حكايات| لعبة التحطيب.. «عاركة صعيدي» تبدأ وتنتهي بابتسامة 

 لعبة التحطيب.. «عاركة صعيدة» تبدأ وتنتهي بابتسامة 
لعبة التحطيب.. «عاركة صعيدة» تبدأ وتنتهي بابتسامة 

بالجلباب والعمامة وابتسامة واسعة، يخطف الصعايدة القلوب بين أحضان لعبتهم ورقصتهم المفضلة، حين يتراقص كل منهم متفاخرًا بمهارته في لعبة التحطيب، حاملًا عصاه التي تقطع نسمات الهواء وتصطدم بأخرى لتكون نغما خاصة يكمل جمال عزف المزمار.

 

حلقات يجتمع فيها المحبون لـ«لعبة التحطيب»، منهم من يشاهد مهارات لاعبيها ويصفقون فرحا على مشاهدتهم ويشجعونهم، ومنهم من يمسك بالعصا ليلعب على نغمات المزمار البلدي، الذي يزين عازفوه، الحلقات التي توحي بالفخر والعزة والكرامة لأبناء الصعيد.

 

لعبة تقوم على ضربات وهمية، لاكتشاف سرعة الآخر في الضربة والرد، بحركات بالغة الدقة والروعة، تبرز من خلالها مهارات غاية في التميز والرقي.

 

 

ولعبة التحطيب، هي من أشهر الألعاب في الصعيد، فهي لعبة مبارزة واستعراض قوة، والتنافس الشديد بين اللاعبين، وبالرغم من أن الهزيمة تلحق بضرر نفسي للخاسر، إلا أن اللعبة تبدأ بالسلام وتنتهي بالسلام أيضا.

 

والتحطيب، لم تكن لعبة عنف في يوم من الأيام، بل تشير إلى القوة والتفاخر بين الشباب والكبار، ولذلك لا يوجد في قوانين اللعبة التي وصلت للعالمية من الصعيد إلى اليونيسكو أن من يموت في هذه اللعبة ليس له دية، فمن أصول اللعبة في حالة مقتل أحد اللاعبين لا يحصل أهله على الدية أو القودة مثلما يحدث في جرائم القتل في الصعيد، كما أن قواعد اللعبة تقوم على الاحترام المتبادل والصداقة والشجاعة والفروسية والفخر.

 

اقرأ أيضًا| مونديال التحطيب.. بدأ بـ«ورق البردي» وحوله الصعايدة لـ«الشوم»

 

ويرى المؤرخون أن التحطيب كان أساسا للتدريب على الأسلحة، إلا أنه أخذ في الانزواء والتحول لمجرد رقصة فقط دون الاهتمام بالجانب الرياضي منها، فأصبحت اللعبة استعراضا يقام في الأفراح في ريف مصر وصعيدها كنوع من التراث الشعبي، وقد سميت بالتحطيب لأنها تلعب بالحطب أو العصي الغليظة.

 


 

مشاهد عظيمة، تدعو إلى التفاخر في هذه اللعبة، تبدأ بأن يمسك اللاعب العصا، ثم يدخل حلقة التحطيب، التي يحضرها جمهور كبير، خاصة في الموالد والأفراح، ثم يبدأ اللاعب مصافحة منافسه ويسلم عليه، ويتخلل اللعب بالعصا الرقص على المزمار البلدي، والتصفيق الذي ينتهي سريعا فور نهاية المنافس بين لاعبين اثنين داخل الحلقة، ليحل بديلهما آخرين.

 

ونجح التحطيب في الوصول لسجل العالمي عبر توثيقه بواسطة اللجنة الحكومية الدولية لليونسكو، باعتباره تراث مصري شعبي متوارث منذ عهد الفراعنة، قبل أن تصفه اليونسكو بأنه كان أحد أشكال الفنون القتالية في مصر القديمة، ويعد من الألعاب الاحتفالية التي حافظت على جزء من الرموز والقيم المرتبطة بممارستها.

 

وبالرغم من كون لعبة التحطيب تراثية يلعبها الكبار ولها شعبيتها إلا أنها اقتصرت في هذه الأيام على الاحتفالات في الموالد، وليلة الحنة في الأفراح وفي الاحتفالات الخاصة الأخرى كالاحتفالات بشفاء أحد المرضى.