محمد قناوي يكتب: «بعيدا عن النيل» عندما تتجاوز الموسيقي حدود الخلافات

الكاتب الصحفي محمد قناوي
الكاتب الصحفي محمد قناوي

احتفي جمهور الأقصر، بعرض الفيلم الوثائقي «بعيدا عن النيل» الذي يشارك في مسابقة الفيلم الطويل بـ مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية  بحضور المخرج شريف القشطة، فامتلأت قاعة سينما قصر ثقافة الأقصر بالجمهور من مختلف الفئات العمرية، وتفاعلوا مع الفيلم بشكل كبير وكأنه فيلم درامي بحت فتشاهد ضحكات الجمهور في المواقف الطريفة وصمته وانصاته في المواقف الجادة التي يتعرض لها أعضاء المشروع وتناقشوا مع مخرجه بعد انتهاء العرض بكثير من الحميمية.


فبالرغم من أن الفيلم وثائقياً عن فرقة «مشروع النيل» لكن الجمهور تعامل معه بشكل مختلف، وتفاعلوا مع أحداثه التي دارت حول لجوء 12 موسيقياً من 11 دولة تطل على النيل إلى الموسيقى باعتبارها نموذجاً للتعاون يتجاوز الحدود والخلافات، فبعيدًا عن الاختلافات السياسية واختلافات العادات والتقاليد، يعيش 12 فنان موسيقي من قارة إفريقيا وتحديدًا دول حوض النيل، في تجربة طويلة خلال تواجدهم معًا ضمن جولة فنية في أمريكا، ويظهر الفيلم الوثائقي، كيف يتعاملون معا في غربتهم، وكيف يتفاعلون ويتواصلون بسهولة من خلال حبهم الأسمى للموسيقى.

الفيلم لا يتحدث عن الموسيقى وتفاصيلها، بل يتحدث عن رحلة أصحابها، رحلة تحققهم ووسيلتهم في إثبات ذائقتهم الموسيقية في بلد غريب عنهم تمامًا، وهم كذلك، فهم ليسوا نسيجًا واحدًا من كافة البلدان الإفريقية، بل هم مختلفون في الطباع والذوق، والروح الكوميدية أيضًا.

وتتبع الفيلم رحلة «مشروع النيل» وهو مشروع فني موسيقي تكوّن منذ العام 2011، لأجل تضييق فراغ التواصل بين دول حوض النيل، وإيجاد المساحات الفنية والإنسانية المشتركة بين تلك الدول، في وقت ظهرت بدايات الصراع الحالي على مياه النهر القديم بين دول الحوض، وبخاصة دولتي المصب "مصر والسودان"، وكبرى دول المنبع "إثيوبيا" ويقوم المشروع علي اختيار فنان واحد من كل دولة من دول الحوض الأحد عشر، يجتمع هؤلاء كلهم ويقومون بتقديم عدّة جولات طويلة المدى، بدأت أولاها في 2014 بعدة حفلات في دول أوروبية مختلفة، وبين نفس العام والعام 2016 ارتحل المشروع في بضع دول في أفريقيا.

خلال التحضير لجولة جديدة، حضر المخرج المصري شريف القطشة إحدى البروفات التحضيرية للفريق من خلال صديق مشترك، واندهش من حالة الاختلاف الخلّاق التي ينتجها الفريق، على شكل موسيقى قائمة على التواصل العابر للغات والأديان والمرجعيات الثقافية، لأجل "التحام" هذه التباينات بعضها مع بعض، وتكوين حالة مُجمّعة ، طلب شريف من الرئيس التنفيذي للمشروع أن يشاركهم في الجولة القادمة، التي من خلالها تكوّنت مادة الفيلم: مائة يوم من الترحال والبروفات والحفلات المُكثفة في الولايات المتحدة الأمريكية، مباشرة قبل أن يجتاح وباء كورونا العالم.


يمزج سيناريو الفيلم بين الوثائقي والدرامي، فخلال الأحداث نعيش مع جوانب مختلفة للشخصيات وتفاعلاتها اليومية المتغيرة فيما بينها، ما بين توافق أو اختلاف، غضب أو فرح، حب أو بعض من الكراهية، والفيلم به لحظات كوميدية بالغة الروعة، وتحديدًا مع عادل ميخا، والأغاني التي ظهرت بالفيلم، وهي أغنيات فلكلورية إفريقية المبهجة، حيث يقوم كل فرد من أفراد الفرقة بغناء أغنية خاصة به من وحي الفن الشعبي الخاص بدولته، وذلك بمساعدة زملائه من الدول الأخرى المختلفة الذين يدعمون بعضهم البعض في كل الأوقات، أضفت حالة من البهجة والحب لدى الجمهور، وحرص الفيلم كذلك على تسليط الضوء على الحياة الخاصة لعدد من أفراد الفرقة، وروتينهم اليومي، فنجد مكالمات بعض الأعضاء لأفراد أسرتهم تكشف عن علاقتهم بهم وحرصهم على تلقي الدعم والمساندة منهم في هذه الأوقات الفارقة، حتى التفاصيل الدقيقة التي يقوم بها بعض الأفراد، حرص مخرج العمل على التركيز عليها، ليعيش مع كل شخصية من أعضاء الفرقة، أهم التفاصيل التي يقومون بها وتؤثر فيهم.

اقرأ ألمزيد | تفاصيل افتتاح مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته الـ12