أما قبل

وليمة أعشاب الفشل!

إبراهيم المنيسى
إبراهيم المنيسى

شيء مدهش، بل ومزعج جدا، ما يتسرب حاليا عبر وسائل الإعلام من تفاصيل منتخب الشباب الكروى وخروجه المهين من بطولة الأمم الأفريقية.. البطولة التى ننظمها هنا ونتحمل كل شيء فيها لأجل تأهيل المنتخب الوطنى لكأس العالم بأندويسيا الصيف المقبل؛ فإذا به يخرج محتلا المركز الـ ١٢ بين ١٢ منتخبا مشاركا فى البطولة !!

منتخب مصر الأخير فى البطولة حصل على نقطة واحدة ولم يسجل هدفا واحدا، لكن وعندما تطالعنا التسريبات عن دواخل الفريق وعلاقة لاعبيه بجهازهم الفنى. وانتقاد مسئولين بالجبلاية للمدير الفنى وهو شغال فى البطولة واجتماع مسئول رياضى كبير باللاعبين فى غياب الجهاز الفنى ليسمع منهم رأيهم فى مدربهم وتقييمهم له.. وهو واقف بره.. وعندما تسمع أن حارسا بديلا رفض قرار الجهاز بعدم مشاركته أساسيا ليلة مباراة الافتتاح وحمل حقائبه ليغادر المعسكر لولا تدخل الكثيرين وتحايلهم عليه للبقاء.. ومش عايزين دوشة ليلة الافتتاح..

ولما تسمع أن لاعبا آخر بصق فى وجه عضو بالجهاز الفنى وآخر رد على المدرب المساعد عندما راح يحمسهم: شدوا حيلكم البطولة دى فرصة كبيرة تعبروا فيها عن قدراتكم والناس تعرفكم وترفعوا أسعاركم وتحترفوا ورد عليه اللاعب بتجاوز فج: احنا معروفين وكلنا مشهورين.. المهم أنتم الناس تعرفكم!!

منتهى التجاوز والجليطة من لاعبين شبان بحق مدربيهم؛ يكشف عن تردى العلاقة وأزمة جيل وغياب التقويم والمتابعة وسوء الاختيار.. وعايزنى أكسبها ؟!

وليمة أعشاب الفشل هذه لا يمكن تحميلها فقط على أن محمود جابر المدير الفنى للمنتخب هذا عينه أحمد مجاهد وقت رئاسته للجنة التى كانت تدير الاتحاد حسبما يدفع جمال علام والذين معه، لأن المجلس الحالى كان يمكنه تصويب القرار وعزل المدرب فى أى وقت خلال أكثر من سنة لعمل المجلس الذى كان قد عزل مدربين وإداريين وموظفين كثر كان يحسبهم على السابقين، وأين متابعة وتقييم الفنيين بالاتحاد لعمل هذا الجهاز واختياراته وقراراته ودواخل العلاقة بين الجهاز واللاعبين..

كيف انتظرنا حتى تفجر الموقف وبانت عورات العلاقة بين المدرب المغلوب على أمره والمكشوف ظهره ولاعبيه المنفلتين لدرجة البصق على مدرب والتهديد بالرحيل وفرض الانقسامات وفرض النظام حتى فى الأكل وطلب الوجبات  من الخارج.. ويضربوا دماغهم فى الحيط!!

المؤكد أن حالة الانفلات القاسية هذه لم تولد فجأة وأن وليمة العشوائيات تراكمت منذ فترة ولم تجد من يتابع ويقيم ويصوب ويبتر قبل أن تتفجر أثناء البطولة وتصبح الصورة مزرية والثمن فادحا ونكتفى بغسل الأيدى!

والمزعج بل والمخيف بالنسبة لمستقبل الكرة المصرية أن حالة منتخب الشباب مواليد ٢٠٠٣ هذه ليست أفضل من السن الأصغر منه فقد كان خروج منتخب مواليد ٢٠٠٦ مهينا أيضا قبل بضعة شهور بما ينذر بخطر حقيقى تقرع معه أجراس الإندار بصوت عالٍ لكن يبدو أنها غير مسموعة للأسف!

وبعيدا عن اتهام مجاهد أو تبرئة علام، لابد أن ندرك الحقيقة الجلية وهى أن القضية تمس النظام الكروى كله.. سابقه وحاليه.. الكرة المصرية لا تدار أبدا من خلال نظام ثابت وواضح وعلمى ومنضبط.. مسابقات الناشئين هزيلة وأكاديميات الممارسة بفلوس غالية لا يقدر عليها كثير من الأسر الفقيرة وهى الطبقة الخصبة لتفريخ المواهب الكروية كما هو ثابت فى كل بلدان العالم.. الكرة لعبة شعبية ترتبط مواهبها بالأسر البسيطة.. القصور والفيلات لا تنمو فيها غالبا المواهب الكروية.. تلك قسمة السماء ربما كهدية القدر للغلابة لتحويل ظروف حياتهم.. من خلال موهبة أبنائهم .. 

ومع طبيعة الكرة لعبة الفقراء، تجد الحال الكروى عندنا يرتع فيه الفساد الموصد أبواب الفرصة أمام البسطاء.. إلا ما ندر وتسلل ودخل ربما بالسلف والدين لسداد عمولات يتحصل عليها الكشافون ومدربو الناشئين وتجار الوضع العشوائى.. يتجولون فى القرى والحارات.. وادفع عشرين ألف جنيه وأدخلك ابنك نادى كذا.. حرام عليك.. اتصرف.. الواد هيبقى زى محمد صلاح.. خلص!!

ملاعب مراكز الشباب بالإيجار للأطفال ورسوم الأكاديميات الخاصة تحت الكبارى وفى الساحات برسوم تصل لعدة  آلاف من الجنيهات ودخول الاختبارات بالواسطة أو العمولة.. أيهما أقرب..!!

الكرة المصرية تحتاج لعمل احترافى حقيقى.. والمسابقات لا تصنع بطلا.. وتجارب الحضانات هذه لا تضمن علاجا للمبتسورين كرويا..
بناء الهرم يبدأ من أسفل.. لو عايزين!

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي