إنها مصر

وكانت أيامًا سوداء !

كرم جبر
كرم جبر

لا أنسى ما صرّحت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كونداليزا رايس" بأن الحروب الدينية فى الشرق الأوسط سوف تستمر 30 عامًا غلى غرار حروب الثلاثين عامًا فى أوروبا فى القرن الـ 17، لاستنزاف المجتمعات العربية وإنهاك قواها.

ويعقب ذلك تحقيق الديمقراطية البائسة، بأن يجلس المتحاربون المنهكون على موائد التفاوض؛ ليتفقوا كيف يحكمون أنفسهم؟

"تفكيك الدول وإعادة تركيبها".. وكان مُخططًا لمصر نفس السيناريو، وأن تستمر فى فتن وحروب وصراعات لمدة ثلاثة قرون.

ولا أنسى ما قاله وزير الخارجية الأمريكى الأسبق "كولن باول" بأن الربيع العربى سيجعل المنطقة جنةً للديقراطية، واتضح أنها الخراب والدمار والإرهاب والحروب الدينية والقضاء على الجيوش والهوية الوطنية وانهيار الدول وشقاء الشعوب.

ولا أنسى المظاهرات الإخوانية المسلحة وإطلاق الرصاص والمولوتوف والخرطوش على الأبرياء، وأعضاء الجماعة الإرهابية وهم يفرضون سيطرتهم ويحتلون المساجد ويُحاصرون مرافق البلاد الحيوية، ويمنعون القضاة من دخول المحكمة الدستورية، ويعتدون على الإعلاميين والضيوف فى مدينة الإنتاج الإعلامى.

وحازم صلاح أبو إسماعيل والبلتاجى وصفوت حجازى، وباقى طابور الإرهابيين الذين أخرجهم مرسى من السجون، وملأ بهم قصر الحكم والمناسبات الوطنية، والإعلان الدستورى والتعذيب على أسوار الاتحادية، واحتلال رابعة والنهضة وميدان التحرير والمقطم.

وأخطر من العنف هو تغليفه بشعارات كاذبة مثل السلمية، فكانوا يحرقون ويدمرون وينشرون الفوضى والخوف، ويهتفون "سلمية.. سلمية"، وطلاب الجامعات من الإخوان يُحاصرون أساتذتهم ورؤساء جامعاتهم، ويسبونهم بأبشع الشتائم والألفاظ، ويقتحمون المدرجات ويُعطلون الدراسة، ويخرجون إلى الشوارع ويقطعون الطريق العام، ويُعطلون المرور ويقذفون السيارات بالطوب والحجارة، ويهتفون «سلمية.. سلمية".

وتحولت أيام «الجمعة» إلى أوكازيون للسلمية المُفخخة؛ لتشتيت جهد قوات الجيش والشرطة، وإعلان حالة الطوارئ القصوى فى الشوارع والميادين، والإيحاء للخارج بأن مصر تعيش أجواء التوتر وعدم الاستقرار، فلا يطرق أبوابها سائحٌ أو مستثمر، فتتفاقم أزمات الفقر والبطالة، وتزداد طوابير العاطلين فى الشوارع، فيُجندهم الإخوان فى تظاهراتهم.

أيام سوداء - لا أرجعها الله - جثمت على صدورنا كالأحجار الثقيلة، كان فيها الوطن على حافة الحرب الأهلية والفتن والصراعات الدينية، ولولا خروج الملايين فى 30 يونيو لكان المرشد وأهله وعشيرته والقتلة والإرهابيون يحكمون سيطرتهم على البلاد ويُحولون دفة الحكم إلى المقطم.

لولا 30 يونيو لأعلن المرشد الأعلى "بديع" قيام دولة الخلافة على أنقاض الوطن، وتنصيب البلتاجى مسئولًا عن الأمن القومى، وخيرت الشاطر رئيسًا للبلاد، والعريان وزيرًا للداخلية، واستكمال مخطط أخْونة الدولة، ونزع الهوية الوطنية، واستبدالها بمكونات وشعارات وعَلم ونشيد الجماعة الإرهابية.

لولا 30 يونيو لضاعت مصر، وكانت سيناء الآن مُستنقعًا لكل العناصر الإرهابية فى العالم وإعلانها ولاية مستقلة، تحت سيطرة القاعدة وداعش وبقية التنظيمات الإرهابية، وتصدير الإرهاب لدول وشعوب المنطقة.

ولكن شاء المولى، عز وجل، أن يُكتب لمصر عمرٌ جديد.