«وابور الترجمان»: رواية جديدة للكاتب محمد زيان ترصد حكاية الحي الشعبي في بولاق أبو العلا 

محمد زيان
محمد زيان

صدر للكاتب الصحفي «محمد زيان» نائب مدير التحرير بمؤسسة أخبار اليوم رواية جديدة بعنوان «وابور الترجمان»… المال والسياسة في بولاق أبو العلا، عن دار المثقف للنشر والتوزيع، ترصد حكاية الحي الشعبي، والعلاقات الاجتماعية بين السكان  في حي بولاق أبو العلا التاريخي، وطبيعة الحياة في هذا الحي الشعبي، وعلاقات السكان، وحياة التجارة التي يعيشونها، فمعظم سكان الحي يعملون في تجارة الخردة والبالة والمقاهي المنتشرة في هذا الحي أكثر من البشر، فبين كل مقهى وآخر يوجد مقهى، وتشابكات العلاقات الاجتماعية بين التجار وبعضهم البعض، وطموح الحي وأهله ورجاله الأقدمون وهيبتهم وتاريخهم الذي سار مع تاريخ الحي العامر بالبطولات والحكايات ، فضلاً عن أهميته. 

وتقدم الرواية تشريح اجتماعي للحياة داخل المجتمع البولاقي في صورة أدبية تسرد تاريخ الحي القديم الذي اشتهر بالقيم والشهامة والعادات والتقاليد ، والوقوف في وجه الاحتلال عبر رجاله - الفتوات - الذين قدموا أرواحهم في مواجهة العدو ، وازالة الغبار عن صورة الفتوة الذي قدمته السينما على أنه ظالم ويأخذ الحق بالقوة ويجبر الرجال على ترك الحي ، من خلال توضيح دوره الحقيقي ورسم معالم شخصيته التاريخية التي اتضحت في  الحكم بالعدل ورد الحقوق لأهلها وطرد الذين يرتكبون الخطايا من مجتمع بولاق لأنهم آتوا بأخلاق ما ليس في شيم سكانه ولا تتناسب مع أهله ، فكان لهذا المجتمع ما يميزه من تقاليد وأعراف ، وواجه الفتوات الاحتلال الانجليزي والفرنسي  حين اندمجوا في المقاومة الوطنية بجوار الضباط الأحرار أمثال فهمي دياب وإبراهيم كروم ومحمد دسوقي ملك النار الذي كان يملك مصنع سلاح يساعد به الجيش على مقاومة الإحتلال ، وقدموا نماذج في البطولة والتضحية .

ويقارن المؤلف حاضر بولاق أبو العلا وواقعها وقيمها وتقاليدها في الماضي مع رجالها الأقدمين وما تعيشه اليوم وآل اليه حال هذا الحي العامر القديم الممتلىء بالحكايات والتفاصيل ، وطبيعة السمات الآن وعلاقاتهم الاجتماعية وتصرفات شباب الحي وجموع أهله وساكنيه، والتي تختلف عن سكانه السابقين ، فقد تغيرت القيم والعادات والتقاليد في هذا الحي الذي يسكنه كثير من الدروس والعبر . 

تلقي الرواية الضوء على طبيعة الحياة داخل مجتمع يحمل بداخله كل الطبقات الاجتماعية من تجار وعمال وصنايعية ونواب ورجال أعمال يعيشون جميعهم في حي واحد ، وحين يجن الليل يسكنون في أماكن مختلفة ، فضلا عن الطبيعة الجاذبة للحي لكل من يعيشون به ، والذين حتى وان عاشوا خارجه فانهم يرجعون اليه مرة أخرى، يعيشون نهارهم في الحي ويسكنون ليلهم في بيوتهم التي تقع في أحياء الزمالك والمهندسين وامبابة . 

