باخموت.. مدينة رمزية ام نقطة استراجية في العملية العسكرية؟

أثار المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية في مدينة باخموت
أثار المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية في مدينة باخموت

مع كسر العملية العسكرية الروسية عامها الأول، توجهت جميع الاعين صوب مدينة واحدة صغيرة تسمى "باخموت" مزقتها الحرب، وتقع  في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، حيث تجري حاليا واحدة من أعنف المعارك وأكثرها دموية في الحرب، في الوقت الذي تحاول فيه روسيا تحقيق أول انتصار كبير لها في ساحة المعركة منذ بداية الشتاء، وفي المقابل اكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، الدفاع المستميت عن المدينة المنكوبة.

وعلى الرغم من أن الرئيس الأوكراني وصف الوضع على خط المواجهة بأنه "صعب للغاية" في خطابه الذي ألقاه مساء الأحد أمام المواطنين الأوكرانيين، إلا انه أكد خلال اجتماعه مع القادة العسكريين على مواصلة دفاع القوات الأوكرانية عن المدينة.

وقد جاءت هذه المعركة التي استمرت شهورا على باخموت على حساب مئات الضحايا الأوكرانيين والروس يوميا، وفقا لبعض التقديرات، فضلا عن مدينة باخموت نفسها.

وعلى غرار أحد معارك الحرب العالمية الأولى وصف زيلينسكي مدينة باخموت بـ"أطلال محترقة" خلال أحد خطاباته الليلية في ديسمبر.

ويعكس الهجوم الروسي على شرق أوكرانيا، أهداف موسكو التي اشارت في بداية العالمية العسكرية في الاستيلاء على المنطقتين الشرقيتين في أوكرانيا، دونيتسك ولوجانسك، المعروفتين بشكل جماعي باسم دونباس، وهو أمر صعب كلفت القوات الروسية بتحقيقه بحلول مارس، وفقا لمسؤولين أوكرانيين.

وقال يهور تشيرنييف، وهو نائب أوكراني ورئيس الوفد الأوكراني في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو، لمجلة تايم إنه على الرغم من أن باخموت "ليس ذا أهمية استراتيجية" لكييف، إلا أنهم "سيحاولون الاحتفاظ به لأطول فترة ممكنة".

تعد مدينة باخموت قبل العملية العسكرية، مدينة الصغيرة موطنا لصناعة تعدين الملح، ومصنع للمعادن غير الحديدية، ومصنع للنبيذ، وموطن لأكثر من 70,000 شخص. 

على الرغم من أنها تأخذ اسمها من نهر باخموتوفكا، إلا أنه تم تغيير اسمها إلى أرتيوموفسك خلال الحقبة السوفيتية، والتي ظلت على هذا الاسم حتى عام 2016 عندما تم استعادة اسمها الأصلي كجزء من جهود أوكرانيا "لإزالة الطائفية".

لماذا تقاتل روسيا بقوة على باخموت؟

إذا كان هدف موسكو هو السيطرة على دونيتسك ولوجانسك بحلول الربيع، فإن دخول مدينة باخموت قد يكون نقطة انطلاق مهمة في اندفاعها نحو كامل السيطرة على الجبهة الشرقية.

ويقول مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في مركز التحليلات البحرية ومقره الولايات المتحدة، إن باخموت تمثل "بوابة" إلى سلوفيانسك وكراماتورسك، وكلاهما تعرض لضربات صاروخية روسية في الآونة الأخيرة.

وتقاتل القوات الأوكرانية والروسية في منطقة باخموت منذ مايو على الأقل، حيث اكتسبت معركة الاستنزاف الطويلة هذه أهمية كبيرة كمسرح حرب، خاصة مع بدء تدفق القوات والموارد إلى المدينة الصغيرة. 

وقال يان جاجين مستشار رئيس جمهورية دونيتسك الموالي لروسيا، إنه "لا يزال هناك حوالي 10 آلاف جندي أوكراني في باخموت.. بعض الوحدات غادرتها، وبعض الوحدات تحاول المغادرة، وفي الوقت الراهن، تحاول مدفعيتنا الوصول إليهم".

تأتي تصريحات جاجين، في وقت تسيطر فيه القوات الروسية على كل مداخل المدينة، حيث بات توريد الذخيرة ونقل عسكريين للقوات المسلحة الأوكرانية "مشكلة وأمراً خطيراً".

تقول كارولينا هيرد، المحللة الروسية في معهد دراسات الحرب في واشنطن العاصمة، إن "المدينة الصغيرة تمثل واحدة من الأماكن القليلة التي حققت فيها القوات الروسية مكاسب ملموسة"، حيث يمثل الاحتفاظ بمدينة باخموت عقيدة راسخة وهدف أساسي لكلا الجيشين.

ماذا يحدث إذا سقط باخوت؟

وسيكون سقوط باخموت انتصارا تكتيكيا لروسيا، ولكن ستكون أيضا باهظة الثمن، بالنظر إلى جميع الموارد المستخدمة.

في الواقع ، يُقدر المسؤولون الغربيون أن عدد الجنود الروس الذين قُتلوا أو أصيبوا في الحرب حتى الآن يقترب من 200 ألف جندي، ارتفاعًا من تقديرات بلغت 80 ألفًا فقط في أغسطس الماضي.

ويرى المحللون العسكريون أنه في حين أن خسارة باخموت ستكون ضارة رمزيا لأوكرانيا، التي لا ترغب في التنازل عن أي من أراضيها لروسيا، إلا أنها لن يكون لها تأثير ملموس على المجهود الحربي في كييف. 

وكان قد أشار وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن قيمة باخموت في حرب أوكرانيا رمزية أكثر منها استراتيجية أو عملياتية.

أشارت وسائل إعلام أوكرانية، أن القوات الأوكرانية بدأت تشتكي من سوء التدريب وقلة الأسلحة ونقص الدعم، مما نتج عنه خسائر الفادحة في المدينة.

وذكرت صحيفة «إندبندنت كييف» أن المقاتلين لا يمنحون عملياً وقتاً كافياً للتدريب قبل إرسالهم إلى أماكن انتشارهم، حيث يستغرق تدريب بعض الجنود أسبوعين فقط.

في السياق، نشرت مجلة "ميلتاري واتش" العالمية المتخصصة بالشؤون العسكرية تقريراً وصفت فيه ما يجري بـ "مفرمة باخموت"، وأشارت وفقاً لما نقلت عنها وكالة سبوتنيك، إلى أن القوات الروسية تواصل تقدمها في المدينة وتحقق مكاسب كبيرة.

ونقل التقرير إفادات قدمها كونستانتين جونشاروف، وهو صحافي سابق في "دويتشه فيله" الألمانية من كييف، انضم إلى الجيش الأوكراني، وخدم على الخطوط الأمامية: "باخموت بالطبع مجرد مفرمة، العديد من المجندين الذين يذهبون إلى هناك، كمن يسحب ورقة يانصيب على حياتهم".