محمد فتحى زاكى يكتب: أين أخبئ الأحزان؟

اللوحة  للفنان: على المريخى
اللوحة للفنان: على المريخى

خذلتنى المدينة:
يتأخر حنانها عن اللازم
وقد لا يجىء
المدن بلا قلب
لا تئن،لا تحفظ الأصدقاء للأصدقاء
قدمت لها الحياة بكفى.
وكافأتنى بالجوع والقتل؛

عندما وضعت قدماً
على سلم الحافلة
ظننت أننى سأعانى لحد َالاحتراق
وأن الزحام لن يأخذها منى،الزحام كان اللص الأمهر يا الله، لص المشاعر هذا.. سلبنى قلبى الكبير

متى يطرح صبارك
تفاح الجنة
يا مدن الغواية؟
أحمل فوق كتفى توابيت
لما تخلفيه من قتلى، أواسى من ظلمتيه فى طريقك نحو التألق،أنت تعلم يا الله
أنى أعيش بإحساس مرير؛ أربت على كتف من أعرف ومن لا أعرف حتى يكون محتاجاً لأحد
يربت على كتفه،أما حين أكون فى أمس الحاجة
لمن يربت على كتفى
لا أجد أحداً.

أنا هنا يا الله
أضل الطريق
قبل أن أضع قدمى اليمنى
وأطبع أول أثر فيه.
اهترأ جسدى
لم يعد صالحاً لتحمل المزيد:
لذا،
أستسمحك أن أغادر
أحلامى لا يسعها المكان.

أنا لست بخير ياصديقى
كنت سأمضى للهاوية بالأمس
كثيرو التضحيات.. يصبحون مع الوقت بلا قلب
ويبدئون الكره بأنفسهم

 يأبى الكلام أن يخرج من حنجرتى، أسمعه أنا وحدى فقط ولا يصل إلى آذان الآخرين.
الجميع يمر من حولى ولا يلتفت إلى أحد
أنفث أنفاسى التي أظنها
تحرق الأخضر، ولا يتأثر أحد.
أختلق المشاكل ولا تحدث.
فكيف أعرف أنى مازلت هنا؟
وأن موطى قدمى هاتين
ليس بالسراب؟.

فى كل يوم يسوء أمر ما
لكن الأشد سوءاً؛ كان جوع الذاكرة،كشيطان يوسوس فى نار مستعرة الجميع يرقص على أطراف أصابعه، إنها الهاوية، اختلط الشر والخير
وتألهت الغواية.

سفاحاً..أنجبت الأرض من الريح الحصى.
والحصى سفاحاً.. أنجبت الصمت من الفراغ

خلل ما
جعلنى أدمنت الانسحاب؛ كنت أرسم: كل أشيائى تتناثر فى الهواء
كل أعضائى تتبعثر أمامى
كنت أرسم الشتات عظيماً
بلحمى الممزق
خلل ما
جعل مشاعرى عارية أمامكم
وسيذوب قريباً
هذا الجدار السميك.

أين أخبىء الذكريات
وهذا اللص الدميم يجول
فى رأسى؟ أسير ويمحو أثرى، وكلما تفاديت حجراً.. قذف فى وجهى، حجراً آخر.

أنا ابن الأحزان والليالى الطويلة
ما أصعب الرضا.
حين يكون أمر من الأيام القاسية!
أشم رائحة الحبيب ولا أراه، كمن بلا اتجاه يمشى إلى النور وحين يظن وصوله اقترب؛ يجده الظلام.

اقرأ أيضًا| في ذكرى ميلاده.. «بهاء طاهر» رائد التجديد الروائي