ويلقي المؤلف في روايته الضوء على المقاهي القديمة المنتشرة في حي بولاق أبو العلا وتاريخها، والتي لها تأثير في المجتمع البولاقي من خلال رجالها وأصحابها الذين كانت لهم أسماء في القديم ومعروفين ويشتهر كل واحد منهم بخصال وأفعال ومواقف فرضت على أهل حي بولاق أبو العلا أن يبقى اسمه حاضراً حتى هذا الوقت ، أمثال مقهى الفلاح وسلامة صبرة ودلايل وزعرورة ومقهى زوبة، وما تركه رجال هذه المقاهي من رجولة وشهامة وخصال ومواقف، وما كان يشتهر به كل من هذه المقاهي، مثل لعب القمار وألعاب الحظ وطبيعة المترددين عليها وما صاحبها من مواقف وأحداث ، ونساء الحي التي عملت "معلمة"- تدير مقهى ولها شخصية رجولية في الحق والكلمة والمواقف يهابها الرجال ويحسبون لها ألف حساب.  

ويشارك "زيان" في معرض القاهرة الدولي - في دورته الثالثة والخمسين - بالرواية - التي صدرت مع انطلاقة المعرض في دورته الحالية، ولديه العديد من الأعمال الآخرى التي يشارك بها عن دار المثقف للنشر والتوزيع . 

وتناقش الرواية العادات والتقاليد والقيم التي عاشت بين جدران الحي القديم ، وتآكلت مع مر الزمن مثل جدران الحي القديم التي تنهدم فوق ساكنيها وتتناول الرواية قصة الصراع على الانتخابات البرلمانية في دائرة بولاق ابو العلا بين مرشحين كثيرين وانحصارها بين ثنائية اللواء والتاجر في تصوير الصراع بين السلطة والنفوذ.
ويرى المولف أن الأهمية التاريخية التي يحظى بها هذا الحي كانت وراء الكتابة عنه، فهو يحمل بين صفاته تنوعاً انسانياً ومهنياً ، حتى بين صنوف البشر الذين يعيشون فيه بين جدرانه المتهالكة، والصراعات التي تدب بينهم على المال والشهرة ، فضلاً عن امتلاك هذا الحي بين دفتيه مؤسسات كبرى ، وهيئات عظمى ، مثل مباني المؤسسات الصحفية القومية التي تشهد على هذا الحي وتوجد في شارع الصحافة ، ومبنى التليفزيون - ماسبيرو - على كورنيش النيل ، المطابع الأميرية ، ومبنى وزارة الخارجية وبجوارها متحف العربات الملكية . 

تكشف الرواية تفاصيل الصراع الانتخابي الذي شهدته بولاق أبو العلا، واستخدام المال والنفوذ في تغيير الواقع ، وكيف تعامل أهالي بولاق مع هذا المشهد الذي ظل يخيم على الحي لفترة طويلة منذ عام ١٩٩٥ وحتى سنة ٢٠١٠.

وكان الكاتب الصحفي محمد زيان قد حصل على الماجيستير من المدرسة العبيات للصحافة والتواصل والعلاقات الدولية بباريس ESJ Paris، ويعمل مدرساً لمادة الصحافة المكتوبة بالمدرسة التي تعد أقدم مدرسة للصحافة في العالم، حيث أنشأت عام ١٨٩٩، حيث لها ١٢٢ عاماً حتى الآن، ودرس بها عظماء ومشاهير أمثال أناتول فرانس ، تشارلز بيجي ، رومان رولان والملحنون غابرييل فوري ، كلود ديبوسي ، موريس رافيل ، وصحفيين كبار ، أمثال  جورج بوردون ، جورج كومبو ، جورج حوردين .  والمؤلفين مثل ليون زيتون ، باتريك دي كاروليس ، برنارد ويربر أو حتى فيليب دجيان وجيرار دي فيلييه  . 

اقرأ أيضا | روائع مقتنيات مكتبة الإسكندرية في عدد تذكاري من «ذاكرة مصر»