حمدي رزق يكتب: فيض الخاطر

حمدي رزق
حمدي رزق

أحرام على بلابـله الدوح... حلال للطير من كل جنس؟
بيت الشعر لأمير الشعراء «أحمد شوقي» يرد عن الوطنيين المحبين غلو الرافضين، تلطفا.. لا أقول الكارهين!!
إذا ارتأى صاحب قلم ما يراه، فله ما يراه، وقد تختلف معه، وترفض ما خطه، وتكتب ما تراه صوابا، والاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، والقاعدة المعتمدة «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه».

المنهج العاقل الراشد مؤداه «رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب»، و هذه مقولة منسوبة للإمام الشافعى، وهناك أخرى عن الفيلسوف الفرنسى «فولتير»: «قد أختلف معك فى الرأى ولكننى مستعد أن أدفع حياتى ثمنا لحقك فى التعبير عن رأيك».

مثل هذه القواعد الحوارية مفتقدة فى الحوار المجتمعي، وأكثر وضوحا بين النخب المسيسة، حوارات النخب ملؤها الترهيب، والتخوين، والتوصيف المهين، فهذا عميل، وهذا مطبلاتي، وهذا دولجي، وهذا أجندة، وهكذا تتناثر الاتهامات حارقة تشوى الوجوه.

لم تبرأ الساحة الحوارية الوطنية من أمراضها المزمنة والسارية، الاغتيالات المعنوية وصفة مجربة، فزاعة لكل صاحب رأي، ومن قديم ففى النصف الأول من القرن الثانى نجد عبد الله بن المقفع يقول: «من وضع كتابا فقد اسْتَهْدَفَ؛ فإن أجاد فقد استشرَفَ، وإن أساء فقد استُقذِفَ»، وروى عن أبى عمرو بن العلاء أنه قال: «الإنسان فى فسحة من عقله، وفى سلامة من أفواه الناس؛ ما لم يَضع كتاباً، أو يقُلْ شعراً»، خلاصته كما قال العميد «طه حسين»: «من ألّف فقد استهدف».

الاغتيالات المعنوية صارت شائعة، وأكثرها شيوعا، الاتهام بالتطبيل، واختصارا «مطبلاتى»، وفى المعجم، طبالة طِبالة، حرفة الطَّبَّال بمعنى يهوَى الطِّبالة، ورغم تقدم فنون الموسيقى فمازالت للطبالة مكانتها، ولكنها فى الكتابة منكورة، وإذا قررت اغتيال كاتب صفه بـ«المطبلاتى»، تصرعه طلقة واحدة بين العينين، فيخر صريعا فى الفضاء الإلكترونى.
رقيب عتيد، مهمته البائسة عنوانها «إلحق مطبلاتى» ويرد عليه طيب الذكر الساخر العظيم «أحمد رجب»: «أمدح وطنى ويشتمونى.. خَيْرٌ مليون مرة.. من أن أشتم وطنى ويمدحونى».