تصعيد بين الغرب وروسيا وتلويح بالنووي.. الحرب العالمية الثالثة تدق الأبواب

بوتين يحذر الناتو من الحرب بالوكالة وتتعهد واشنطن بمزيد من القوة العسكرية
بوتين يحذر الناتو من الحرب بالوكالة وتتعهد واشنطن بمزيد من القوة العسكرية

كتبت: دينا توفيق

صراع دائر لا ينتهي، وحرب آخذة فى الاتساع.. دعم عسكرى من الولايات المتحدة ودول الناتو لأوكرانيا لمواجهة روسيا.. عرقلة أمريكية لأى محاولات للتفاوض لإنهاء الصراع بالطرق الدبلوماسية بين كييف وموسكو، فيما يجرى الدب الروسى مناورات نووية بعد أسابيع من تحذيره من صراع عالمى جديد.. لتثير التساؤلات هل بدأت الحرب العالمية الثالثة أم أنها استراتيجية وتلاعب أمريكى من أجل كسب مزيد من الوقت الذى تحتاجه لمحاصرة روسيا؟، ومن ثم تحقق هدفها المتمثل فى الهيمنة أحادية القطب على كوكب الأرض.

واشنطن تسعى لمحاصرة موسكو وفرض هيمنتها على الكوكب

أحــدث مثال على هذا الاتجاه هو مقال للصحفى الأمريكى «توماس ماهنكـن» بعنوان "هل يمكن لأمريكا أن تنتصر فى حرب عالمية جديدة؟ ما الذى تتطلبه لهزيمة كل من الصين وروسيا" الصادر عن مجلة "فورين أفيرز". وأوضح ماهنكن فى مقاله قائلًا "يجب على الولايات المتحدة وحلفائها التخطيط لكيفية كسب الحروب فى وقت واحد فى آسيا وأوروبا، على الرغم من أن الاحتمال قد يبدو غير ممكن".

جوش روجين

وفى كتاب "المتشككون على خطأ: يمكن للولايات المتحدة مواجهة كل من الصين وروسيا"، يشير مؤلفه "جوش روجين" والصحفى فى "واشنطن بوست" بإصبعه إلى الديمقراطيين الذين يعتقدون أنه يجب إعطاء الأولوية للعدوان على روسيا وعلى الجمهوريين الذين يعتقدون أنه يجب تكريس الاهتمام العسكرى والمالى للصين. 

اقرأ أيضًا.. فوتشيتش يحذر من "جهنم على الأرض" في كوسوفو بعد 21 نوفمبر

نورييل روبيني

فيما يرى الخبير الاقتصادى الأمريكى "نورييل روبيني" أن الحرب العالمية الثالثة قد اندلعت بالفعل، وأن الأوقات الصعبة بدأت للتو، لكن لم يتم الإعلان عنها بشكل صريح لأن وسائل الإعلام الغربية أغلبها يملكونها الأوليجاركية أو الرأسمالية المعولمة الذين يتحكمون فى سياسة البيت الأبيض ويديرون العالم ويؤسسون لنظام عالمى جديد، يريدون إبقاء الجميع فى الظلام. 

رئيس صربيا: العالم على وشك صراع كبير فى غضون شهرين

ألكسندر فتشيتش

وتعالت تحذيرات الرئيس الصربى "ألكسندر فوتشيتش" من أن العالم على وشك "صراع عالمى كبير" فى غضون شهرين، والتى أثارها خلال اليوم الأول من دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك سبتمبر الماضي.

وقال "إن الأمر صار أسوأ، حيث تم إضعاف الأمم المتحدة واستيلاء القوى العظمى على نظامها ودمرها عمليًا على مدار العقود العديدة الماضية." هذا بالإضافة إلى انتقال الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى مرحلة أكثر فتكًا. وأوضح فوتشيتش قائلًا "أفترض أننا نغادر مرحلة العملية العسكرية الخاصة ونقترب من نزاع مسلح كبير، وما إذا كان بعد فترة زمنية معينة - ربما شهر أو شهرين- سندخل صراعا عالميا كبيرا لم نشهده منذ الحرب العالمية الثانية."

