الهجوم على سفارة أذربيجان ضربة جديدة للعلاقات بين باكو وطهران

السفارة الأذربيجانية فى إيران
السفارة الأذربيجانية فى إيران

كتبت : سميحة شتا

مع تصاعد التوترات بين أذربيجان وإيران بشأن قضايا عدة من بينها علاقات باكو بإسرائيل وصراعها مع أرمينيا بشأن منطقة ناجورنو قرة باغ الانفصالية وقع هجوم غير مسبوق على سفارة أذربيجان فى العاصمة طهران، حيث قتل مسلح بالرصاص حارس أمن وأصاب شخصين آخرين، فى هجوم وصفته باكو بأنه «عمل إرهابي» قالت إنه ناجم عن عدم استجابة طهران لمطالبها بتعزيز الأمن حول السفارة.. ووفقا لرويترز قالت الشرطة فى طهران أنها ألقت القبض على مشتبه به.

ونددت السلطات الإيرانية بالواقعة لكنها استبعدت وجود دافع سياسى وراء الهجوم. واتضح خلال التحقيقات الأولية أن المهاجم استهدف طاقم السفارة لدوافع شخصية، إذ يعتقد بأن السفارة الأذربيجانية ساهمت فى نقل زوجته إلى العاصمة باكو قبل 9 أشهر، وذلك من دون إذنه.


بعد الحادث وجهت وزارة الخارجية الاذربيجانية بيان شديد اللهجة، قالت فيه أن الحملة المعادية لأذربيجان فى إيران ساهمت فى الهجوم، دون أن تقدم توضيحا، واتهمت إيران بتجاهل استمر طويلا لدعوات باكو من أجل تعزيز الأمن عند سفارتها فى طهران.


تأتى الواقعة وسط تصاعد التوتر بين أذربيجان وإيران التى تضم أقلية عرقية آذرية كبيرة، بعد أن عينت باكو أول سفير لها فى إسرائيل هذا الشهر.


أذربيجان-الجمهورية السوفيتية السابقة-دولة مسلمة تقع على حدود إيران، وتربطها علاقات ودية مع الولايات المتحدة وإسرائيل.. وصارت لإسرائيل سفارة فى باكو فى أوائل التسعينيات وكانت داعما عسكريا كبيرا لأذربيجان فى السنوات الماضية وقدمت دعما دبلوماسيا لباكو فى مواجهتها مع أرمينيا حول منطقة ناجورنو قره باغ.


ويقول موقع Eureporter لم يكن الهجوم على السفارة الأذربيجانية هو الوحيد فلا يوجد بلد فى العالم بمأمن من الهجمات الإرهابية على السفارات الأجنبية، لكن العديد من الهجمات على البعثات الدبلوماسية فى تاريخ إيران (من مذبحة السفارة الروسية فى عام 1829 إلى اختطاف السفارة الأمريكية فى عام 1979 والقنصليات السعودية فى عام 2016) كانت تحدث دائمًا بعلم وأمر من السلطات الإيرانية. ولطالما ألمحت طهران إلى أن إسرائيل وحلف شمال الأطلسى والولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحرض السكان على الاحتجاج ضد النظام من أراضى جارتها الشمالية.


ومرت العلاقات بين طهران وباكو فى مسار كثير الانحناءات والتعرجات المليئة بالتعقيدات والتشعبات، فمن ناحية تشكل العلاقات المتسارعة بين باكو وتل أبيب مصدر قلق حقيقى للنظام الإيرانى الذى يرى فيها دوراً سلبياً وتهديداً مباشراً للأمن القومى الإيرانى.

ووصل التوتر بين الطرفين إلى الحد الذى اتهمت طهران الحكومة الأذرية بتقديم تسهيلات للموساد الإسرائيلى فى العمليات الأمنية التى استهدفت منشآت نووية، فضلاً عن استخدام الأراضى الأذرية لتنفيذ علمية الاستيلاء على الوثائق السرية المتعلقة بالبرنامج النووى التى كانت مخبأة فى منطقة طوقوز آباد.


ومن جهة أخرى أطلقت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية على المناورات العسكرية التركية الأذرية المشتركة التى أطلق عليها رسميًا اسم «القبضة الأخوية» اسم «مرتبة من قبل الصهاينة» وقالت وكالة إيسنا الايرانية أن باكو تحولت إلى عدو لطهران، بسبب نفوذ إسرائيل وتركيا وحلف شمال الأطلسى.

وفى الواقع، يزعمون أن الناتو نفسه هو الذى يضغط على إنشاء ممر «توران»، الذى يربط أنقرة وباكو، وبالتالى دول أخرى فى آسيا الوسطى التركية. ولأن أذربيجان أصبحت عدوًا لآيات الله، «كان من الطبيعى قبول خصمها الإقليمي، أرمينيا، كحليف وثيق لإيران»، كما تم التأكيد.. التعاون المتزايد بين حكومة أذربيجان و«إسرائيل».

وخلال السنوات الأخيرة، انعكس سلباً على الأمن الإيراني، إذ ارتبطت أسماء الجهتين بأكثر من ملف أمنى فى إيران، بدءاً من اغتيال العلماء النوويين وصولاً إلى نشر الأسلحة الإسرائيلية منها المسيّرات بالقرب من الحدود الإيرانية.


وتتطور العلاقات القائمة بينهما على معادلة النفط مقابل السلاح وفق مبدأ بن جوريون الذى ينص على ضرورة إنشاء علاقات وثيقة بين الكيان المحتل مع النظام القائم فى أذربيجان. 


وفى إشارة إلى إمكانية اتخاذ طهران خطوات عسكرية، حذِّر وزير الخارجية الإيرانى، حسين أميرعبد اللهيان فى وقت سابق أنَّ بلاده لن تقبل أى وجود للإرهاب الصهيونى قرب حدودها، وسوف تتعامل معه بالطريقة نفسها التى تعاملت بها مع الوجود الصهيونى فى إقليم كردستان.

وجميع الدلائل تشير إلى أنَّ حادث السفارة الأذربيجانية حصل على خلفية أسباب شخصية تتعلق بحياة رجل انقطعت آماله فى عودة زوجته من بلدٍ آخر، لكنَّه ربما دخل بذلك إلى لعبةٍ أكبر من أسرته، خصوصاً بالنظر إلى إصرار حكومة باكو على تحويل الملف إلى محطةٍ للتصعيد فى وجه إيران كدرعٍ بالوكالة عن الآخرين.


اقرأ ايضاً | السفيرة الأمريكية الجديدة تصل موسكو‎‎