إنها مصر

أصدقاء وأعداء الشتاء !

كرم جبر
كرم جبر

أعداء الشتاء يقولون :إنه عذاب وبلاء .

وأشهر المقولات :"احذروا البرد فقد قتل أخاكم أبا الدرداء".

وأبو الدرداء صحابى وقاضى دمشق وفقيه، مات سنة 32 هـ ، وأشهر ضحايا البرد الكاذب، وفى كتب السيرة عشرات الخطابات عن وفاته، وليس بينها أنه مات بالبرد.

فى كتاب "اللطائف والظرائف " لأبى منصورالثعالبى شاعر وكاتب توفى 1038حديث عن مزايا الشتاء: "طول الليل الذى جعله الله سكناً ولباساً، وبرد الماء الذى هو مادة الحياة، وانقطاع الذباب والبعوض،ولكن الأعداء كثروا".

وقال أبو إسحاق الثعلبى عالم ومفسر للقرآن وشاعر توفى عام 1035 :"الشتاء عذاب وبلاء، يعمش العينين ويسيل الأنوف ويقشف الأبدان".

وقال الجاحظ من كبار أئمة الأدب فى العصر العباسى توفى عام 868 :"الشتاء عند الناس هو الكلب الكَلِب، والعدو الحاضر نتأهب له كما يتأهب الجيش".

والشعراء والأدباء والمبدعون فى العصر الحديث مختلفون وحائرون، حول حبهم أو كراهيتهم للشتاء .. بعضهم تربطهم بالشتاء قصص حب غامضة، غير مفهوم سرها، فكان البرد والصقيع مصدر إلهامهم، فأبدعوا فى رسائل الشوق والحنين.

نزار قباني: "إذا أتى الشتاء، وحركت رياحه ستائري.. إنى حبيبتى بحاجة إلى البكاء، على ذراعيك، على دفاتري" .. ووصل نزار قمة الوعى بقصيدة " لا وسيلة للتدفئة سوى أن أحبك.. لا يقلقنى الثلج، ولا يزعجنى حصار الصقيع، فأنا أقاومه حيناً بالشعر وحيناً بالحب، فليس عندى وسيلة أخرى للتدفئة سوى أن أحبك".

ويقول الأديب محمد الماغوط: " غداً يتساقط الشتاء فى قلبي، وتقفز من المتنزهات الأسماك والضفائر الذهبية، أجهش ببكاء حزيناً على وسادتي.. جودى علينا يا سماء، قد جاءنا فصل الشتاء.

فاروق جويدة: " الوقت ليل والشتاء بلا قمر، نشتاق فى سأم الشتاء شعاع دفء حولنا.. نشتاق قنديلاً يسامر ليلنا.. نشتاق من يحكى لنا ولا يمل حديثنا".
وفى الشتاء أيضا: أهل الهوى يا ليل فاتوا مضاجعهم.

إذا اجتمع بيرم التونسى وذكريا أحمد وأم كلثوم ومقام نهاوند، ومعهم الشتاء.. وصل الإبداع منتهاه، والعشق قمته والهيام روعته.

"أهل الهوى ياليل فاتوا مضاجعهم، واتجمعوا ياليل صحبة وأنا معهم، يطولوك ياليل ويقصروك ياليل، يطولوك ياليل من اللى فيهم، وأنت ياليل بس اللى عالم بيهم".

وأبدعت الشاعرة العراقية نازك الملائكة فى وصف المطر والتغنى به من خلال قصيدة طويلة حملت عنوان "على وقع المطر" والتى تقول فيها:
"أمطرى لا ترحمى طيفى فى عمق الظلام
أمطرى صبى على السيل يا روح الغمام
لا تبالى أن تعيدينى على الأرض حطام
وأحيلينى إذا شئت جليداً أو رخام".