رحيق السطور| خفايا الساحرة المستديرة.. «تاريخ شعبي» لكرة القدم

الساحرة المستديرة تجذب المهمشون والأغنياء
الساحرة المستديرة تجذب المهمشون والأغنياء

في الوقت الذى تشرئب فيه الأعناق، وتتعلق أنظار عشاق الساحرة المستديرة» بالوطن العربى ودولة قطر تحديدا حيث يتم تنظيم أكبر مسابقة كروية فى العالم على أرض عربية لأول مرة، يتحفنا الصحفى الفرنسى «ميكائيل كوريا» بكتاب «تاريخ شعبى لكرة القدم» ترجمه للعربية الزميل محمد عبد الفتاح السباعى رئيس قسم الشئون الخارجية بـ«الأخبار».

يقدم فيه «كوريا» نظرة مغايرة لتاريخ كرة القدم وما تحمله للشعوب وللأنظمة الحاكمة عبر تاريخها الضارب فى الأعماق، تاريخ من العشق والكفاح بالساحرة المستديرة، ورغم أن نقاد الكرة الراديكاليين يصفونها بـ: «أفيون جديد للشعوب».

«يحاول اكتشاف كل ما هو تخريبى فى كرة القدم، والاهتمام بكل ما يجعل منها سلاحا للتحرر، فعبر التاريخ وفى قارات العالم الأربعة، كانت كرة القدم وعاء للمقاومة، سواء كانت ديكتاتورية أو استعمارية أو أنظمة بطريركية أو أنظمة أرباب العمل،أو كلها مجتمعة.

وبعبارة أخرى لقد سمحت كرة القدم بظهور طرق جديدة للنضال والتسلية والتواصل باختصار :للبقاء، من المنظور السابق يحاول المؤلف إلقاء الضوء على هذا التاريخ المجهول، وبلا تسلسل زمنى ومن خلال اثنين وعشرين فصلا تدور الحكاية.

كما يتم تدوير كرة القدم على تلك الأرضية الهائلة من النضال، من «مانشستر» إلى «بيونس أيرس»، ومن «داكار» إلى «إسطنبول»، ومن «ساوباولو» إلى القاهرة، ومن «تورينو» إلى «غزة»، وهو مسار، بشكل إجبارى متعرج ومتشظى، ويسعى لإعطاء الكلمة لأبطال هذه الملحمة :فى مدرجات برشلونة تحت نير الديكتاتور فرانكو.

وعلى الأراضى الجنوب إفريقية إبان حقبة الفصل العنصرى المظلمة، وفى الأندية العمالية الفرنسية فى حقبة ما بين الحربين، وكذلك فى أوساط طائفة زاباتيستا فى ولاية تشيباس بالمكسيك فى حقبة الألفين.


ولا يبحث الكتاب فقط فى تاريخ كرة القدم الاحتجاجية المهشمة بل أيضا كرة القدم الاحترافية المؤسسية .فتتبع التاريخ الشعبى لهذه الرياضة يقضى بتجاوز ثنائية كرة القدم العشوائية، وكرة القدم التقليدية، فمنذ نشأة الرياضة يتنافس«الشعب» و«النخبة» و«الأغنياء والفقراء» و«المسيطر عليهم».

وعلى تلك البالونة المستديرة، ولا يعتقد فى وجود حدود مغلقة بين هذين العالمين لكرة القدم بل هى حدود مسامية متحركة، إذ إن تاريخ كرة القدم هو تاريخ من التعافى والإبداع المستمر، فبالأمس استولت الطبقة العاملة على كرة القدم الفيكتورية الأرستقراطية.

واليوم أندية يملكها مليارديرات يشترون لاعبين من أحياء فقيرة بأثمان باهظة فيما بعض الديكتاتوريات تحويل شغف كرة القدم لصالحها، وتحاول الشركات الدولية بيع أحذيتهم، وفى كل الأحوال فإن القتال مستمر إذ يطرد المشجعون المضاربين الجشعين من أنديتهم.


ويراهن المؤلف على ان كرة القدم تبقى قبل كل شىء، ورغم كل شىء رافعة هائلة تنتعش من خلالها بعض الحكومات على حساب حياتنا وأجسادنا.لكن فى الوقت الذى تسحق فيه الليبرالية الاقتصادية الأفراد وتترجم كل حركاتنا الاجتماعية إلى مصدر ربح.

وتبقى كرة القدم مرادفا لكرم أخلاق مشترك، وتظل ممارسة بها لفتات غير ربحية بطبيعتها، وحيث التطور الفردى لكل لاعب هو رافد لحركة جماعية للفريق ومثال على تلك الأنشودة الأسطورية لجماهير فريق ليفربول»، أبدا لن تمشى وحدك».

وتترنم الأغنية بكلمات تحفيزية «رغم ما تتعرض له أحلامك من سوء معاملة وقسوة الرياح، فلتستمر فى المشى.. استمر فى المشى حاملا فى قلبك..استمر فى المشى ولكنك أبدأ لن تمشى وحدك».
وتنبع قوة كرة القدم من بساطتها.

وحيث إن قواعدها الأساسية موجزة بشكل خاص، ومنذ تقنينها لأول مرة عام 1863، لم يطرأ على قوانينها السبعة عشر سوى بعض التغيرات الهامشية . وتتطلب ممارستها وسائل بسيطة : كرة يمكن أن تكون بدائية، ومنطقة هواء مفتوح يمكن أن تكون زاوية فى شارع أو أرض قاحلة، تلك القواعد البسيطة توفر حرية مذهلة، وتسمح بتعدد طرق اللعب.

 

اقرأ أيضا | موعد مباراة تونس و الدنمارك في كأس العالم 2022