يسري الفخراني يكتب: مطبخ السعادة ومائدة رمضان!

يسري الفخراني
يسري الفخراني

أعرف مئات الأشخاص الذين يعملون بحب وإخلاص من أجل طبخ آلاف الوجبات الساخنة التى تحتوى على أرز وخضروات وقطع لحوم كل يوم وتقديمها للمحتاجين، رأيت السعادة فى عيون هؤلاء المتبرعين بوقتهم ومالهم والسعادة فى عيون الذين نالوا وجبة الطعام المُشبعة لهم ولأولادهم.

أستطيع أن أُقدر هؤلاء المتبرعين بالآلاف فى كل مكان فى مصر، وأفرح عندما أجد مجموعة من الشباب يقومون بهذه المهمة الجميلة، يجمعون المواد اللازمة ويقومون بطبخها واعدادها بشكل نظيف وشهى.

مصر بخير دائما، والحقيقة أننى أتمنى أن ينقل هؤلاء المتبرعون تجربتهم مع طبخة السعادة إلى غيرهم ممن يرغبون فى الاستمتاع بطبخ وجبات وتغليفها وتوزيعها.
كما أتمنى أن تدعم مصانع المواد الغذائية بتقديم منتجاتهم بأسعار أقل لمثل هذه المبادرات لكى تزداد وتتضاعف وتبقى.

إننى أثق أن كل شارع وكل حارة فى مصر يمكن أن يتوفر فيها مطبخ السعادة لكى يأكل المحتاجون دون سؤال، وأرى أن شهر رمضان الكريم يجب أن نُعيد كما كنا موائد الرحمن إلى كل مكان، ليس فقط لكى تكون مائدة طعام لكل عابر سبيل، لكنها كانت مشهدا جميلا من مشاهد الشهر العظيم وأرجو ألا يندثر.

قبل سنوات كانت مصر عامرة بموائد الرحمن التى يتسابق الكثيرون لإقامتها، وكانت الأمهات تشجع أولادهن على إقامة مائدة رحمن صغيرة أمام العمارة مع الجيران فى واحدة من أجمل صور رمضان، ويعد الأولاد أطباق المائدة ويفطرون مع أصحاب النصيب.

لماذا لا نُعيد هذه الموائد الكبيرة والصغيرة، لماذا لا نُشجع الصغار على إقامة مائدة رمضان الكريم مع أبناء الجيران كل يوم؟
هذه التفاصيل الصغيرة البسيطة هى روح مصر وجوهرها، ومهما تغير الزمن يجب أن نحافظ على هذا العالم الدافىء المُطرز بالمشاعر، الناس لبعضها والمسافات القريبة هى التى تجعلنا نشعر بالأمان.

مائدة صغيرة تجعلنا ننسى العوالم الافتراضية التى أصبحنا نرى بعضنا منها، تجعلنا نصنع السعادة الحقيقية ولا نتوهم وجودها.
شجعوا أولادكم اليوم على استقبال رمضان القادم بمائدة رحمن من مصروفه، ليعرف متعة العطاء ومشاركة من حوله فى لقمة حلوة حتى لو كانت من طبق فول.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي