قمة كييف الأوروبية تمد أجل المعركة .. الحرب مستمرة حتى آخر جندي أوكراني

قمة الـ20 زعيما
قمة الـ20 زعيما

خالد حمزة

بينما تراوح العملية العسكرية عملياتها دون فائز أو مهزوم، وعلى وقع صافرات الإنذار المضادة للطائرات في كييف، انعقدت القمة الرابعة والعشرون بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، وهى الأولى منذ بداية الحرب منذ نحو العام، وبحضور خمسة عشر من أعضاء المفوضية، في أكبر استعراض لعزم الأوروبيين على مواصلة الدعم غير المسبوق الذى يقدمونه لأوكرانيا، أما الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، فقد شدد على أن انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبى طريق لا عودة عنه، وأعرب عن أمله فى بدء المفاوضات قبل نهاية العام الحالى.

رئيس المجلس الأوروبى شارل ميشال، أكد أن الاتحاد يثنى على الجهود التى بذلتها أوكرانيا لاستيفاء شروط الانضمام، وأنه سيكون معها فى جميع مراحل الانضمام إلى الاتحاد، وأنه لن تكون هناك هدنة فى الدعم الأوروبى الحازم ضد الروس، وأن أوكرانيا هى الاتّحاد الأوروبى والاتّحاد الأوروبى هو أوكرانيا، فى حين قالت رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، إن الانضمام عملية تقوم على الكفاءات، وإنه لا توجد مهل طويلة، لكن ثمة أهدافًا لا بد من تحقيقها. وأن مستقبل أوكرانيا هو فى الاتحاد، وأن مستقبل القارة يُكتب اليوم فى أوكرانيا، لكنها أوضحت للرئيس الأوكرانى، أن طريق الانضمام ما زال طويلا، ودونه حزمة كبيرة من الإصلاحات، التى تستدعى جهدًا كبيرًا ومتواصلًا فى مجالات عدة مثل مكافحة الفساد والدفاع عن حقوق الأقليات والنظام الضريبى واستقلالية السلطة القضائية. كما أنه لابد من الموافقة الجماعية من دول الاتحاد على انضمام أوكرانيا له.
وخلال القمة، ظهر بوضوح حدود الدعم الأوروبى الذى بجانب المساعدات الاقتصادية والإمدادات العسكرية، لن يتجاوز أبدًا خطوط التدخل المباشر فى المعارك، وأعلنت فون دير لاين عن حزمة من التدابير الرامية إلى دمج الاقتصاد الأوكرانى فى السوق الداخلية الأوروبية. وتشمل هذه الحزمة عشرات المشاريع فى قطاعات المال والاتصالات والطاقة والتعليم والمساعدات الاجتماعية لملايين اللاجئين الأوكران فى بلدان الاتحاد، كما وعدت بحزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، وقالت إن الاتحاد سيعلن عنها بمناسبة ذكرى مرور سنة على بداية الحرب بعد أسابيع قليلة من قمة كييف. ورأت أن العقوبات المتخذة منذ سنة أدت إلى تراجع الاقتصاد الروسى «جيلًا إلى الوراء»، مشيرة إلى أن تحديد سقف لسعر النفط الروسى عند مستوى 60 دولارًا، يكلف موسكو 160 مليون يورو يوميًا، وأكدت المفوضية أن مجموع المساعدات المالية المقدمة لأوكرانيا بلغ 50 مليار يورو، فضلًا عن منح جميع اللاجئين الأوكرانيين فى بلدان الاتحاد كل الخدمات والحقوق، التى يتمتع بها المواطنون الأوروبيون، وأن عدد الأوكرانيين الذين يستفيدون منها حاليًا يزيد على أربعة ملايين.

