بدون تردد

عودة طابا للوطن الأم

محمد بركات
محمد بركات

فى مسيرة الشعوب والدول لحظات عظيمة وأيام فارقة ذات دلالة بالغة القيمة، من الصعب بل من المستحيل تجاهلها أو نسيانها بأى صورة من الصور على مر التاريخ رغم تعاقب الأزمنة ومرور السنين.


من هذه اللحظات وتلك الأيام ذلك الوهج الوطنى الساطع الذى جرت وقائعه فى مثل يوم الأمس التاسع عشر من مارس عام ١٩٨٩ منذ ٢٤ عامًا، وهو اليوم الذى تم فيه رفع العلم المصرى على منطقة طابا، إيذانًا وإعلانًا للعالم كله بعودتها إلى السيادة المصرية، وانضوائها مرة أخرى فى مكانها الطبيعى والعزيز على قلب كل المصريين فى حضن الوطن الأم.


فى صباح ذلك اليوم الخالد فى المسيرة الوطنية لمصر، تم إنزال العلم الاسرائيلى المحتل، ورفع العلم المصرى على منطقة طابا ليرفرف برياح الحرية والانتماء فوق ذلك الجزء الغالى من الوطن، فى تأكيد صحيح للإصرار المصرى الدائم على عدم التفريط فى أى جزء من أراضيها المقدسة، وعدم استعدادها للتخلى عن حبة رمل واحدة من ترابها الوطنى تحت أى ظرف من الظروف.


فى هذا اليوم المجيد كنت متواجدًا ومعى الزميل والصديق المصور الكبير الراحل «مكرم جاد الكريم» رحمه الله، كى ننقل بالقلم والصورة لقراء الأخبار ملامح وتفاصيل ذلك الحدث الوطنى المهم، الذى كانت مصر كلها تتطلع إليه بشوق كى يكتمل جهدها العظيم فى تحرير سيناء واستعادتها بالكامل إلى جسد الوطن الأم.


كانت لحظة مليئة بمشاعر الفخر والاعتزاز بنجاح مصر الكبير فى استعادتها لكامل ترابها الوطنى، الذى بدأته بالعبور العظيم وحرب اكتوبر المجيد، واستكملته بالمفاوضات التى كانت وبحق معركة دبلوماسية وسياسية بالغة القوة والذكاء.
ولمن لم يعاصروا هذه اللحظات الفارقة من شبابنا وجيلنا المعاصر، نقول بأن عودة طابا استغرقت سبع سنوات كاملة من التفاوض الشاق، وانتهت باللجوء إلى التحكيم الدولى، الذى أصدر حكمه فى ظهر يوم التاسع والعشرين من سبتمبر ١٩٨٨، بأن طابا مصرية مائة بالمائة، وأن كل الادعاءات الإسرائيلية بشأنها باطلة ولا يعتد بها.
ورغم صدور حكم المحكمة، حاولت إسرائيل المماحكة والمماطلة فى التنفيذ، ولكن صلابة مصر وموقف القيادة السياسية الرافض لكل المساومات أجبر الجانب الاسرائيلى على الرضوخ، وعادت طابا إلى حضن الوطن الأم فى التاسع عشر من مارس «١٩٨٩»، ليكتمل بعودتها لمصر كامل ترابها الوطنى بكل حبة رمل منه .

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي