استراتيجية أمريكا في أوكرانيا.. نبوءة الثعلب العجوز أقرب من أي وقت مضى

صورة موضوعية
صورة موضوعية

تتزاحم عدد من الأسئلة حول طبيعة الاستراتيجية الأمريكية المستقبلية تجاه الحرب الروسية - الأمريكية، وذلك قبيل ساعات من خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن الثاني عن حالة الاتحاد ليلة الثلاثاء.. المؤشرات الراهنة تعزز التوجه نحو وجود "تحول محدود"في هذه الاستراتيجية، لا سيما في ضوء تراجع دعم الحزب الجمهوري لتمويل الدفاعات الأوكرانية في مواجهة العملية الروسية. 


وفقا ل" الواشنطن بوست" فإن خطاب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام الكونجرس ديسمبر الماضي، لم يلقى تجاوبا كبيرا من الجمهوريين، وبررت الصحيفة ذلك مايردده نصف الجمهوريين أو أكثر الآن "إما إننا نفعل الكثير لمساعدة أوكرانيا أو أنه يجب علينا التوقف عن تمويل دفاعها".


بعيدا عن توقعات " واشنطن بوست" فإن مقترح ثعلب الدبلوماسية الأمريكي هنري كيسنجر في دافوس قبل أشهر "الأرض مقابل وقف الحرب" أقرب للتنفيذ من أي وقت مضى، ويدعم هذا التوجه اظهار استطلاع للرأي أجرته "واشنطن بوست-إيه بي سي نيوز "أن نصف الجمهوريين يقولون الآن إننا نفعل "الكثير" من أجل أوكرانيا. 


وهذه نسبة أعلى من ال 18 في المئة في أبريل 2022. الأمر الأكثر إثارة للدهشة أن الاستطلاع الذي أجرته "إن بي سي نيوز "الأسبوع الماضي أظهر أن 63 في المئة من الجمهوريين يعارضون "توفير المزيد من التمويل والأسلحة لأوكرانيا". 


- فرص التهديد الروسي لأمريكا


ما سبق يدفع نحو التساؤل لماذا الأن؟ حتما الأمر لا يتعلق بالتكلفة المالية، ولا بالجمهوريين الذين يقفون إلى جانب روسيا بشأن أوكرانيا، لكن يتعلق الأمر في الغالب بإيمان الجمهوريين بالمجهود الحربي الأوكراني والشكوك المتزايدة في أن العملية الروسية لا تشكل تهديدا مباشرا بالولايات المتحدة. وربما تحديدا بتنامي الاستعداد داخل أوساط الجمهوريين لمنح روسيا بعض الأراضي الأوكرانية التي تسعى إليها..


عامل أخر يعزز هذه الفرضية، إذ أعطى استطلاع جديد  أجرته مؤسسة غالوب الناس خيارا ثنائيا بين دعم جهود أوكرانيا لاستعادة أراضيها وإنهاء الحرب بسرعة - حتى لو كان ذلك يعني السماح لروسيا بالإبقاء على الأراضي التي ضمتها حديتا، واختارت أغلبية طفيفة من الجمهوريين الأول، لكن 41 في المئك كانوا على استعداد للتنازل عن احتفاظ روسيا بالإقليم باسم إنهاء الحرب. وإذا أضفنا إلى ذلك المسألة المالية، يبدو الجمهوريون أكثر انفتاحا على احتفاظ روسيا ببعض الأراضي. 


استطلاع أخر أجري في نوفمبر لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية شكل معضلة مماثلة إلى حد ما: بين دعم أوكرانيا "مهما استغرق الأمر" حتى لو كان ذلك يعني ارتفاع أسعار الغاز والمواد الغذائية المحلية، أو التفاوض على تسوية "حتى لو كان ذلك يعني أن أوكرانيا ستفقد بعض الأراضي". انقسم الجمهوريون حول نفس المسألة في صيف عام 2022، ولكن بحلول نوفمبر اختاروا التسوية الأسرع بهامش 2 إلى 1 تقريبا. 


وإذا كانت المعطيات تقود حتما إلى النتائج، فإنالنعطيات الراهنة تؤكد بما لايدع مجالا للشك وجود جزء متزايد من الحزب الجمهوري يرى أن التكاليف لا تستحق العناء، بالنظر إلى التوقعات غير المؤكدة لنجاح أوكرانيا. أو ربما يقوم الجمهوريون الذين يفضلون سياسة خارجية غير تدخلية فيما يتعلق بأوكرانيا بردم أسباب الانسحاب من الحرب. بمعنى أخر لا يمانع غالبية الجمهوريين في منح روسيا جزء من الأراضي الأوكرانية مقابل وقف نزيف الحرب الراهنة.