أقصى سرعة 60 كم / س !

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب

لا أستشعر أي مبالغة حين يقول المراقبون إن ما حدث على الأرض - ولا يزال حتى الآن - من تطوير لشبكة الطرق في مصر من خلال «المشروع القومي للطرق» قد تجاوز – وبمعدلات واضحة - أقصى ما كان يجول بخاطر أحدنا أو يراود البعض في أحلامهم.

ولذلك ربما كان التعبير الأصدق لوصف هذا الإنجاز هو «ثورة متفجرة» في قطاع إنشاءات الطرق. ولم لا؟ وكلنا شهودٌ عيان على هذا التحول الجذري خلال تحركاتنا اليومية وفي أسفارنا عبر محافظات مصر بطولها وعرضها.

لا يشهد المصريون فقط على عظمة الإنجاز في تطوير قطاع الطرق الحيوي، بل تمتد الشهادة الأصيلة والاعتراف الدامغ إلى أشهر المنصات العالمية.  فقد أشار تقرير التنافسية العالمية لعام 2019، الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي، إلى أن مصر احتلت المركز الـ 28 عالميًا في مؤشر جودة الطرق متقدمة بذلك 90 مركزًا ، مقارنة بتصنيفها عام 2014 الذي شغلت فيه المركز الـ 118 عالميًا. وعلى مستوى دول الشرق الأوسط، احتلت مصر - وفق المؤشر ذاته - المركز السادس بعد كل من الإمارات وعمان وقطر والبحرين والسعودية. وإذا أمعنّا النظر في تصنيفات تصدر عن منصات عالمية أخرى لمصر في جودة الطرق، لن نجدها تختلف - إلا بقدر ضئيل جدا، كما ظهر في مؤشر موقع جلوبال إيكونومي الذي أعلن مصر في المركز الـ 29 عالميًا بدلا من الـ 28 في جودة الطرق للعام 2019.

 

وربما وسط عظمة هذا الإنجاز وكل ما حظي به من إشادات دولية، يجد بعض قائدي المركبات أنفسهم في حيرة من أمرهم؛ حيث يرون أن الحد الأقصى للسرعة المقررة للمركبات الخاصة على بعض المحاور والطرق الرئيسية - المتطورة كليًا - لا يتجاوز الـ 60 كيلومتر/ساعة، والذي ينشأ عنه تباطؤ – غير مبرر - في حركة السير تتناقض تمامًا مع حداثة مواصفات المحور أو الطريق الذي يسيرون عليه.

وربما زادت حيرتهم عندما لا يجدون سببًا ظاهرًا يفسر هذا الحد الأقصى المتدني للسرعة على طريق لا تتخلله أية كتل سكنية أو مدارس أو خلافه (كما هو الحال على محور الشهيد جنوبي القاهرة).  وفي هذا الصدد، يؤكد بعض خبراء إنشاءات الطرق أن التباطؤ لا يقل خطورة عن التسارع كسبب في حوادث السير أو حتى في زيادة الانبعاثات الكربونية الصادرة عن المركبات والتي تساهم في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

ولأجل ألا يقتصر نجاح المشروع القومي للطرق على الإشادات الدولية وحسب، دونما انعكاس مؤثر على سيولة الحركة المرورية بسرعات معقولة، يقل معها زمن الرحلة المقطوعة، وتتناسب مع مدى تطور المواصفات الفنية لشبكة محاورنا وطرقنا، قد يكون من المناسب الآن الدعوة إلى تشكيل لجنة مشتركة من مسئولي هيئة الطرق والكباري التابعة لوزارة النقل ومسئولي الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية لمراجعة السرعات المقررة على المحاور الرئيسية التي لا يتجاوز حدها الأقصى الـ 60 كيلومتر/ساعة، لا سيما في ظل مراقبة تلك المحاور بأحدث منظومات الرادارات التي عادة ما تكون سببًا لالتزام قائدي المركبات بالسرعات المقررة. ومن الضروري كذلك النظر في مدى إمكانية اعتماد استخدام الإشارات الضوئية - بدلا من تقليل السرعات المقررة -  على تلك الطرق كأحد أنجح الوسائل للحفاظ على سلامة المارة. 

Email: [email protected]