قلم على ورق

الأقصر.. السينما خلود الزمان

محمد قناوى
محمد قناوى

«السينما خلود الزمان»، شعار يرفعه مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية فى دورته الثانية عشرة التى تنطلق السبت المقبل كأنه يبعث برسالة لأجدادنا القدماء الذين يقام المهرجان بين أحضان معابدهم، أنهم إذا كانوا قد حققوا خلودا فى الزمان والمكان بآثارهم العظيمة وبحضارة تمتد آلاف السنين، فإن السينما ايضا تحقق خلودا للحكايات والقصص الانسانية والتاريخية 
وما أشبه الليلة بالبارحة، وكأن السنوات تجرى على قضبان قطار سريع، أحد عشر عاما مرت سريعا على انطلاق مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، وها هو يستعد لإطلاق دورته الثانية عشرة السبت المقبل، محققا نجاحات كبيرة عاما تلو الآخر ليحول الأقصرعاصمة الآثار الفرعونية فى العالم إلى عاصمة للسينما الإفريقية - كما أطلقت عليها من قبل- فقد انطلق المهرجان فى ظروف تاريخية نعرفها جميعا بداية من عزلة مصرعن عمقها الإفريقى وتبعات ثورة يناير، وعدم الاستقرار الذى شهدته مصر خلال تلك الفترة، ولكن المهرجان واجه كل الظروف والتحديات ليصبح حقيقة على أرض الواقع متفاعلا مع أهل المدينة التى انطلق فيها، تفاعل معهم وتفاعلوا معه وصارت بينهما ذكريات وأحلام وآمال ينتظرون قدومه إليهم كل عام ليحول مدينتهم الأثرية إلى مدينة ساحرة متيمة بحب السينما، تتلاقى فيها حضارة آلاف السنين وفنونها ومعابدها الضاربة فى جذور التاريخ مع الثقافة الإفريقية العريقة وفن السينما فى القارة السمراء، وتصبح الأقصر محط انظار بل ورحلة سنوية ينتظرها السينمائيون الأفارقة ليتواجدوا فى مصر، يستمتعون ويتناقشون ويتعاونون مع نظرائهم فى مصر، بل أصبح المهرجان وجهة سياحية لهم، بعد سنوات طويلة من التجاهل سواء كان متعمدا أوغير ذلك، وايضا نقطة تواصل ثقافية وفنية بين أبناء القارة، فتحول من مهرجان سينمائى إلى منصة تلاقى انسانى وليحقق الهدف الذى أنشئ من أجله الذى حدده صُناعه من البداية فكان هدفه من البداية دعم وتشجيع الإنتاج السينمائى الإفريقى والشراكة بين دول القارة من خلال توطيد الروابط الإنسانية والسياسية بين شعوب القارة وخلق شبكة من التواصل المستمر مع صناع السينما الإفريقية، وتقديم دعما مالى ولوجستى وفنى لهؤلاء الصُناع، فنجح المهرجان فى تحقيق أهدافه وأبرزها توطيد الروابط الإنسانية والسياسية بين شعوب افريقيا، فيكفى أن نعلم أن الدورة الأولى من المهرجان شارك فيها 18 دولة فقط ويشارك فى دورة هذا العام 31 دولة تمتلك صناعة سينما، كل هذه المشاركات تؤكد على توثيق الروابط الإنسانية بين مصر ودول القارة والذى لا شك انه ينعكس على الروابط السياسية وعلاقات الدول، ليصبح المهرجان أحد أذرع قوة مصر الناعمة فى القارة السمراء.