الإخوان الإرهابيون والصعود إلى الهاوية

د. محمد حبيب
د. محمد حبيب

من خلال ما يقارب خمسمائة صفحة يقدم لنا ذلك السفر الكبير مذكرات بها معلومات وأسرار صادمة لأول مرة عن هيكلة الإخوان وأسماء أعوانهم بالداخل، وصلاحيات وتحركات التنظيم الدولى وأفراده ومعاونيه بالخارج، حسبما عَبَّر المؤلف عن فحوى رسالته ومضمون كتابه- «مذكرات د.محمد حبيب التنظيم الإخوانى ورحلة الصعود إلى الهاوية»- ، وتأتى أهمية تلك المذكرات من أنها صادرة عن النائب الأول للمرشد العام للإخوان د. محمد حبيب والتى صاغها وقدمها الكاتب الصحفى السيد الحرانى.

ود. حبيب قد التحق بالتنظيم نهاية الستينات، وترقى من فرد عادى إلى أن أصبح نائبًا للمرشد العام منذ عام 2004 حتى نهاية عام 2009 ، أى كان الرجل الثانى داخل التنظيم الإخواني.

ويذكر حبيب أنه فى منتصف يوليو 1985 عرض على عمر التلمسانى المرشد العام للإخوان أن أكون عضوًا بمكتب الإرشاد، وعندما وافقت وبايعت، قال الرجل الذى عرف جيدًا الخصال القذرة للإخوان: يا أخ محمد.. سوف ترى من الإخوان ما لا تراه من غيرهم، لذا أوصيك أن تصبر عليهم.

وفى سبعة فصول يبوح د. محمد حبيب بتلك المذكرات الخطيرة للغاية والتى ترسم بكل دقة رحلة صعود وهبوط الإخوان، فيشير بداية إلى أن الخداع الذى يستخدمه التنظيم الإخوانى باسم ترويج فكر «القهر السياسى «أثر فى الكثيرين، وحتى لا يخدع المزيد لابد من كشفه.

وهذا الكشف لن يأتى إلا بالمسارعة إلى كتابة تاريخ التنظيم، خاصة من هؤلاء الذين عايشوا أحداثه، فذلك أهم وسيلة للمحافظة على ذاكرة الشعب المصرى والشعوب العربية والإسلامية تجاه جرائم التنظيم الإخواني، حتى تكون رصيدًا تستفيد منه الأجيال القادمة من ناحية، وتوثيقًا لكل ما جرى، كى لا ينجرف الشباب إلى الخداع والمخادعين.

ومن هنا كان حرص د. محمد حبيب على تسجيل وكتابة مذكراته مع «الحرانى» حتى تكون توثيقًا لتاريخ الأحداث والوقائع خاصة تلك الفترة الواقعة بين عام 1985حتى 2015، وهى فترة مهمة فى حياة الإخوان، وقد عايشها وكان شاهدًا عليها، بل كان أحد مفرداتها ومكوناتها ورموزها.

وفتحت عنوان «البناء الفكرى للإخوان» يشرح لنا -بإسهاب- فهم وفقه «البنا» الضيق للإسلام والظروف التاريخية التى يمر بها المسلمون والتى استغلها «البنا» وصاغ كتبه ورسائله، وتشكل مجموعة الرسائل التى دونها الأسس والقواعد التى يستمد منها الإخوان رؤاهم وتصوراتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فضلًا عن الأهداف والوسائل والمنهج.

و«البنا» لم يكن تكفيرًيا فى العلن، ولكنه مبدأ التقية كان منهجه، فيظهر عكس ما يخفى، كما نرى ذلك من خلال الأصول العشرين التى تضمنتها أهم رسائله، وهى «رسالة التعاليم، وقد حصر «البنا» الفهم الإسلامى فى إسلام الإخوان المسلمين لا فى إسلام النبى صلى الله عليه وسلم، والأئمة فيقول البنا فى ذلك:» وإذا علم الأخ المسلم -دينه- فى حدود الأصول العشرين، فقد عرف معنى هتافه دائمًا «القرآن دستورنا، والرسول قدوتنا».

وقد عاصر «د.حبيب» وهو داخل المعسكر الإخوانى العديد من المرشدين، لكن الفترة التى قضاها كما يذكر مع «محمد مهدى عاكف» كنائب أول له كانت فترة عصيبة وعانى فيها الكثير وقد صبر على الرجل طويلًا، رغم أخطائه الكبرى، ويقول صاحب المذكرات: وكان عاكف» نوعية مختلفة تمامًا عمن سبقه.

فقد سلم «مفتاح التنظيم» الإخوانى إلى «محمود عزت» الأمين العام للتنظيم الذى لعب دورًا -مع آخرين_ فى تحويله إلى تنظيم سرى يُمارس الإرهاب والتخريب والدمار ليس ضد الدولة المصرية فقط، بل أيضًا ضد أعضاء التنظيم الإخواني نفسه، وقد واجهت ذلك دون كلل أو ملل حتى آخر ديسمبر 2009.

ولم أكن أستطيع الاستمرار مع أناس يكذبون ويخادعون، وقررت فى النهاية الانسحاب، وأنا على ثقة بأنهم سيغرقون ويغرقون التنظيم الذى خُدعت فى رسائله لسنوات طويلة.. «مذكرات د.محمد حبيب التنظيم الإخوانى ورحلة الصعود إلى الهاوية» صدرت عن دار كنوز للنشر.

اقرأ ايضاً | عبقرية العقاد l لم يكن ملحداً.. وكان أول من فضح خبث «الإخوان»

نقلا عن صحيفة الاخبار : 

2023-3-20