محمد البهنساوي يكتب: سيناء.. بين المعجزة والعبور الجديد !!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

«عبور جديد»، لكم استخدمنا هذا التعبير لعقود كلما همت الدولة بتنفيذ مشروع فى سيناء ولو لم يكتمل، حتى سئم البعض تلك الجملة التى ما انفكت تفقد بريقها لاستخدامها «عمال على بطال»، لكن وبكل ثقة أقول إنه وللمرة الأولى يأتى هذا التعبير فى محله وقيمته تماما أمس الأول، ونحن نتابع حضور الرئيس السيسى اصطفاف مئات المعدات استعدادا لدخولها أرض الفيروز للمشاركة بتنميتها وتعميرها، والعبور الذى نقصده هنا ليس فقط دخول تلك المعدات سيناء وتسارع جهود التنمية، لكنه يمتد لما سبق ويلى تلك الجهود، ملحمة وطنية تمثل معجزة تتم بسواعد مصرية، وتقف على أرض صلبة خصّبتها دماء أغلى وأطهر أبنائنا من شهداء الجيش والشرطة والبدو، وتكتب تاريخا جديدا لمصر كلها.

هذا الكلام ليس من قبيل المبالغة أوالتضخيم، بل إن الكلمات تعجز عن وصف ما تم ويتم بأرض القمر، ولنراجع مواقف عدة حتى ندرك حقيقة وحجم تلك المعجزة، فقد ظلت سيناء كونها بوابة مصر الشرقية التى يجب فقط حراستها حماية للداخل، وحقا تغيرت تلك النظرة بعض الشىء بعد العبور الأعظم لأبطالنا فى حرب أكتوبر المجيدة وتطهيرها من دنس الإحتلال وبدء جهود تنميتها، لكن ظلت الجهود تسير الهوينى، مشروعات كبرى يتم الإعلان عنه لكنها لا تكتمل، وخطط للتعمير لا يكتب لها الخروج للنور، جهود للتنمية تتعثر، وأخرى تظل حبيسة الأدراج، وثالثة كلامية للاستهلاك الإعلامي الشعبوي فقط.

هل يختلف أحد على أهمية سيناء الحبيبة للأمن القومي المصري، أو على كونها أرضاً بكراً مليئة بخير كثير يندر أن يجتمع فى منطقة واحدة فى العالم، إمكانيات زراعية وصناعية وتعدينية وسياحية وبيئية ودينية وغيرها الكثير، وكم سمعنا أن تأمين سيناء بالتنمية والتعمير، فبقعة مثلها يصعب تأمينها عسكريا فقط، لكن ظل مجرد كلام لدرجة أثارت شكوكاً بضغوط دولية منعت هذا التأمين والتعمير، وبعد أحداث يناير والعام الأسود لحكم العشيرة، زاد الأمر صعوبة بعد أن تحولت جبالها أوكارا تأوى كلاب النار من كل حدب وصوب، وبصدق وتجرد أقول، لو لم يفعل الرئيس السيسى سوى ما تم فى سيناء لكفاه فى صفحات التاريخ المصرى ناصعة البياض، فما هى إلا سنوات يندحر بعدها الإرهاب الأسود بفضل بسالة وشجاعة أبناء جيشنا وشرطتنا ودماء شهدائهما، ومعها تنطلق معركة كبرى لتنمية حقيقية، وتنتصر الإرادة المصرية فى الحربين بجدارة ومشاركة فعالة من بدو سيناء المخلصين، لكن هل انتهت معركة الإرهاب؟، بالطبع لا، فطالما ظلت مصر آمنة مستقرة، سيبقى الحقد عليها والتربص من قوى دولية وإقليمية وقلة من المنتسبين زورا لترابها الطاهر ليظل الخطر قائما يحتاج أعين أبطالنا الساهرة.

نعود لمعركة التنمية، وبمتابعة كلمة رئيس الوزراء خلال الاصطفاف ندرك ما تم، 610 مليارات جنيه تم إنفاقها منذ عام 2014 بسيناء، وكمثال يكشف حجم الإنجاز، فمنذ نصر أكتوبر تم إنشاء 670 كيلومتر طرق، وفى 8 سنوات منذ 2014 بلغت 3 آلاف كيلو أى 5 أضعاف ورقم مضاعفة لجودة الطرق الجديدة.

إن ما يتم على أرض سيناء يخدم التنمية لـ50 سنة قادمة، و لنراجع ما تم من أنفاق تربطها بالدلتا، وبنية تحتية قوية من تطوير مطارات وموانئ وكهرباء ومياه وصرف وإسكان وتعليم وصحة وصناعة وغيرها، فهل نشك بعد كل هذا فى العبور الجديد لسيناء إلى حضن وطنها ؟ّّ