمنحك الله به جنة عرضها السماوات والأرض. ولعل قليلا من المال تجود به على مكروب تنفس به عنه كربته وتمسح به عنه دمعته، ينفس الله تعالى به عنك كربة شديدة من كرب يوم القيامة.

ف«اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». روى مسلم فى صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ».

اقرأ أيضًا| شوقي علام: التراث الذي خلفه علماء الأمة عظيم وثروة بيانية وبلاغية

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي