تعظيم سلام للقرية| «الشرقية»: شنبارة والمهدية قريتان تُحاربان البطالة

الفلاحون وسط حقولهم
الفلاحون وسط حقولهم

 القرية المصرية ذات جذور عريقة وتاريخية منذ آلاف السنين، ظلت مؤثرة ومازالت  تقدم حلولاً عملية لمختلف الأزمات التى مرت وتمر على مصر بين الحين والآخر، وآخرها الأزمة الاقتصادية العالمية التى تلقى بظلالها على مختلف الدول، بسبب الأحداث في أوكرانيا وقبلها جائحة كورونا. حلول غير تقليدية دائماً ما تستخدمها القرية المصرية للتعامل مع أى ازمة، خاصة الأخيرة المتعلقة بارتفاع الأسعار فسريعاً ما تتحول القرية إلى منظومة متكاملة للإنتاج والتشغيل وتحقيق الاكتفاء الذاتى من مختلف السلع.. فى هذا الملحق نسلط الضوء على نماذج لقرى مصرية وصلت للعالمية بفضل سواعد أبنائها المخلصين، ورفعت اسم مصر عالياً بفضل تغلبها على المشاكل والأزمات.

تحظى محافظة الشرقية بعدد من القرى النموذجية التى تحولت إلى قرى منتجة واستطاعت أن تهزم البطالة بفضل سواعد أبنائها وإبداعاتهم الخلاقة والذين أيقنوا منذ سنوات بعيدة أن التنمية الشاملة لن تتحقق إلا بسواعدهم.

وأن عليهم ممارسة العمل الحر وعدم الانتظار الوظيفة الميرى لتحقيق ذاتهم والخروج من لائحة القرى الأكثر فقرًا، حيث تحولت تلك القرى إلى خلايا نحل منتجة ولا يوجد بها عاطل وبدأت تغزو الأسواق العربية والأوروبية بمنتجاتها وتحقق المنافسة المطلوبة.


خلال السطور القادمة نقدم نماذج من تلك القرى التى يُحتذى بها لتحقيق التنمية المستدامة..
قرية شنبارة الميمونة)، هى إحدى قرى مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، أيقن أهلها منذ سنوات بعيدة بأن التنمية لن تتحقق إلا بسواعدهم، وأن عليهم ممارسة العمل الحر وعدم انتظار الوظيفة الميرى لتحقيق ذاتهم والارتقاء بأحوالهم المعيشية والاجتماعية.

فبادر معظمهم بإقامة مزارع للثروة الحيوانية ﻹنتاج الألبان واللحوم وقام آخرون بتجميع الخضار وفرزه وتنظيفه وتوريده لمصانع تعبئة الأغذية، وبذلك نجحت القرية فى ضرب عصفورين بحجر واحد، حيث تم توفير فرص عمل لأبنائها وتحقيق زيادة فى دخول أسرها.


يقول جمال عبد العزيز الرفاعى: تشتهر قرية شنبارة الميمونة بزراعة البسلة والبامية منذ سنوات فكرت فى استغلال الكميات التى تنتجها القرية فى مشروع استثمارى لحماية المزارعين من الخسائر التى يتكبدونها لعدم تناسب الإيرادات مع التكلفة الفعلية ولتوفير فرص عمل جديدة للشباب وزيادة موارد أسرتى المالية.

فبادرت بالتوجه إلى مصانع تعبئة وحفظ المواد الغذائية لعرض مشروعى الذى يرتكز على فرز البامية والبسلة وتنقيتها وتنظيفها وإعدادها  للتعبئة فتم الترحاب بعرضى والتعاقد معى للتوريد بشروط محددة.

وعقب عودتى لقريتى أعلنت عن انطلاق مشروعى لاستقبال الشباب والفتيات الراغبين فى العمل معى، وكانت المفاجأة تسابق ربات البيوت على العمل فى هذا المشروع بعد علمهن بأن عملهن سيكون داخل منازلهن.

حيث يقوم الشباب بتوزيع شكائر البسلة والبامية بالتروسيكلات عليهن ليقمن بتفريطها وتقميعها وفرزها لاستبعاد الحبوب غير الصالحة للتخزين وتنظيفها من أى شوائب وإعادة تعبئتها فى شكائر بأحجام مختلفة.


وقال جمال إن هذا المشروع وفر 600 فرصة عمل للشباب وربات البيوت وحقق دخلًا يوميًا لكل منهم يتراوح ما بين 150 جنيهًا إلى 250 جنيهًا، وأضاف بقوله إنه يتم توريد ما يقرب من 20 طنًا يوميًا من البسلة والبامية فى فصلى الشتاء والصيف للمصانع الخمسة التى تم التعاقد معها.

وأوضح أن مشروع تقشير البسلة يحقق فائدتين لكل ربة منزل أولهما زيادة دخلها وثانيهما استخدام قشور البسلة فى تغذية رؤوس الماشية، حيث إنها من أجود أنواع الأعلاف التى تُسهم فى زيادة إدرار الألبان، وفى حالة عدم حيازتها للثروة الحيوانية تقوم ببيع قشور البسلة لأصحاب المزارع.


