3 آلاف ضابط داهموا 130 عقارًا وثكنات عسكرية في 11 ولاية لضبط المتهمين

بعد هجوم «مواطنو الرايخ» على برلين.. ألمانيا تعتزم تشديد قوانين حيازة الأسلحة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتبت: مي السيد

تعتزم ألمانيا تشديد قوانين السلاح بعد إحباط السلطات الألمانية محاولة انقلاب وتغير نظام الحكم بالقوة، من قبل منظمة متطرفة تسمى «رايخسبرجر»؛ حيث داهمت الشرطة عدة أماكن فى 11 ولاية داخل البلاد وألقت القبض على حوالى 60 شخصًا يشتبه فى تآمرهم للإطاحة بالحكومة، بينهم رجل ألماني يوصف بـ «الأمير» ويدعى هاينريش الثالث عشر، يبلغ من العمر 71 عاما، كان له دور محورى فى خططهم.

وتسبب الحدث الذى سبب صدمة كبيرة للمجتمع الأوروبى كونها كانت ستحدث فى أكثر ديمقراطيات أوروبا استقرارًا، وقالت وزيرة الداخلية: إن الحركة تشكل تهديدًا متناميًا لألمانيا، بالنظر إلى اتساع قاعدتها من ألفين إلى 23 ألفا فى العام الماضى، لافتة إلى أنهم ليسوا مجانين، ولكنهم إرهابيين مشتبه بهم يقبعون الآن فى الحجز الاحتياطى قبل المحاكمة».


وكشفت وزيرة الداخلية الألمانية أنه تم مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة مع أكثر من ألف من أعضاء الحركة، ويعتقد أن هناك 500 آخرين على الأقل لديهم تراخيص سلاح فى البلاد، مطالبة كل السلطات بممارسة أقصى ضغط لنزع أسلحتهم»، مشددة على أن الحكومة ستقوم فى وقت قريب بتشديد قوانين السلاح.

وقالت الشرطة الألمانية: إنه شارك أكثر من ثلاثة آلاف عنصر من بينهم وحدات النخبة لمكافحة الإرهاب فى عمليات المداهمة التى نفذتها الشرطة، فتشوا خلالها أكثر من 130 عقارًا فى 11 ولاية من أصل 16 ولاية ألمانية، فى واحدة من أكبر عمليات الشرطة التى شهدتها البلاد، ومن بين المقبوض عليهم مجموعة من الشخصيات العسكرية السابقة التابعة لليمين المتطرف، والتى خططت لاقتحام مبنى البرلمان، والاستيلاء على السلطة، وأفادت وسائل الإعلام الألمانية؛ بأن المواقع التى جرت مداهمتها شملت ثكنات وحدة القوات الخاصة الألمانية فى بلدة كالو الجنوبية الغربية، وهى الوحدة التى خضعت للتدقيق فى الماضى على خلفية تورط بعض جنودها فى صلات باليمين المتطرف، وصادرت الأجهزة الأمنية مع المتهمين 130 ألف يورو ومجوهرات من الذهب والفضة وأسلحة نارية وبيضاء.

اقرأ أيضًا

فى أستراليا.. سكان منزل «يوم القيامة» نصبوا كمينًا للشرطة انتهى بمقتلهم

زعماء العصابة
وحدد المدعون الفيدراليون زعماء العصابة المشتبه فيهم، وهم «هاينريش الثالث عشر بى أر، يبلغ من العمر 71 سنة من أفراد عائلة نبيلة صغيرة ألمانية والذى خططت المجموعة لتنصيبه زعيمًا جديدًا لألمانيا وأنه حصل على مساعدة امرأة روسية تدعى «فيتاليا ب» بهدف التفاوض على نظام جديد فى البلاد بمجرد الإطاحة بالحكومة الألمانية مع الروس.

بينما الزعيم الثانى فيدعى «رودريغر فى»، مقدم سابق فى الجيش الألمانى وكان قائد كتيبة مظليات فى التسعينيات ومؤسس وحدة القوات الخاصة، واضطر إلى مغادرة الجيش فى نهاية التسعينيات بعدما خرق قانون الأسلحة، ويبلغ من العمر 69 سنة، كما تعرف المدعون إلى شخص آخر اعتقلته الشرطة، بيرجيت مالزاك، وهى قاضية ونائبة سابقة فى حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى الشعبوى، وهو حزب ممثل فى البرلمان الألمانى ويخضع لمزيد من التدقيق من قبل أجهزة الأمن الألمانية بسبب علاقاته مع المتطرفين.

