رغم الدعوة إلى «قمع» الاحتجاجات..مُواجهات في الصين من جديد على سياسة «صفر كوفيد»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتبت: إسراء ممدوح

 

دعا جهاز أمني في الصين ليل الثلاثاء، إلى قمع "القوات المعادية" بعد احتجاجات انتشرت في البلاد مؤخرًا، على خلفية القواعد الصارمة التي تتبعها الحكومة الصينية لمكافحة كوفيد-19

وإذ بدأت التظاهرات رافعة مطالب رفع الإغلاق والتساهل في الأزمة الصحية، توسّعت مطالب المحتجين لتشمل في بعض الأحيان المطالبة باستقالة مسئولين، أبرزهم الرئيس الصيني، شي جين بينج، حسبما أفادت وكالة "يورو نيوز" البريطانية.

وفي أوّل ردّ رسمي من بكين على ما يحدث، أشارت لجنة الشئون السياسية والقضائية التابعة للحزب الشيوعي الصيني، وهي اللجنة المسئولة عن قوى الأمن في البلاد، إلي أنه "من الضروري قمع نشاطات التخريب والإخلال بالأمن التي تقوم بها القوى المعادية، بحسب القوانين المعمول بها".

اقرأ أيضًا: إصابات كورونا العالمية تتجاوز 642 مليون حالة

كما تحاول السلطات الصينية، كبح الاحتجاجات الغاضبة التي حازت على تأييد دولي وخاصة من الأمم المتحدة.

وتواجه السلطات حركة الاحتجاجات الأوسع منذ التحركات المنادية بالديموقراطية في ساحة تيان أنمين العام 1989 التي قمعت بعنف.

ويصل رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، الأربعاء 30 نوفمبر، إلى بكين حيث يلتقي الخميس الرئيس الصيني، شي جينبينج، ورئيس الوزراء، لي كيكيانج، ورئيس اللجنة الدائمة للجمعية الوطنية الشعبية "البرلمان" وو بانجو.

وكانت لجنة الشئون السياسية والقانونية المركزية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم، أعلى هيئة أمينة والتي تشرف على تطبيق القوانين المحلية في الصين.

وأفادت اللجنة، بأنه "من الضروري اتخاذ إجراءات قمعية ضد نشاطات التسلل والتخريب التي تقوم بها قوى معادية.. وإجراءات صارمة ضد الأفعال الإجرامية غير القانونية التي تعطل النظام الاجتماعي، طبقًا للقانون، وتحمي بشكل جدي الاستقرار الاجتماعي العام".

وأتت الاحتجاجات جراء قيود صحية صارمة جدًا مفروضة منذ 3 سنوات تقريبًا في إطار مكافحة كوفيد-19، وعلى خلفية استياء شعبي حيال النظام السياسي الصيني بعد شهر على التجديد لشي جيبينج لولاية ثالثة غير مسبوقة على رأس الدولة.

ومن جهة، في بكين وشنجهاي ووهان وكانتون ومدن أخرى في البلاد اندلعت التظاهرات خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما باغت المنظومة الأمنية الصينية التي تمكنت بعد ذلك من اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي تجمع جديد.

«توقيفات»

واندلعت مواجهات جديدة ليل الثلاثاء، بين متظاهرين وعناصر من الشرطة في كانتون في جنوب البلاد على ما أفاد شهود ومقاطع فيديو نُشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتحققت منها وكالة "فرانس برس" الفرنسية.

وتظهر المشاهد عناصر من الشرطة يرتدون بزات بيضاء كاملة ويحملون دُروعًا شفافة لمكافحة الشغب وهم يتقدمون في صفوف مُتراصة في أحد شوارع اقليم هايزو فيما تلقى زجاجات من حولهم.

وفي المقاطع المصورة التي حددت وكالة "فرانس برس" موقعها تسمع صيحات في حين يُلقى بالحواجز البرتقالية والزرقاء أرضًا.

وفي سياق متصل، يُشاهد أشخاص يلقون بقطع باتجاه الشرطة وفي مشهد آخر يبدو نحو 12 شخصًا أوثقت أيديهم موقوفين على ما يبدو من قبل قوى الأمن.

وروى أحد سكان كانتون الذي أعطى اسم عائلته فقط وهو تشن لوكالة "فرانس برس"، أنه رأى نحو 100 عنصر أمن يتوجهون إلى بلدة هوجياو الواقعة في إقليم هايزو وأوقفوا ما لا يقل عن 3 رجال مساء الثلاثاء.

ويُشكل إقليم هايزو في كانتون حيث يعيش أكثر من 1,8 مليون نسمة مركز بؤرة جديدة للإصابات بكوفيد-19 وفرض فيه الاغلاق منذ نهاية أكتوبر.

«اندلاع حريق أشعل شرارة الاحتجاجات»

واندلع حريق في مبنى في أورمتشي عاصمة مقاطعة شينجيانج في شمال غرب البلاد، مما أسفر عن سقوط 10 قتلى، وما أشعل شرارة هذه الاحتجاجات في أرجاء البلاد.

وحمل رواد الانترنت القيود الصحية المعمول بها في هذه المدينة مسئولية عدم وصول فرق الانقاذ بسرعة الأمر الذي نفته السلطات، إلا ان التظاهرات اتخذت بعد ذلك منحى سياسيا مع المطالبة حتى برحيل شي جينبيج.

«احتجاجات بالصين وانتشار أمني واسع»

وحال انتشار الشرطة في بكين وشنجهاي دون أي محاولة للتظاهر في المدينتين، لكن تجمعات في مناطق أخرى حصلت يومي الاثنين والثلاثاء.

وأقدم جامعة في هونج كونج، قاد أكثر من 10 أشخاص الحشود مردّدين هتافات مثل "اعطونا الحرية أو اعطونا الموت" بعد أيام قليلة من تظاهرة تضامنية مماثلة دفعت مسئولي المؤسسة إلى الاتصال بالشرطة.

وقالت امرأة "لسنا قوى أجنبية، إننا مواطنون صينيون، يجب أن يكون للصين أصوات مختلفة" فيما رفعت أخرى لافتة حداد على ضحايا حريق أورومتشي.

وفي مدينة شنجن المجاورة في جنوب الصين، قال شاهد لوكالة "فرانس برس"، إنه رأى وجودًا مُكثفَا للشرطة في هواشيانجبي، وهي منطقة تسوق مزدحمة في وسط المدينة، بعد انتشار شائعات عن احتجاجات على الشبكات الاجتماعية.

وأضاف الشاهد، أن نحو 150 شرطيًا شوهدوا على مسافة 500 متر من طريق هواشيانج بالإضافة إلى عشرات من سيارات الشرطة السوداء.
وفي هانجو على بعد 170 كيلومترًا جنوب غرب شنجهاي سجلت تظاهرات صغيرة مساء الاثنين رغم الانتشار الأمني.

ويعقد الإشراف الصارم للسلطات على المعلومات والقيود الصحية على السفر داخل الصين، تقدير العدد الإجمالي للمتظاهرين عبر البلاد، إلا ان احتجاجات بهذا الاتساع أمر نادر الحدوث في الصين نظرًا إلى قمع أي شكل من أشكال المعارضة للحكومة.

وفي حين تبقي بكين على سياساتها الصارمة جدا في مكافحة كوفيد، اتخذت بعض تدابير التخفيف في الأيام الأخيرة في حين وعدت السلطات بتسريع تلقيح المسنين.

وتشكل نسبة التلقيح غير الكافية في الصين ولا سيما في صفوف المسنين أحد الحجج التي تقدمها السلطات للابقاء على التدابير الصارمة.