أسامة عجاج يكتب: الملك عبدالله في واشنطن.. مهمة «تبريد» منطقة «مشتعلة»

 الاجتماع الأخير للملك عبدالله بن الحسين مع الرئيس جون بايدن فى البيت الأبيض
الاجتماع الأخير للملك عبدالله بن الحسين مع الرئيس جون بايدن فى البيت الأبيض

فى خضم أحداث يمكن أن تؤدى إلى انفجار منطقة الشرق الاوسط ومخاوف حقيقية من اندلاع انتفاضة ثالثة جديدة أشد وأخطر ومن مواقف حكومة اسرائيلية هى الأكثر تطرفا فى تاريخ اسرائيل دارت عجلة اتصالات وتحركات ماراثونية فى المنطقة فى محاولة لاحتواء الازمة ووقف تدهورها فقد شهدنا جولة وزير الخارجية الامريكى انتونى بلينكن.

وهى الرابعة الى المنطقة حيث نقلته الى القاهرة وتل ابيب ورام الله وعنوانها الكبير هو:  بحث آليات التهدئة مع طرفى النزاع اسرائيل والفلسطينيين ومصر باعتبارها صاحبة القدرة على التعاطى مع الجانبين يضاف الى ذلك زيارة مدير المخابرات الامريكية ويليام بيرنز  ايضا الى المنطقة وزيارته الى القاهرة وليبيا ومن المؤكد ان الوضع فى الاراضى الفلسطينية كان فى مقدمة القضايا التى تم طرحها فى لقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع قضايا أخرى عديدة.


 ونتوقف هنا على الزيارة التى قام بها الملك عبدالله بن الحسين ملك الاردن الى العاصمة الامريكية الاسبوع الماضى والتى تأتى فى نفس الاطار ولنفس الاهداف ونتوقف عند بعض الملاحظات التى يمكن رصدها من خلال فعاليات هذه الزيارة ونتائجها وهى كالتالى :      
أولا : ان اللقاء الاخير هو الرابع فى سلسلة لقاءات الملك عبدالله مع جو بايدن خلال عام ونصف وكان الاول فى يوليو 2021 وكان اللقاء الاول مع اى من قادة منطقة الشرق الاوسط ويعود ذلك الى طبيعة الدور الذى يلعبه الاردن فى اطار محيطه الجيو استراتيجى وقدرته على التعاطى بايجابية مع كل قضايا الجوار الاقليمى.

وفى القلب منها القضية الفلسطينية والوضع فى العراق والملف السورى وغيرها وحرص الادارة الامريكية على التواصل مع الاردن لهذه الاسباب والخبرات المكتسبة لدى القيادة الاردنية فى هذا المجال ويأتى فى اطار ذلك الأتصال المشترك الثلاثي الاستثنائى على هامش الزيارة بين الرئيس الأمريكى والملك عبدالله ورئيس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى.

والذى خلق اهمية مضافة إلى الزيارة خاصة انه وفقا لمصادر مطلعة تناول التعزيز والتأكيد على استمرار العودة العراقية الى محيطه العربى من خلال تنفيذ الاتفاقيات الثنائية بين الاردن والعراق والثلاثية مع مصر على كافة المستويات.


ثانيا :حجم اللقاءات والاجتماعات التى عقدها الملك عبدالله بن الحسين والتى شملت اركان الادارة بشقيها التنفيذى والتشريعى وشملت الرئيس الامريكى جون بايدن ونائبته كامالا هاريس ووزير الخارجية انتونى بيلنكن أنتونى.

 
ومع رئيس مجلس النواب كيفين مكارثى  وهى الأولى له بعد انتخابه منذ اسابيع فى منصبه وتبعه لقاء موسع مع قيادات من رؤساء اللجان فى مجلسى النواب والشيوخ وحضره زعيم الديمقراطيين فى مجلس النواب حكيم جيفرير والجمهوريين ستيف سكاليس .  


ثالثا : تشير نتائج الزيارة الى النجاح الكبير للاردن فى التأكيدات التى حصل عليها جلالة الملك عبدالله فيما يخص الوصاية الاردنية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية فى القدس فأمر هذه الوصاية يخرج من اطار الالتزام الدينى الى أبعاد أخرى وارتباطها بالعائلة الهاشمية.