وما يحدث هو أن الدول الغربية، المعتدين الحقيقيين فى هذه الحرب، لم يفرضوا فقط عقوبات انتحارية ضد روسيا، ولكنهم يديرون أيضًا العمليات العسكرية الأوكرانية ضدها؛ وهذا يعنى أن حلف شمال الأطلسى "الناتو" فى الحرب بالفعل، حتى لو لم يعترف الناتو بذلك بعد. والأسوأ من ذلك، يطالب قادة الناتو علنًا بالتدمير الكامل لروسيا واستغلال مواردها الطبيعية، وهو بالطبع النموذج الكامل للاحتلال والنهب العالمى الذى يقوم به الغرب عادةً؛ والقائم على التعطيل والنهب والسيطرة. هذا هو نموذج وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "CIA" الذى تم العمل به ضد دول أخرى لعقود.

من غير المحتمل نجاح أى مفاوضات للوصول للتهدئة أو خفض التصعيد بين روسيا والغرب. فالولايات المتحدة عازمة على عزل روسيا وفصلها تمامًا عن أوروبا وخاصة ألمانيا، حتى لو كان ذلك يعنى تدمير اقتصاداتهم وسلاسل التوريد الزراعية فى هذه العملية. أدرك الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" أنه لن يمكن الوثوق بهم للالتزام بأى اتفاقيات على الإطلاق، وليس أمامه سوى القاتل أو الموت، وهذا ما يشهده العالم الآن.

لسوء الحظ، أدى جنون الدول الغربية إلى تصعيد هذا الصراع إلى حالة يكون فيها لمن يطلق القنابل النووية أولاً ميزة. من الواضح أن هذه ديناميكية خطيرة، خاصة وأنها تنبع من حقيقة أن الغرب قد أشار مرارًا وتكرارًا إلى أنه لن يسمح بوجود روسيا فى رؤيتهم "النظام العالمى الجديد" لكوكب الأرض.

بينما كان الغرب يشن حربًا روائية دعائية، كانت روسيا تهندس الأسلحة النووية الأكثر تقدمًا فى العالم. بمجرد بدء التبادل النووي، ليس هناك شك على الإطلاق حول نتائجه. ستخسر روسيا بضعة ملايين من البشر - أقل بكثير مما خسرته فى الحرب العالمية الثانية - لكنها ستقضى على ألمانيا وبولندا وفرنسا والمملكة المتحدة. ستغرق أوروبا الغربية فى جيل من اليأس والظلام، بينما تعانى الولايات المتحدة من انهيار مالى متتالٍ بسبب تعرضها للبنوك الأوروبية، والعملات، وأسواق الديون، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وسائل الإعلام الغربية عالقة فى عالمها الوهمى الخاص بغسيل الأدمغة والدعاية الذاتية، تعتقد بطريقة أو بأخرى أنها تستطيع التنمر على روسيا للاستسلام لمطالب الغرب المجنونة. لكن روسيا ليست دولة يمكن استعمارها أو إخضاعها. لا يمكن تفكيك روسيا اقتصاديًا بالعقوبات الغربية، ولدى روسيا سلسلة إمداد محلية خاصة بها لكل ما تحتاجه لإطعام شعبها، وتصنيع المزيد من الأسلحة وكسب ثروة من صادرات الطاقة والسلع إلى شركاء تجاريين راغبين مثل الهند والصين وتركيا وإيران.

وكدليل على عدم كفاءة الدول الغربية خاصة دول الاتحاد الأوروبي، فإن «عقوباتهم الانتحارية» ضد روسيا، التى نفذت فى الأصل لمحاولة رضوخ روسيا وانهيار عملتها - كان له تأثير معاكس، حيث أدت العقوبات إلى تراجع اليورو وليس الروبل وحده، والآن تواجه أوروبا الغربية كلها شتاء من الظلام والمجاعة والبرد لا أحد يعلم كيف سينتهي.

