كلام * السياحة..

محمد البهنساوي يكتب: السياحة والترفيه وبارقة أمل قوية!!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

" التجربة السياحية بمصر تحتاج إلى تحسين حتي تدعم نمو الحركة السياحية إليها " ، أعجبني كثيرا هذا التصريح لوزير السياحة والأثار أحمد عيسي ، فالتصريح يؤكد أن الرجل وضع يده بالفعل على واحدة من أهم مشاكلنا السياحية ، ويعطينا الأمل بسرعة العمل لإزالة أسباب تلك المشكلة ليحين وقت الانطلاق.

 

إن السياحة ليست نشاطا اقتصاديا مهما فقط ، لكنها تجربة حياتية متكاملة اجتماعيا وانسانيا وترفيهيا بالطبع ، فليس مهما ان تمتلك أي دولة عناصر جذب سياحي كبيرة ومتميزة لتصبح دولة سياحية ، لكن الأهم أن تكون تجربة السائح بتلك الدولة متكاملة أو شبه متكاملة ، ولعل في منطقتنا نماذج بارزة تؤكد هذا الكلام ، دول ومدن لا تملك إمكانيات سياحية بمعناها التقليدي أو تملك امكانيات عادية وربما محدودة ، ورغم ذلك تتبوأ مكانة متميزة بقائمة أهم المدن السياحية بالشرق الاوسط بل والعالم لأنها نجحت في خلق تجربة سياحية متميزة لا ينساها كل من يزورها

وفي مصر وبكل صراحة ووضوح - وأسف ايضا - تملك إمكانيات سياحية لا مثيل لها في العالم ، ورغم ذلك تحتل مكانا لا يليق بتلك الامكانيات بقائمة الدول الأهم سياحيا بسبب ما أكده وزير السياحة من ضعف التجربة السياحية بها أو بعض السلبيات المزمنة التي توصم تلك التجربة الفريدة ، ومعني ان يضع الوزير يده علي تلك السلبيات ويصرح بها فهذا مؤشر لبدء العلاج

اليوم نتحدث عن أحد أهم سلبيات التجربة السياحية المصرية ، لن نتحدث عن مشاكل مثل التحرش او مضايقة السائحين ومحاولة البعض استغلالهم ، ولا عدة مشاكل تواجههم خلال رحلتهم فهي مشاكل معروفة وسبق ان تحدثنا عنها ،. وقد بشرنا وزير السياحة أنه سيعلن قريبا تحركات جدية في سبيل إيجاد حلول حقيقية لتلك المشاكل ، لكن ما نتحدث عنه اليوم مشكلة ترتبط بما تحدثنا عنه المقال السابق حول خطة الدولة لمضاعفة الطاقة الفندقية من ٢١١ ألف غرفة فندقية حاليا إلى نصف مليون غرفة خلال بضع سنوات ، وتساءلنا عن وجود خطة واضحة المعالم ليس لكيفية بناء تلك الغرف او خريطة توزيعها بالمدن السياحية ، ونوعية السائح الذي تستهدفه تلك الطاقة ، واليوم نتحدث عن نمط سياحي مهم للغاية يجب أن يتم تضمينه لخطة التنمية والاستثمار السياحي المنتظرة ألا وهي صناعة الترفيه.

وعندما نقول إن السياحة تجربة حياتية متكاملة ، فان أساس تلك التجربة وعمودها الفقري وهدفها الرئيسي هو الترفيه ، وتلك كانت وما زالت أحد أهم مشاكل السياحة المصرية ، لدينا شواطئ وآثار وصحراء وغوص وعناصر سياحية عديدة ، لكن عنصر الترفيه لم يكن ابدا مكتملا ، والذي يسأل عن اهمية هذا العنصر نحيله كما قلنا لمدن قريبة منا لا تمتلك من مقومات السياحة إلا الترفيه بكافة صوره مما جعلها في مصاف الدول السياحية الكبري ، وضاعف من معدل تكرار زيارة السائحين لها لأن كل يوم لديها جديد في صناعة الترفيه ، وكنا نتساءل دائما ماذا يفعل السائح بمصر خارج المنتجع الذي يقيم فيه وأين يذهب ليلا او حتي نهارا بعد ان يمارس مختلف الرحلات التي تتميز بها مصر ، وكانت الاجابة للأسف لا شيء ، كما كنا نتساءل كذلك عن السائح الذي يشاهد كافة مقوماتنا السياحية ما الذي يدفعه لتكرار زيارته في ظل ضعف عنصر الترفيه لدينا.

 

بارقة أمل

 

اليوم نقول بأريحية واطمئنان ان هناك خطوات جادة تتم من الدولة لإثراء التجربة السياحية وخلق مناطق وأنماط ترفيهية مستحدثة، ويتكامل مع هذا تحركات عديدة من القطاع الخاص، هذا النشاط يتكامل لحل معضلة كبيرة للسياحة المصرية ، وان كنا نتمنى ان يتم من خلال خطة مدروسة حتى تؤتي تلك الجهود أكلها.

وما أسعدني وأكد علي بارقة الأمل تلك هذا المشروع المتميز الذي افتتحه أمس الجمعة وزير السياحة والآثار ومحافظ البحر الأحمر ليصبح لدينا بالغردقة أكبر مدينة ألعاب مائية ترفيهية بالشرق الأوسط ، والتي تضم عدة ألعاب حديثة ومسارح ومناطق ترفيهية من مطاعم ومحال تجارية لعدة براندات عالمية تخاطب أذواق عدة أسواق سياحية مهمة ، ونجحت إدارة المشروع وعلى رأسهم كامل ابو علي - المستثمر الشاطر على حد تعبير وزير السياحة - في بدء التسويق للمشروع ، و خلال حضورنا للافتتاح لفت نظرنا وجود مجموعات من ممثلي كبار منظمي الرحلات بعدة أسواق مهمة ، واكدوا جميعا على اهمية المشروع في مساندة جهودهم التسويقية لمصر ، والاهم تاكيدهم وتشديدهم علي حاجة مصر لعدة مشروعات مماثلة لاثراء وتعظيم تجربتها السياحية لدى السائحين.

الآن يبقى التساؤل ، هل نترك صناعة الترفيه للجهود الشخصية مثلما تم في هذا المشروع ، في رأيي الشخصي المتواضع ورغم أهمية الجهود الفردية الا انني ارى ضرورة ان تكون هناك خطة تندرج تحتها تلك الجهود وتتكامل كذلك مع جهود الدولة في هذا الشأن

وأرى ضرورة أن يعقد وزير السياحة والاثار اجتماعا في هذا الشأن مع كبار المستثمرين السياحيين وبحضور خبراء في صناعة الترفيه سواء مصريين او أجانب وكذلك ممثلين لكبار منظمي الرحلات الدوليين المتعاملين مع مصر لتكون البداية قوية تدرك حاجة السياحة الدولية من الترفيه بمصر ووضع خطة متكاملة لذلك وتوزيع الأدوار على المستثمرين الذين اثق انهم سيرحبون بذلك لما فيه فائدتهم.