وقد عبر عن ذلك الملك عبدالله  عندما اشار فى فطور الدعاء الوطنى ال ٧١ فى واشنطن الى ان القدس لم تكن امرا سياسيا قط بل هى مرتبطة بالعائلة بشكل شخصى منذ حمل امانة الوصاية الهاشمية قبل مائة عام مستذكرا استشهاد الملك المؤسس عبدالله عبدالله بن الحسين.

والذى خرج منه الملك الحسين سالما وكان الالتزام الامريكى تجاه تلك الوصاية واضحا وجاء على لسان الرئيس جون بايدن الذى اقر بدور الاردن الحاسم كوصى على الاماكن الاسلامية المقدسة فى القدس.

ومن نائبة الرئيس هاريس التى أعادت التأكيد على التزام بلادها بدعم الاردن فى كافة المجالات مشددة على اهمية دور المملكة فى الحفاظ على الوضع القائم فى القدس وحماية المقدسات بموجب الوصاية الهاشمية.

وهو نفس ما ذهب اليه قادة مجلس النواب من الحزبين الجمهورى والديمقراطى  ولعل اهمية مثل هذا الموقف ارتباطه بتوقيت غاية فى الاهمية ان نتنياهو لم يستطع الوفاء بتعهداته الذى قدمها للملك عبدالله اثناء زيارته للعاصمة الاردنية عمان حول الابقاء على وضع القدس بعد كل ماقام به الجانب الاسرائيلى.

ويمس بتلك الوصاية ومن ذلك اعتراض طريق السفير الاردنى غسان المجالى فى اوائل الشهر الماضى من دخول المسجد الاقصى والاخطر اقتحام وزير الامن القومى الاسرائيلى ايتمار بن غفير للمسجد الاقصى وتصريحاته المستفزة بعد عودة نتنياهو من الاردن وقوله ( مع الاحترام للاردن،  فذلك لن يمنعنى من دخولى المسجد الاقصى مرة أخري، ) ، مضيفا ( اسرائيل دولة مستقلة ولا يمكنها قبول وصاية أى دولة أخرى على جزء من ارضها ).

وبهذا فان الزيارة نجحت فى التأكيد على الموقف الامريكى من قضية الوصاية وضمنت مؤيدا وداعما قويا لها فى تلك القضية وهو الاقدر على الضغط على اسرائيل ووقف مخططاتها تجاه النيل من تلك الوصاية التى قد تسبب فى تفجير المنطقة. 


رابعا : العمل على مستويين عاجل وآنى اما الاول فهو ضمان عدم انفجار الاوضاع والوصول الى اندلاع انتفاضة ثالثة جديدة ستكون مختلفة من حيث الانتشار والعمليات عن سابقتها خاصة مع اقتراب شهر رمضان والمواجهات بين المصلين وجنود جيش الدفاع الاسرائيلى ومحاولات اقتحام المسجد من قبل المستوطنين كما حدث العام قبل الماضى.

واستمرار  عمليات الاقتحام والاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين وردود افعالهم عليها والتى تمثلت فى عملية القدس وعلى الصعيد الثنائى مع السلطة الوصول الى وقف التنسيق الامنى الذى سينعكس سلبا على مجمل الاوضاع فى الاراضى المحتلة.

وقد توازى مع ذلك اتصالات امنية على اعلى مستوى بشكل ثنائى بين مصر والاردن فى محاولة التهدئة بالسعى لدى الطرفين الفلسطينى والاسرائيلى اما المستوى الثانى فهو دعوة الملك عبدالله للقيادة الامريكية بانهاء تحفظ على طرح  امريكا مقاربة او آلية للحل اعتمادا على قدرة الطرفين والدول الوازنة فى المنطقة على ذلك ويمكن فهم ذلك فى تشديد الملك عبدالله على الدور القيادى لامريكا فى ايجاد افق سياسى حقيقى للحفاظ على فرص تحقيق السلام الشامل والعادل القائم على حل الدولتين وهو ماذهب اليه الرئيس الامريكى بايدن.

اقرأ ايضاً | بالأرقام.. أبرز العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية في الفترة الأخيرة