وكـــــان الرئيــــس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قد وضع كل ثقله خلال هذه القمة، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، لتسريع عملية الانضمام إلى الاتحاد، الذى يواجه معارضة شديدة من بعض الدول المتوازنة فى مواقفها تجاه الحرب مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، مقابل تأييد بولندا ودول البلطيق المجاورة لروسيا، ولم يتوقع زيلينسكى أن بلاده ستصبح عضوًا فى الاتحاد الأوروبي فى اليوم التالى من اجتماع كييف، مؤكدًا أن الأهمية تكمن فى بدء المفاوضات حول هذا الملف فى أقرب وقت ممكن، وطلب زيلينسكى من الأوروبيين تزويده بأسلحة بعيدة المدى، تمكّن القوات الأوكرانية من الدفاع عن مدينة باخموث التى وصفها بالحصن المنيع، مؤكدًا أن قواته لن تغادر المدينة مهما حدث من تضحيات. وأكد أنه إذا تسارعت عمليات تسليم أسلحة غربية إلى كييف خاصة الأسلحة بعيدة المدى، فلن نكتفى بعدم الانكفاء من باخموث، بل سنباشر وضع حد لاحتلال دونباس الواقعة شرقى أوكرانيا، وتسيطر روسيا على قسم منها بمساعدة الانفصاليين الأوكران، بينما رأى المسؤول الأوروبى عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل، أن الاتحاد الأوروبى لم ولن يتوقف عن دعم الأوكرانيين، وقال إن إجمالى المساعدات العسكرية التى قدمها الاتحاد الأوروبى لأوكرانيا بلغ 12 مليار يورو حتى الآن، وكشف أن البلدان الأعضاء تقوم منذ فترة بتدريب ما يزيد على 30 ألف جندى أوكراني، بمن فيهم المكلفون بتشغيل الدبابات الحديثة التى سيحصل عليها الجيش الأوكرانى قريبًا، وفى مقدمتها دبابات «ليوبارد 2» الألمانية، التى تملكها جيوش عدة دول أعضاء فى الاتحاد، كما أن هناك أسلحة فى الطريق لأوكرانيا من عدة دول أوروبية أخرى، أبرزها بريطانيا وإيطاليا وفرنسا.
وحسب صحيفة التايمز البريطانية، هناك مساعدة أمريكية جديدة لأوكرانيا تبلغ قيمتها 2.2 مليار دولار، وتشمل صواريخ قد تضاعف تقريبًا مدى الضربات الأوكرانية، كما أعلن الاتحاد الأوروبى أنّه يعتزم تكثيف جهوده الرامية لإيجاد طريقة تتيح له استخدام الأصول الروسية المجمّدة لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا ولدفع تعويضات، وفقًا للقانونين الأوروبى والدولى.

وفوق الأرض وعلى الجهة الأخرى، قال مسؤولون روس إن قواتهم تطوّق باخموث من عدة اتجاهات، وتسعى للسيطرة على طريق يمثل طريق إمداد مهمًا للقوات الأوكرانية، واعتبر عضو مجلس الدوما الروسى السابق سيرجى ماركوف خطوة الاتحاد الأوروبى الأخيرة، بمثابة انخراط مباشر فى الحرب، ووصف أوكرانيا بـالدولة المحتلة من حلف شمال الأطلنطى الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، وقال إنّ الغرب يدير المعركة بالوكالة من خلال كييف ضد موسكو، وإن الإجراءات غير المسبوقة ضد موسكو، بما فيها المساعدات العسكرية والعقوبات الاقتصادية، وتحديد سقف لسعر البترول والغاز الروسى، لم تجدِ نفعًا مع موسكو، فالاقتصاد الروسى الذى توقع الغرب سقوطه مازال قويا.
ونفى الكرملين تقارير تفيد بأن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، عرض على موسكو اقتراح سلام سرى، يتضمن تنازل أوكرانيا عن خُمس أراضيها لروسيا مقابل إنهاء الحرب الدائرة منذ نحو العام، ووصفها بأنها زائفة، كما نفت واشنطن بدورها التقرير الذى نشرته صحيفة سويسرية، وجاء فيه أن بيرنز سافر سرًا إلى موسكو الشهر الماضى لطرح الخطة، ويبدو أن الحرب ستظل مستمرة حتى آخر جندى أوكرانى.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ ٨ /٢ /٢٠٢٣

 

اقرأ أيضأ : الرئيس الأوكراني يعقد اجتماعات لتعزيز مؤسسات الدولة