« كلام يبقى »

ممتاز القط
ممتاز القط

لم أدرس التجارة أو الاقتصاد ولكن نشأتى كانت فى عائلة احترفت تجارة المواد الغذائية والعطارة بالجملة منذ نهاية القرن الثامن عشر.

وقد ورثها والدى عن جدى رحمهما الله وكثيراً ما كلفنى والدى ببعض المهام التجارية وذلك حتى الثانوية العامة.

اختلفت التجارة كثيراً اليوم عنها بالأمس..

قديماً كان هناك قاموس لأخلاقيات التجارة لا يعرف الاحتكار أو الجشع ولم تكن قواعد التجارة تعرف ما نسميه اليوم بالاتفاقات بين التجار لتحديد الأسعار لمختلف السلع باستثناء فترة التسعيرة الجبرية التى تعود للحقبة التى حاولت مصر فيها تطبيق الفكر الاشتراكى.

فى عصر التجارة الحرة لم تعد هناك تسعيرة جبرية وإنما تطبيق أمين لسياسة العرض والطلب والمنافسة الحرة بين التجار والتى كانت سبباً أساسياً فى خفض الأسعار لأن عمليات الشراء كانت تتجه للتاجر الذى يبيع أى سلعة بسعر أقل..

وولدت فكرة أنك سوف تكسب أكثر لو أنك بعت أكثر وبأسعار أرخص.

ما تشهده الأسواق وحركة التجارة اليوم هو نوع من الفوضى حيث يميل التجار إلى زيادة مفتعلة فى أسعارهم دون حسيب أو رقيب من الدولة. لا أبالغ عندما أقول إن مؤشر رفع الأسعار هو الحكومة التى تقوم بزيادات غير مبررة فى أسعار ما تقدمه من خدمات وبعض السلع التى تحتكر بيعها بالإضافة لعمليات التسعير العشوائى فى أسعار بعض السلع المنتجة محلياً مثل الأرز والسكر والقمح وإلزام المزارعين بتوريدها للدولة بأسعار لا تكاد تساوى تكلفة إنتاجها وهو الأمر الذى يؤدى لامتناع المزارعين عن توريدها ودخولها لما يعرف بالسوق السوداء.

فوضى الأسواق وحمى الغلاء الفاحش الذى يعصف اليوم بأدنى متطلبات الحياة ويفتح الباب واسعاً أمام الانحراف والسرقة وغيرها من الجرائم التى ترتبط ارتباطاً مباشراً بحالة الفقر والعوز التى تعيشها أسر كثيرة تحتاج إلى تضافر الجهود بين الدولة وغرف وجمعيات التجارة وبين المواطنين.

إن التطورات الإقليمية والدولية تؤكد أن العالم سوف يدخل لمرحلة الركود التضخمى حيث تنخفض عمليات شراء السلع لأدنى حدودها وهو الأمر الذى لابد أن نحذر التجار منه لأنه سيؤدى لعمليات حرق واسعة للأسعار بالإضافة لتلف وفساد السلع التى تقل فيها فترة الصلاحية.

وللحديث بقية الخميس القادم.