من «آمال السلام» إلى «عودة العداء».. كيف مضت العلاقات بين الكوريتين خلال 5 سنوات؟

علما البلدين
علما البلدين

بعد ست سنوات من البعد عن الجهر بالعداء، عادت كوريا الجنوبية لتطلق أخيرًا على جارتها الشمالية لفظ "العدو"، وذلك بعد سنوات أخيرة كانت ترمي إلى إحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية، لكنها اتسمت بالجمود بعدما لاحت بوادر أمل في البداية بأن يعم السلام شطري شبه الجزيرة الكورية بعد عقود من الفرقة والعداء.

وقالت وزارة الدفاع الوطني في كوريا الجنوبية، أمس الخميس، إن الكتاب الأبيض للدفاع في سيول لعام 2022 يعرّف كوريا الشمالية على أنها "العدو"، وذلك لأول مرة منذ 6 سنوات، وجاء في البيان الرسمي: "الكتاب الأبيض الجديد للدفاع يصف حكومة كوريا الشمالية وجيشها بأعداء كوريا الجنوبية".

وتعكس الوثيقة التي تصدر كل عامين، التغييرات في هيكل وقدرة القوات العسكرية لكوريا الشمالية، وتسلّط الوثيقة الضوء على أن بيونج يانج وصفت كوريا الجنوبية بأنها "عدو محدد"، في الجلسة العامة للجنة المركزية للحزب الحاكم في ديسمبر 2022.

يأتي ذلك بعد خمس سنوات من بداية مباحثات لإحياء السلام بين الكوريتين، والتي كانت في مسار يعبد إنهاء الحرب والتوتر بين البلدين في البداية، إلا أن ذلك أفل بعد سنتين من ذلك وبدأت الأمور رويدًا رويدًا تسير نحو لغة التصعيد إلى أن وصلت إلى مرحلة العداء مجددًا.

طريق السلام غير المكتمل

بداية بوادر السلام كانت في 9 يناير عام 2018، حينما عُقدت أول قمة سلام بين الكوريتين تعقد في قرية بان مون جوم، على الحدود الفاصلة بين الكوريتين، وذلك إيذانًا بانعقاد أول قمة للسلام بين الكوريتين بعد سنوات من القطيعة.

ومنذ سبعينيات القرن الماضي لم تجلس شطرا شبه الجزيرة الكورية على طاولة مفاوضات واحدة بين بلدين كان في السابق يشكلان دولة واحدة، لكن ذلك حدث مطلع عام 2018، لتنعم شبه الجزيرة الكورية بهدوء نسبيٍ بدلًا من لغة التصعيد.

وكانت نتيجة هذه القمة أن شاركت الكوريتان في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير عام 2018 تحت راية كوريا الموحدة، حينما استضافت كوريا الجنوبية الألعاب الأأولمبية في مدينة بيونج تشانج.

وتكرر الأمر كذلك في مطلع عام 2019، حينما شارك منتخب كوريا الجنوبية، المتأهل إلى كأس العالم لكرة اليد في ألمانيا والدنمارك، تحت راية "كوريا الموحدة"، وخاض وقتها منتخب كوريا المباراة الافتتاحية للبطولة ضد ألمانيا في حدث وُصف وقتها بـ"التاريخي".

قمة تاريخية

وعقب الاجتماع الأول في يناير 2018، عقدت قمةٌ تاريخيةٌ في الـ27 من أبريل عام 2018، بين الزعيمين الكوري الشمالي كيم جونج أون، والجنوبي مون جيه إن، اتفقا خلاله على نزع الأسلحة النووية، وغرسا شجرة الصنوبر إيذانًا ببدء السلام، وعبرا الحدود الفاصلة بين البلدين سويًا، كاسرين بذلك كل العوائق السياسية بين البلدين، التي ظلت جاثمةً لنحو 7 عقود.

لكن شيئًا فشيئًا ابتعد السلام عن شبه الجزيرة الكورية، ليصل الأمر بعد خمس سنوات على انعقاد القمة أن لغة التصعيد والتوتر هي التي تحكم العلاقات بين الكوريتين لتبعد آفاق السلام، التي كان يتمناها الكوريون مع حلول عام 2018.

التصعيد في الذكرى الخامسة

ومع حلول الذكرى الخامسة لقمة السلام بين الكوريتين، أعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، في 9 يناير الماضي، أن الجيش أرسل طائرات بدون طيار إلى الشمال عبر خط الترسيم العسكري الفاصل بين الكوريتين كإجراء للدفاع عن النفس، ردًا على حادث اقتحام الطائرات المسيرة الكورية الشمالية التي اخترقت المجال الجوي الكوري الجنوبي الشهر الماضي، مشيرةً إلى أنه لا يمكن تقييد ذلك الحق باتفاقية الهدنة، وذلك نقلًا عن وكالة "يونهاب" الكورية.

وأشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية جون ها كيو، في إحاطة دورية، إلى أن اختراق كوريا الشمالية لخط الترسيم العسكري بطائرات مسيرة بدون طيار في نهاية العام الماضي يعد "عملًا استفزازيًا ينتهك بوضوح اتفاقية الهدنة والاتفاق الأساسي بين الكوريتين لعام 1991 واتفاقية 19 سبتمبر العسكرية لعام 2018".

وأضاف جون ها كيو أن "رد الجيش الكوري الجنوبي على الطائرات المسيرة الكورية الشمالية كان متناسبًا مع الاستفزازات العسكرية الواضحة لكوريا الشمالية، وهو إجراء مماثل من حيث الحق في الدفاع عن النفس"، مؤكدًا أن ميثاق الأمم المتحدة يكفل حق الدفاع عن النفس.

وردا على الإشارة التي مفادها أن انتهاك بنود اتفاقية الهدنة يجب أن يخضع لتحقيق تجريه قيادة الأمم المتحدة، قال المتحدث إن قيادة الأمم المتحدة ستحقق في ذلك. وأضاف أن المراجعة القانونية التي أجرتها الوزارة تفيد بأن المادة 51 لميثاق الأمم الأمتحدة تكفل حق الدفاع عن النفس. وشدد على أن الميثاق لا يمكن تقييده باتفاقية الهدنة، لأن اتفاقية الهدنة تخضع للميثاق أيضا.