أوراق شخصية

مغامرة العباقرة الصغار! «2»

آمال عثمان
آمال عثمان

منذ بدء الخليقة وذكاء الإنسان ليس له حدود، يولد الطفل عبقرياً بالفطرة، ولكن الإهمال يهدر ذلك النبوغ، والسؤال: تُرى لو عاش بيننا د.أحمد زويل ولم يهاجر إلى أمريكا، هل كان سيحقق تلك المكانة العلمية، ويحصل على جائزة نوبل؟! وماذا عن غيره من النوابغ المصرية المهاجرة، أمثال د.مجدى يعقوب، د.محمد العريان، د.فاروق الباز، محمد صلاح، رمزى يسى وغيرهم، هل كانوا سيحققون تلك النجاحات المبهرة فى وطنهم؟!

لذا أتابع باهتمام شديد رحلة فريق المركز القومى للبحوث، برئاسة د.عمرو هلال عضو اللجنة الوطنية للأدوية، ومغامراتهم فى أقاصى مصر وأطرافها، للتنقيب عن الجواهر الصغيرة المُهمشة بالمناطق النائية، والكشف عن كنز من العباقرة يضاهى حقل ظُهر للغاز، ومناجم السكرى للذهب.

ووسط دهشة الجميع، انتهت الطفلة «زهرة» من مرحلة اختبارات الذكاء الأولى، ولم يكن يتوقع أحد أن الطفلة الهزيلة التى تعانى نوعاً من التقزم، يمكن أن تتقدم على أقرانها وتحصد أكبر نسبة ذكاء! وحين طلبت منها د.أمل السعيد -استشارى الوراثة البشرية بقسم الأطفال بالمركز القومى للبحوث- الحصول على فترة راحة قبل استكمال المرحلة التالية الأكثر صعوبة، رفضت ابنة التسع سنوات، واستكملت بعزيمة وإصرار ومثابرة، لذلك منحها د.عمرو قطعة بسكويت بداخلها فيتامينات ومعادن، ابتكرها خصيصاً لأولئك الأطفال المحرومين من التغذية السليمة، لكنها احتفظت بها فى يدها، لكى تعطيها لشقيقها الصغير، فشعر بالإشفاق عليها ومنحها قطعة أخرى، لكن إحساسها بالمسئولية جعلها تحتفظ بالقطعة الأخرى لتتقاسمها مع أشقائها!

ومن «سمسطا» على حدود بنى سويف، إلى قرية «المقاتلة» بالفيوم. القرية التى لها نصيب من اسمها، أطفالها أفضل ذهنياً وجسمانياً، ومعدلات ذكائهم أعلى من سابقتها، ومن بين 16 طفلاً فى المدرسة المجتمعية، عثر فريق البحث على 3 أطفال نوابغ «آدم» و«نورهان» و«عمر»، اقتربت نسب ذكائهم فى الاختبارات من 120 درجة، وحصل الطفل الموهوب فى الرسم آدم على 113 درجة، رغم تأثير مشاعر الخجل والقلق عليه!! 

إن هؤلاء العباقرة الصغار الذين يعيشون تحت خط الفقر، يجب أن نستثمر فيهم ونوفر لهم منحاً دراسية ورعاية صحية، ونُنمّى ذكاءهم ومواهبهم لمدة تصل إلى 15 سنة، من خلال مشروع تُشارك فيه منظمات المجتمع المدنى والبنوك ورجال الأعمال، لكى نجنى ثمار أولئك النوابغ، ولا نتركهم للإهمال والنسيان.. فهل من مجيب؟!