ونفت السفارة الروسية فى برلين أى علاقة مع مجموعات «إرهابية» من اليمين المتطرف فى البلاد وقالت فى بيان نقلته وكالات أنباء؛ «تلفت السفارة الروسية فى ألمانيا الانتباه إلى حقيقة أن المكاتب الدبلوماسية والقنصلية الروسية فى ألمانيا لا تقيم اتصالات مع ممثلى جماعات إرهابية أو كيانات غير شرعية أخرى».

وقال المدعى العام لمكافحة الإرهاب بيتر فرانك: «لقد كانت مزودة بمجلس يضم أشخاصًا تم تعيينهم لتولى بعض الحقائب الوزارية وذراع عسكرية مع جيش ألمانى جديد، وتأسست الخلية «فى نهاية عام 2021 على أبعد تقدير» وكانت «تهدف إلى القضاء على النظام القائم بألمانيا فى مشروع لا يمكن تنفيذه إلا من خلال استخدام الوسائل العسكرية والعنف ضد ممثلى الدولة.

ووفق بيان الإدعاء الألمانى؛ فإن المعتقلين متهمون بتشكيل «مجموعة إرهابية بنهاية نوفمبر 2021 التى كانت حددت لنفسها هدف التغلب على نظام الدولة القائم فى ألمانيا واستبداله بشكل من دولة خاصة بها، كما أشار البيان إلى أن أفراد المجموعة يؤمنون أيضا بأيديولوجيا «كيو أنون» التى تتعلق باليمين المتطرف فى الولايات المتحدة وتعتقد بوجود دولة عميقة، كما يؤمنون أيضا بأن ألمانيا تحكمها «الدولة العميقة».

وأكد البيان الألمانى: أن المتهمين يجمعهم رفضًا عميقًا لمؤسسات الدولة والنظام الأساسى الحر والديمقراطى لجمهورية ألمانيا الفيدرالية»، كما إن المشتبه فيهم كانوا مدركين بأن خطتهم «لا يمكن تحقيقها إلا من خلال استخدام وسائل عسكرية والعنف ضد ممثلى الدولة»، بحيث قاموا «باستعدادات ملموسة» لاقتحام البرلمان الفيدرالى الألمانى، لكن «تفاصيل هذه الخطة لا تزال بحاجة إلى التحقيق»لتحديد ما إذا كان يمكن اتهام أى من المشتبه فيهم بالخيانة».

ضباط جيش وجنود
وصرح رئيس الاستخبارات الداخلية فى ألمانيا، أن المجموعة التى تشكلت من شخصيات يمينية متطرفة وضباط جيش سابقين، والذين خططوا لانقلاب فى البلاد، اشترت أسلحة وكان لديهم «خطط حقيقية، وعقدت المنظمة أربعة اجتماعات على الأقل خلال الصيف لتوسيع الشبكة، وعقد آخر لقاء مع المشاركين فى المؤامرة يوم 10 نوفمبر بشمال ألمانيا ، وعملوا على تجنيد بشكل خاص أفراد الشرطة والجيش وكان الفرع العسكرى للخلية الإجرامية مسؤولا عن شراء الأسلحة وتنظيم التدريبات.

وأضاف توماس هالدينوانج، كان لهذه المجموعة شبكة كبيرة فى جميع أنحاء البلاد، ولديهم خطط محددة، وكانوا مستعدين لاستخدام العنف، حتى لو كان ذلك يعنى قتل الناس، وكشف عن بدء عملية مراقبة من قبل الأجهزة الأمنية لهذه المجموعة خلال الشهرين الماضيين، لافتًا إلى أن السلطات قررت إطلاق عملية لمكافحة الإرهاب بعدما أصبح من الواضح أن المجموعة لديها خطط ملموسة للإطاحة بالحكومة عبر وسائل عنيفة..

