إنها مصر

تدريس «سوشيال ميديا» فى المدارس !

كرم جبر
كرم جبر

اقترحتُ فى مجلس الشيوخ تدريس «سوشيال ميديا» فى المدارس، وأحدثَ الاقتراح ردود أفعال متباينة، بين القبول والتحفظ والرفض، وإن كانت النتيجة تشير إلى الاهتمام الكبير بالاقتراح.


الأمر شديد الخطورة؛ لأن السلبيات كثيرة نتيجة الاستخدام السيئ الذى يؤدى فى بعض الأحيان إلى كوارث، علاوة على الانفلات الأخلاقى الذى انفجر فى المجتمع، وأخرج أسوأ ما فيه.
اقتحام هذا العالم من أوسع أبوابه، حيث التحمت الثورتان التكنولوجيتان الرابعة والخامسة، ويمضى التطور بسرعة مذهلة.
لم أقصد الألعاب والتسلية والمنصات فقط، وإنما الأنظمة التكنولوجية المتطورة، القادرة على التعامل مع التحديات التى تواجه المجتمع فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وملاحقة نظم الابتكار أولاً بأول.
تقول بعض الدراسات إن «معظم» الأطفال الذين يدرسون فى المدارس الابتدائية الآن يتأهلون لوظائف غير موجودة حين يتخرجون، للاعتماد على التشغيل الآلى على حساب العنصر البشري، ويقتضى الأمر ركوب قطار الثورة التكنولوجية مثل بقية دول العالم المتقدمة وعدم التخلف عنه.


ودون دخول فى تفصيلات فالثورة التكنولوجية الخامسة التى تقتحم بشدة، تعتمد على الدمج بين البشر والآلة، للوصول إلى الوظائف والخدمات بأقصى سرعة وأقل مجهود، وتنمية الذكاء العقلى للإنسان ليتوافق مع الذكاء الاصطناعى.
السؤال هنا: ما الذى يمنع أن يخطط الأساتذة والعلماء المصريون من الآن لمناهج دراسية متدرجة، لتأهيل الجيل الجديد للثورة القادمة؟
المعترضون يقولون إنه لا داعى لأن نثقل على التلاميذ، خصوصاً فى الحضانة والمرحلة الابتدائية بمناهج إضافية، وأن تتم التوعية فى شكل حملات مستمرة، وتوعيتهم بالمخاطر فى البيت أولاً بأول.
أما المؤيدون فيؤكدون أن المزايا كثيرة، لأن الأطفال الحاليين هم «جيل التكنولوجيا»، ويمكنهم الاستيعاب والتفاعل فى سن مبكرة، للتواصل مع العالم الجديد واللحاق بالركب.
ولنضرب أمثلة ببعض الجوانب الضارة نتيجة عدم الوعى الثقافى بمخاطر سوشيال ميديا.
الألعاب الإلكترونية، أصبح لها تأثير خطير على الأسر المصرية، لأنها تدخل معظم البيوت، وحدثت جرائم نتيجة محاكاة ما يحدث فى هذه الألعاب، ويحتاج الأمر «تنظيف» الألعاب الإلكترونية من الجوانب السلبية، والاهتمام باقتصادياتها وصناعتها، والنظر إليها فى إطار الاستفادة من المزايا والتقليل من المخاطر.


والمنصات الأجنبية مثال آخر؛ لما تبثه من محتوى يتعارض أحياناً مع القيم الدينية والأخلاقية، ويحتاج الأمر حملات توعية مستمرة، وحجب المواد المتعلقة بالتطرف والإلحاد والمثلية، ولو تم تدريس هذه القيم فى المدارس منذ الطفولة يمكن تجنب كثير من الأفكار الضارة.
المنع لم يعد مستطاعاً فى عالم أصبح الآن قرية تكنولوجية كبيرة، والقادم مثير وخطير، وتطورات لا يعلم أحد مداها ومسارها، ولا سبيل إلا بتأهيل أولادنا وبناتنا للتعامل مع هذه المتغيرات المتلاحقة، بدرجات كبيرة من الدراسة والوعى والفهم والإدراك.
وأعتقد أن الموضوع يحتاج لحوار مجتمعى.