وامتد نشاط تلك القرية وذاع صيتها فى مجال تربية الثروة الحيوانية، حيث لا يخلو منزل فى القرية من مزرعة صغيرة أو كبيرة لما يحققه هذا النشاط من إيرادات مالية كبيرة.


ويقول الحاج عبد الرحمن عبد الفتاح أيقن أهالى قرية شنبارة الميمونة إلى خطورة مشكلة البطالة بين الشباب، فبادروا بإقامة مشروعات للثروة الحيوانية لتحقيق الاستقرار النفسى والاجتماعى لأبنائهم وتوفير دخول ثابتة لهم تحقق أحلامهم وطموحاتهم فى الحياة وتؤهلهم للتقدم للزواج.


ويقول إن تلك المشروعات وفرت مئات من فرص العمل للشباب بمبالغ كبيرة يكفى القول بأن راتب العامل الذى يقوم بحلب الأبقار والجاموس والذى يقوم برعاية القطيع وخدمته لا يقل راتبه عن عدة آلاف من الجنيهات.


وأشار إلى أن تلك المزارع وفرت فرص عمل لعشرات من الشباب خريجى كليات الطب البيطرى والذى قام بعضهم بممارسة المهنة من خلال المزارع وقام آخرون بافتتاح صيدليات بيطرية.


ويقول محمد سعيد إن قرية شنبارة الميمونة تشتهر بالسمعة الطيبة فى إنتاج الألبان التى تتسم بالنظافة وارتفاع نسبة الدسم بها، ولذلك فإنها تشهد إقبالًا كبيرًا من تجار ومصانع الألبان ويكفى القول بأن 60 سيارة تحمل 80 طنًا من الألبان تنطلق يوميًا من القرية إلى محافظات القاهرة والإسماعيلية والإسكندرية ومدينتى العاشر والزقازيق.


وكما يتوافد عشرات من التجار على سوق القرية المقام على منطقة مسماة (كوبرى السمنة) لشراء منتجات الألبان من جبن وزبد بأسعار تنافسية.


ومن القرى المنتجة أيضًا قرية المهدية، وهى إحدى قرى مركز ههيا بمحافظة الشرقية، ذاع صيتها منذ سنوات بعيدة لكونها متخصصة فى زراعة الخضرة، خاصة البقدونس الذى أصبح مصدر الرزق الأساسى لأهالى القرية، حيث تبلغ مساحة القرية الكلية 1248 فدانًا المساحة المنزرعة منها 1145 فدانًا، ويبلغ عدد سكانها 18433نسمة 90% منهم يعملون بزراعة الخضرة التى تشمل البقدونس والشبت والكسبرة والكرات، ويرجع ذلك إلى أن عائدها سريع ومجزٍ وتحقق مكاسب هائلة ولسهولة التسويق.


وقد التقت الأخبار عددا من مزارعى القرية.. يقول الحاج عبده أبو زايد، 62 عامًا، إن البقدونس نبات عشبى يحتاج إلى أشعة الشمس والطقس المعتدل والتربة قليلة الملوحة وجيدة التهوية والصرف، لذا تتم زراعته فى بداية فصل الربيع، حيث يتم حرث التربة مرتين وإضافة الأسمدة البلدية والكيماوية لها، ثم بذر التقاوى التى يتم نقعها فى الماء الدافئ لمدة 24 ساعة.

ثم تُروى الأرض وبعد الإنبات تخفف النباتات بحيث تكون المسافة بين كل نبات وآخر 5 سنتى ويتم تنظيف المحصول من الحشائش وإضافة السماد له مرة أخرى، ويتم رى البقدونس يوميًا باعتدالٍ بحيث لا يُغمر بالماء.


وأشار إلى أن المحصول يتم حصاده بعد شهرين من زراعته ويستمر حصاده لمدة 18 شهرًا، وأن نجله وابنته يساعدانه فى زراعة الخضرة فى مساحة فدان ونصف الفدان، وأكد أن المحصول يُحقق عائدًا يوميًا مجزيًا لسهولة تسويقه فى جميع محافظات مصر.


ويقول المزارع احمد ابراهيم 57 عاما لقد تزوجت ورزقنا الله بـ5 أبناء فكان لابد من البحث عن عمل يحقق عائدا ماديا يوميا على أفراد الأسرة فسارعت باستئجار مساحة 10قراريط وزرعتها بالبقدونس حيث انه يحقق عائدا مجزيا طول العام.


وأشار الى ان البقدونس يتم بيعه بالربطة للتجار الذين يتوافدون على القرية لشراء المحصول أولا بأول وان سعر الربطة يرتبط بفصول السنة حيث ينخفض سعرها فى فصل الشتاء لكثرة انتاجه بينما ترتفع أسعاره خلال أشهر الصيف لتأثر المحصول بدرجات الحرارة المرتفعة ويلتقط انفاسه ويقول الحمد لله لقد تمكنت من اتمام زواج 2 من بناتى وباقى أولادى فى مراحل التعليم المختلفة موضحا أن نجله الوحيد وزوجته سندا له فى زراعة البقدونس وعن فوائد البقدونس قال انه يجدد الخلايا وينشط الذاكرة والجهاز العصبى والهضمى وهو من النباتات ذات القيمة الغذائية العالية.

اقرأ ايضاً | قريه «شنبارة الميمونة» بالشرقية.. نموذج لتجارة الخضروات والألبان