حروف ثائرة

مهنيه BBC بين الحق والباطل

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

كثيرون وأنا منهم ليسوا من هواة نظرية المؤامرة وإلصاق كل فشل بها، قد يصبح ذلك حقيقيا فى الأمور الشخصية، لكن فى السياسة الدولية ومن قديم الأزل فإن المؤامرات واقع لا مراء فيه، وتكون النظرية متكاملة الأركان من تخطيط وتمويل وتنفيذ، وأحد أهم أدوات التنفيذ الناجح لها ومنذ عقود الإعلام، وقد نجحت الدول الكبرى فى خلق أدوات إعلامية قوية بلا شك ولا تعمل بشكل عشوائى، إنما من خلال دراسات نفسية واجتماعية متعمقة لتحقيق أهدافها التآمرية، وقد حققت تلك الأدوات نجاحا منقطع النظير.


هذا الكلام جال بخاطرى من جديد وأنا أطالع أهم الأخبار بوسائل الإعلام، وإذا بتقرير نشرته شبكة بى بى سى حول وجود خلافات مصرية سعودية، وسارت فى دلالاتها الهشة فى نفس السياق الذى تسلكه وسائل الإعلام الإخوانية وغيرها من المتربصين بمصر والمنطقة العربية بأسرها من تحويل الحق لباطل وتضخيم كل صغير وتجاهل أى إيجابى خدمة لغرضها، وقد لا نحتاج دلالة على أن هؤلاء جميعا ينهلون من معين واحد قاتم السواد، لن أسعى لتفنيد الأسانيد الواهية التى ارتكن إليها التقرير، لكن فقط أشير إلى النقطة المضيئة الوحيدة فيه وهى مئات الردود والتعليقات عليه والتى هاجمت جميعها توجهات الشبكة الإعلامية الدولية الكبرى، وأكدت على الروابط التاريخية والأزلية بين الدولتين الأهم فى العالمين العربى والإسلامى، فاضحين الغرض والمرض ومداد الوقيعة الذى كتب به التقرير، بل هاجموا القلة القليلة من المعلقين سواء من ينهل منهم من نفس المعين الأسود أو المغيبون الواقعون فى شباك الوقيعة !!
ولعل هؤلاء المغرر بهم برأيى المتواضع هم من يلعب عليهم الإعلام الموجه محاولا استقطاب المزيد منهم مستندا الى أوتار سلوكية ونفسية مستغلين ما سبق وقلته من الدراسات التى تحكم عملهم، وبكل أسف فقد وقع الكثيرون بالعالمين العربى والإسلامى فى شراك تلك الخديعة، وبأسف أكبر أن من بين المغرر بهم على مدار القرن الماضى عدد من الحكام والحكومات، فكانت الحروب والصراعات التى لم تخدم يوما سوى أهداف المتربصين، لنظل فى دائرة لا نغادرها من الخلاف والتراجع والصراع، وقد حققت تلك المؤامرات نجاحات كبرى، ليس فقط من الصراع والخلاف الدائم بين بعض الدول العربية والإسلامية إنما بين الشعب الواحد داخل كل دولة، كما نجحوا فى إقناعنا بأمور باطلة كثيرة آمن كثيرون منا أنها حق، فصرنا مقتنعين أن قدراتنا محدودة، وتقدمنا مستحيل، ووحدتنا خطر علينا، والمحتل لأرضنا صاحب حق، وأننا لسنا بمبدعين ولا جديرين برقى أو تقدم.
ولعل كل ما سبق معروف، لكن الجديد أن هناك شعاع أمل ولو كان ضعيفا بدأ يبزغ بفهم تلك المخططات والدليل كما قلت الأغلبية الكاسحة من الردود على تقرير بى بى سى التى تهاجم توجه الشبكة وتكشف غرضها الأسود، وأعتقد أنه آن الأوان لمواجهة قوية لتلك الخطط الخبيثة، فالوقت أجده مناسبا لنجاح تلك المواجهة وتصحيح توجه ومفاهيم شعوبنا، فهناك قيادات بالفعل فى المنطقة ومنذ سنوات تدرك قيمة ومكانة وإمكانيات دولها وتدرك حجم التربص، وعلى رأسهم مصر والسعودية، واعتقد ان تلك الحقيقة كانت وستبقى سببا للوقيعة بين البلدين الكبيرين، لأن المتربصين يؤمنون أن إصلاح المفاهيم ومواجهة المخططات إذا بدأت من هاتين الدولتين المؤثرتين فى محيطهما فسيمتد لباقى الشعوب العربية والإسلامية، وهذا هو الخطر الحقيقى على مصالحهم ومخططاتهم.