من جانبه أعلن قائد الشرطة الجنائية الألمانية هولجر مونتش أن الشبكة التى تم تفكيكها بعد تخطيطها لإطاحة بالمؤسسات الديمقراطية، كانت بحوزتها أسلحة كثيرة ومختلفة، الأمر الذى يدل على خطورتها، موضحا أن هذه الشبكة تضمنت نبلاء وجنود نخبة سابقين وامرأة روسية ونائبة سابقة من اليمين المتطرف، مشيرًا إلى أن هذه المجموعة تتكون من مزيج خطير من الأشخاص الذين يتبنون معتقدات غير عقلانية، بعضهم لديه الكثير من المال، والبعض الآخر يمتلك أسلحة ولديهم خطة أرادوا تنفيذها وهذا هو سبب الخطورة.

وقال الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير إنه «قلق للغاية» فى شأن المؤامرة معتبرًا أنه تم الوصول إلى «مستوى جديد من التطرف فى البلاد، بينما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع أرنى كولاتس إن جنودًا آخرين متورطون فى المؤامرة بينهم جندى عضو فى وحدة القوات الخاصة.

من هم  أعضاء هذه الحركة؟

..تشتهر الحركة بمعاداتها للسامية وعنصريتها تجاه الأعراق والمعتقدات الدينية، ووفقًا للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والتطرف، فهم لا يؤمنون بالدولة الألمانية ولا الديمقراطية ويرفضون الاقتداء بالقوانين، فى رأيهم، لايزال الرايخ موجودًا بدلا من الجمهورية الفيدرالية، وفقًا لأيديولوجيتهم سواء داخل حدود الإمبراطورية الألمانية أو داخل حدود عام 1937.

ويتهم “مواطنو الرايخ” النظام الديمقراطى فى ألمانيا بأنه غير شرعى، ولذلك لا تعد دولة ذات سيادة، وبالنسبة إليهم يجب العودة إلى الحدود الألمانية لما قبل تاريخ هزيمتهم فى الحرب العالمية الثانية، والتى تضم أجزاءً من بولندا وفرنسا حاليا، بينما آخرون منهم يحنون إلى «مملكة بروسيا»، ويلتقى ( مواطنو الرايخ ) فى قربهم وأفكارهم من اليمين المتطرف لكن لا ينتمى جميعهم إلى النازيين الجدد. وبدأ مواطنو الرايخ فى التطور فى الثمانينات وهي حركة متباينة بلا قيادة زاد أعضاؤها إلى حوالى 20 ألف مؤيد، ومن بين هؤلاء تم تحديد حوالى 950 متطرفًا يمينيًا ولديهم ما لا يقل عن 1000 ترخيص لامتلاك أسلحة نارية، ويرفض «مواطنو الرايخ» دفع الضرائب أو الغرامات، ويرون أن ممتلكاتهم الشخصية ، مثل منازلهم، كيانات مستقلة خارج سلطة جمهورية ألمانيا الاتحادية، ويرفضون الدستور الألمانى والنصوص القانونية الأخرى، والحكومة والبرلمان والقضاء والأجهزة الأمنية هى دمى نصبها الأجانب ويسيطرون عليه، وسبق أن نفذت الحركة محاولة لاغتيال وزير الصحة الألمانى، كما أحبطت السلطات عمليات أخرى.

ووصف المركز الأوروبى للدراسات ومكافحة التطرف والاستخبارات مواطني الرايخ أنهم متطرفون يمينيون منظمون تقليديا منذ عام 1945 منذ هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية، وسعى المتطرفون اليمينيون إلى تحقيق هدف استعادة قدرة الرايخ الألمان على العمل فى الأحزاب والمنظمات التى أسسوها، وتشمل حزب الرايخ الاشتراكى حتى تم حظره فى عام 1952، ومنظمات مثل الكلية الألمانية.

وتشعر الحكومة الألمانية بالقلق من امتلاك حركة «مواطنو الرايخ» الأسلحة، وفى الغالب تكون أسلحة مصرح بها قانونيا، لذا تحاول السلطات الألمانية سحب ملكية السلاح من «مواطنى الرايخ» حيثما كان ذلك ممكنًا قانونيًا، نظرًا لأن هؤلاء الأشخاص يرفضون النظام القانونى، فعادة ما يكونون غير موثقين من حيث قانون السلاح، وتقع مسؤولية إنفاذ قانون الأسلحة على عاتق سلطات الترخيص فى الولايات الفيدرالية، وتعمل السلطات الأمنية الفيدرالية وسلطات الدولة بشكل وثيق مع سلطات الترخيص عند نقل المعلومات بغرض سحب ترخيص السلاح.