محمد البهنساوي يكتب: حقوق الإنسان تحت أحذيتهم !!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

«التقيت رؤساء الشرطة لأوضح أننى ادعمهم بقوة للعمل بحزم لقمع الاحتجاجات والمظاهرات»، هكذا كتب مؤخرا ريشى سوناك رئيس الوزراء البريطانى الجديد بحسابه فى تويتر مرفقا صورة اجتماعه مع قيادات شرطة بلاده لمناقشة المظاهرات والإضرابات فى بريطانيا، لم يكتف سوناك بتلك الكلمات القليلة والعميقة، إنما أطلق تصريحات عديدة تؤكد تأييده إجراءات الشرطة، بل ويحفزها لتكون أكثر عنفا مع المتظاهرين، كما بدأت حكومة لندن تنفيذ مخطط الاستعانة بقوات الجيش لمواجهة المظاهرات.

ترى هل هذا الموقف البريطانى الأول من نوعه؟ والإجابة بالنفى طبعا، بل إن موقف سوناك يعد معتدلا أمام مواقف أقرانه السابقين من الزعماء البريطانيين، فها هو رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ديفيد كاميرون يطلق تصريحه الشهير «عندما يتعرض الأمن القومى لبريطانيا للخطر فلتذهب حقوق الإنسان للجحيم»، والذى حاول التنصل منه بعد أن شعر أن تصريحه يكشف الوجه الحقيقى لبلاده، بينما كانت تيريزا ماى أكثر جرأة ووضوحا من أقرانها الرجال، حيث قالت خلال ولايتها إنها ستمزق قوانين حقوق الإنسان فى إنجلترا لمحاربة الإرهاب، وأكدت بوضوح أنها ستمنح قوات الشرطة وكافة أجهزة الأمن صلاحيات كبيرة لتحقيق أهدافها، مع قرارات مغلظة من أحكام بالسجن لمدد أطول وترحيل وتضييق وفرض قيود على حركة الكثيرين، وإذا كان هذا موقفهم مع حقوق شعوبهم فماذا هم فاعلون بغيرهم من بلاد وشعوب إذا تعارضوا مع أمنهم القومي؟!

هنا وعلى المستوى الشخصى أتفهم تماما كل المواقف السابقة لمسئولين كبار فى بلادهم، تلك وجهة نظرهم فى حماية أمنهم القومي، ولو بوضع حقوق الإنسان تحت أحذيتهم لإطلاقها أو دهسها بكل راحة واطمئنان، لكن يبقى العديد من التساؤلات حول تلك المواقف والتصريحات والأفعال، أين «حنجورية» حقوق الإنسان والمنظمات الدولية العديدة، وأين لهم كل هذا التبجح والفجر فى ازدواجيتهم بالتعامل مع نفس المواقف والقرارات من دولة فقيرة إلى دولة غنية ومفترية !! . لماذا حتى لا يطلقون تصريحات من قبيل حفظ ماء وجههم الذى يزداد قبحا بسبب معاييرهم التى تحتاج إلى معايير.. وانسانيتهم المفتقدة لأدنى واجبات وحقوق الإنسانية. 

إننى أؤمن تماما بضرورة الحفاظ قدر المستطاع على أكبر قدر من حقوق الإنسان بمعناها الشامل فى بلادنا، لكنى أيضا أشعر بحنق وضيق يصلان للغثيان من تربص تلك المنظمات بنا، واثق تمام الثقة أنه لا يهمهم مطلقا مصلحة مصر ولا المصريين بقدر تحقيق أجندات محركيهم ومموليهم، والإضرار ببلادى تحت مسميات مضللة وشعارات معسولة لكنها مسمومة. 

ونصل للعنصر الأهم فى هذا الأمر وهم المخدوعون من أبناء جلدتنا بمواقف تلك المنظمات المشبوهة، قد أتفهم لحد ما انخداع البعض وهم واقعون تحت تأثير الضلال المحبوك الذى تمارسه تلك المنظمات، لكنى أشعر بنفس الغثيان السابق ممن يؤيدون تلك المنظمات لمصلحة مشتركة بينهم، ولتذهب المصالح العليا لبلادنا الى الجحيم، وأذكر هنا مقالى الأسبوع الماضى حول حالة التربص الكبرى ببلدى من قبل الغرب، وعلى رأسهم الشيطان الأعظم القابع منذ عقود وقرون فى ردهات الحكم بعاصمة الضباب، لأعود واكرر مطلبى من المخدوعين - وليس المغرضين - بتلك المنظمات مراجعة مواقفها ومواقفهم، وعندها بكل تأكيد سيعودون الى رشدهم، و لعلهم يفقهون!