هذا بالإضافة إلى "تراجع التصنيع الدائم" للصناعة الأوروبية الذى بدأ بالفعل، حيث توقف حوالى 70% من صهر المعادن وإنتاج الأمونيا، والأسمدة، بجانب إعلان بعض الدول مثل بلجيكا عن إغلاق محطة للطاقة النووية، فى الوقت الذى تواجه فيه كارثة ندرة فى الطاقة، وفقًا Euractiv الشبكة الإعلامية الأوروبية المتخصصة فى سياسات الاتحاد الأوروبي.

وتخصص ألمانيا 8 مليارات دولار أخرى لإنقاذ شركة Uniper، وهى مزود رئيسى للغاز الطبيعي، وذلك علاوة على 15 مليار دولار تم إنفاقها بالفعل فى محاولة لمنع انهيارها. ما تعانى منه ألمانيا الآن نتيجة لانضمامها لقرارات واشنطن بفرض عقوبات على روسيا وعدم الاعتماد على الطاقة الروسية، هو القضاء على القاعدة الصناعية فى ألمانيا بسرعة مذهلة، ولا أحد فى الحكومة الألمانية يخبر الشعب أنه لن يكون لديه وظائف مع انهيار الصناعة.

والآن، تقود ألمانيا الطريق إلى الدمار الشامل لأوروبا مرة أخرى، بعد الحرب العالمية الأولى والثانية. ولا يحتاج بوتين إلى إطلاق أى أسلحة نووية، ولكن يحتاج فقط الانتظار حتى الشتاء لبدء العمل وقيام قوانين الديناميكا الحرارية والاقتصاد بالباقي.

فقد تم قطع الغابات فى كل مكان فى جميع أنحاء ألمانيا فى محاولة يائسة من قبل الألمان لتخزين الحطب للشتاء القادم. وهل هذه هى الأجندة "الخضراء" الجديدة بالنسبة لهم؟ وهل إزالة الغابات التى ستستغرق عقودًا لتنمو مرة أخرى، يمكن أن يكون حلًا للتدفئة ولكن ماذا يعنى لتغير المناخ؟. هل يدرك أى شخص أن اقتصاد القرن التاسع عشر لا يمكنه دعم سكان القرن الحادى والعشرين؟ المجاعة باتت أمرا مؤكدا.!

ولوقف هذه الأزمة، كل ما يتعين على ألمانيا فعله هو الاعتذار لروسيا وإلغاء العقوبات الاقتصادية وعودة التعامل مع شركة غازبروم لإعادة تشغيل الغاز، لكن الألمان لن يجرأوا على فعل ذلك، ولن تسمح لهم واشنطن القيام بذلك، حتى لو كان مئات الآلاف من المواطنين الألمان يتضورون جوعًا. بالطريقة نفسها التى ألقى بها "أدولف هتلر" الجنود الألمان الجائعين والمجمدين فى الخطوط الدفاعية الروسية فى "ستالينجراد" عام 1943، يضحى القادة الألمان اليوم بحياة مواطنيهم فى محاولة يائسة لمحاولة إلحاق الضرر بروسيا اقتصاديًا، والانجرار وراء واشنطن. 

فيما تمتلك روسيا كميات هائلة من الطاقة منخفضة التكلفة والمعادن وتصنيع الصلب وإنتاج الأسمدة والمحاصيل الغذائية وتصنيع الإلكترونيات وكل شيء آخر ضرورى لإبقاء الحضارة على قدميها. ومع ذلك حتى يومنا هذا، لا يوجد سياسى أوروبى غربى واحد يعترف بحقيقة الموقف الحالي. لا يمكن للدعاية السيئة أن تدفئ المنازل، أو أن وسائل الإعلام الغربية ستكون المصدر النهائى للطاقة المتجددة لكوكب الأرض بأكمله.

نتيجة كل هذا، يجب على أى شخص يعيش فى الغرب الاستعداد للانهيار الاقتصادى وربما لحرب نووية سيكون لها تداعيات على جميع أنحاء العالم التى من شأنها أن تعطل المحاصيل لسنوات قادمة. أولئك الذين لا يقومون بتخزين الطعام سينتهى بهم الأمر بتناول الأطعمة المشعة، إذا تمكنوا من العثور على أى منها.