حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: كرة القدم الحقيقية

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

صدق أو لا تصدق ، قطبا الكرة المصرية فى القاع الأفريقي ، والأقرب للخروج مبكرا من المنافسات ، ومخطئ من يعتقد أننا نتحدث عن كرة القدم باعتبارها أهم لعبة رياضية فى مصر والعالم ، لكننا نتحدث عن البوصلة التى توجه وتحدد الحالة المزاجية والنفسية والاجتماعية لمعظم المصريين ، والشغف الأكبر لشبابنا ، إن تراجعت تلاشى شغفهم بأمور حياتية كثيرة ، وعندما تزدهر يبدع الشباب كل فى مجاله ، نتحدث عن اللعبة التى تجمع ولا تفرق ، للقيم تبنى ولا تهدم ، تثرى روح المنافسة الشريفة ، تلهب الروح الوطنية وتزيد الانتماء ، تخلق روح البطولة لدى الجميع وتدفعهم للنصر محطمين كل القيود والتحديات ، إنها كرة القدم الحقيقية ، فهل نحن لتلك الحقيقة مدركون ؟!!

لقد عاصرنا عظماء الكرة خلقا قبل لعب ، وكانت الكرة وقتها رسالة وإحدى أهم قوى مصر الناعمة ، ولكم سافرنا لدول عربية والسؤال الأول للأشقاء « إنت أهلاوى ولا زملكاوي » ، ونستمتع بالمشادات اللطيفة بين من هو أهلاوى منهم ومن يعشق القلعة البيضاء ، والأشقاء الأفارقة كانوا يعرفون لاعبينا بالاسم مرحبين بك حسب الفانلة التى تشجعها ، فقد كان الأهلي والزمالك قطبا الدول العربية والأفريقية يشدو باسمهما العشاق مادحين مصر العظيمة التى أنجبت تلك النماذج الفذة مهارة ورجولة وروح بطولة ، مرددين الإفيهات والهتافات المصرية للقطبين ، وكان لا يغيب عن المشهد «دراويش» الإسماعيلية و«فلاحين» المحلة و«شواكيش» الترسانة ، تلك هى كرة القدم التى نتحدث عنها ، الرسالة الأخلاقية والوطنية والقوى الناعمة التى تعزز اسم مصر فى محيطها ، مصدر الفخر والبطولة والرجولة داخل الملعب ويتسلل للجماهير خارجه.

هل ما نشاهده الآن لدينا كرة قدم حقيقية ؟! بالطبع لا وألف لا ، وهل كانت فضيحة الأهلى الأخيرة أمام صن داونز الجنوب أفريقى مجرد هزيمة حتى لو بالخمسة؟ ، كأهلاوى لم أحزن للهزيمة لكن لأن من لعب فى بريتوريا ليس الأهلى «عنتيل» الكرة المصرية ، ولا هؤلاء اللاعبون أبناؤه. حزنت للانهزامية والخنوع واللامبالاة وغياب رجولة الملعب ، وأين روح الفانلة الحمراء التى طالما تفاخر بها الأهلاوية ، وهذا نفسه ما يحدث من الزمالك مدرسة الفن والهندسة الذى ينسى لاعبوه كافة الدروس ،  والإسماعيلى برازيل مصر القابع بأدائه الباهت فى قاع جدول الدورى! ، هل أصبحت هذه هى كرة القدم بمصر ؟ وللإجابة علينا أولا مراجعة نتائج منتخب الشباب الأخيرة ، وغياب منتخبنا الأول عن البطولات لسنوات ، ثم مراجعة شغف شبابنا بالدوريات الأوروبية والعربية بالمقاهى ، ورصد متابعة الأشقاء للكرة المصرية !!

الآن مطلوب وقفة حقيقية وقوية تعيد للكرة المصرية هيبتها وروحها وأهدافها ، تبعدها عن المجاملات والمحسوبية وشبح الشحناء والبغضاء التى تنهش روحنا الرياضية ، ولنضرب بيد من حديد من يغذى الفتنة سواء إعلاميين أو رياضيين ، ولنواجه الصراعات البغيضة بملاعبنا واتحاداتنا ونعيد جماهيرنا للملاعب من جديد لكن بروح تنافس وليس صراع حروب.
ورغم كل هذا ، هل غاب الأمل بإصلاح الحياة الكروية ؟ ، بالطبع لا ، والدليل ابننا وفخرنا صلاح الذى تهتز ملاعب أوروبا هتافا للفرعون المصري ، فملاعبنا مليئة بصلاح تبقى فقط إرادة الصلاح والإصلاح !!