إنهــا مصـــــــر

اكرموا النساء

كرم جبر
كرم جبر

ما الذى يضير فى التوصل إلى رأى صحيح الدين فى الطلاق، وإيجاد صيغة محترمة تحفظ كرامة الزوجة وأولادها وتصون بيتها، ولا تجعل كلمة «أنت طالق» أو «عليا الطلاق» بهذه السهولة فى أفواه بعض الرجال المتسرعين، فينطقون بها عشرات المرات بمناسبة وبدون مناسبة، ورغم ذلك يعارض البعض هذا التنظيم الأخلاقى، رغم أن المشكلة يمكن أن تهدد استقرار كثير من الأسر وتضيع حقوق النساء، مما يستوجب حماية نسائنا من الإهانة وسوء المصير؟.

ما الذى يضير إذا صدر قانون يحمى النساء من الظلم والبهدلة، فتعيش آمنة مطمئنة عزيزة كريمة ؟، أليست المرأة هى الام والاخت والابنة والزوجة، والطرف الضعيف فى الحياة الاسرية ؟.

الظلم الذى يلحق بالنساء ليس له اساس دينى، بل مأخوذ عادات وتقاليد لأنظمة اجتماعية متخلفة، لم تأخذ من الاسلام معانى الرحمة والشفقة والعدالة، وفسرت احكامه على هواها ومقصدها . 

هذه النوعية من الآراء البعيدة عن صحيح الدين تفسد أى دعوة لتجديد الخطاب الدينى، وتساعد فى استمرار الفوضى والعشوائية وإحكام السيطرة على ضمائر الناس، ولا يجدى أن تقول لهم إن أحداً لا يمكن أن يزايد على تمسك المصريين بدينهم، فأشيعوا بين الناس الرحمة والعدل ومكارم الأخلاق، وأكرموا نساءنا يكرمكم الله.

حقائق راسخة حين أقول إن الإسلام كرّم المرأة أعظم تكريم، ويصون كرامتها ويرفع شأنها ويحفظ حقوقها، ويسمو بدينها وعلمها وعقلها وفكرها، ورغم ذلك فإن بعض الأدعياء يحطون من قدرها، ويتعمدون إهانتها والتقليل من شأنها، وتقتصر آراؤهم وفتاواهم على جسدها دون عقلها، والإسراف فى التنكيل بها واغتصاب حقوقها . 

فى مجتمعنا توجد فيه فتاوى متطرفة لا تقدر معنى الحياة الزوجية، وتضع النساء تحت سيف العبث بالحقوق خصوصا الطلاق، وتقع المرأة فى دوامة الشك بين الحلال والحرام، ولا تعرف ما إذا كان من طلقها شفهياً ما زال زوجها أم مُحرماً عليها ؟، وأمام لجان الفتوى عشرات الآلاف من الأسئلة الحائرة التى تؤرق بال نساء مؤمنات، يبحثن عن حياة تساير شرع الله.

دموع من نار لزوجات معذبات فى دوائر الشك، وينتظرن فتوى عادلة تحقق اليقين والطمأنينة فى تقرير المصير، دون المساس بما شرعه المولى عز وجل،ودون الانصياع لمتشددين لا يؤمنون بحق المرأة فى الحياة الكريمة.

بعض الفتاوى هى بمثابة جرائم حقيقية ضد المرأة، مثل الذى يُفتى بإباحة نكاح الصغيرات، مع أن الأزمة فى مصر والعالم الاسلامى هى العنوسة، وليس شيخا هرما يبحث عن فتوى ليتزوج بفتاة صغيرة قد تكون فى سن أحفاده، فتكون نهايته الطبيعية على يدها، وهذا النوع من الفتاوى يسيء تفسير الآيات والأحاديث، وينسب ذلك للإسلام والإسلام بريء منه إلى يوم الدين.

سمعت آراءً ارجال الدين المحترمين، يقفون فى صف مشروع قانون الاحوال الشخصية المزمع اصداره،يطالبون بأن يكون الطلاق موثقاً مثل الزواج تماماً، منعاً للعبث بهذا العقد المقدس والتلاعب بمصير النساء.

القانون هو الحل، فمنذ فترة طويلة قام بعض المعنيين برفع دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لتقنين الطلاق، وتأخر صدور الحكم لغموض التشريعات، فصار اصدار قانون جديد ضرورة ملحة، ويقع فى إطار تحقيق المصالح دون إهدار الثوابت.