محكمة استئناف الأسرة بالإسكندرية تعيد سيدة لعصمة زوجها بسبب الغش والتدليس

صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه

لا أعلم حتى الآن لماذا وافقت على الزواج بي؟ كان هناك من هم أكثر منى وسامة وعلما وثقافة ووجاهة من شباب القرية، يستحقون نيل شرف الارتباط بابنة الذوات وصاحبة الجمال الصارخ.. لكننى فجأة وجدتها تبتسم لي، أنا جارها وقريبها من بعيد، حقيقة لم أصدق نظراتها، حتى طمأنتنى شقيقتى، وأخبرتنى أنها معجبة بي، وقتها وفى أول لقاء بيننا، صارحتنى بكل شيء، قالت جذبتنى أخلاقك وأطمأننت لمستقبلك، ولم أنظر إلى فقرك وسمار بشرتك .. ومرت الأيام.. وأدركت إجابة ذلك السؤال الحائر مؤخرا، وعلمت أن كل هذا الحب كان سرابا، وأن ابنة الذوات لن تغير من حياتها وترتضى بالفقر مهما سيطر عليها قلبها.

اقرأ أيضا| بأمر القانون.. أميرة محرومة من نسب ابنها لأبيه

كان الجميع يتهامس باستغراب بعد إعلان خطوبة الشاب الفقير والفتاة الثرية، ثارت التساؤلات حول الاثنين، وبدأت الأعين تتربص إلى أى مصير ستصل علاقتهما؟! وهل ستكتمل بالزواج أم لا؟، لكن ذلك الشاب لم يعط بالا لكل ذلك، فقد اكتسب طمأنينة تدفعه إلى تجاهل الجميع، عندما أخبرته الفتاة بأنه حبها الوحيد.

مر عام الخطوبة دون مشاكل، كان فيه الشاب مطيعا، لا يرفض لها طلبا، يبادلها الهدايا وكلمات الغزل، أما هى فكانت سعيدة وراضية، عاش الاثنان حلما جميلا، توج بالزواج.

كان الزوج يدرك فقره جيدا، فراتبه من عمله فى معمل التحاليل، لن يحقق السعادة التى يتمناها لزوجته، أو يعوضها ولو بجزء عن حياتها الثرية التى كانت تعيشها فى منزل والدها.
لذلك حاول أن يجعل حبه لها والعمل على رضاها وطاعتها جزءا يعوض به قلة حيلته تجاه طلباتها المتكررة، لكن الأمور لم تسر بالشكل الذى أراده.

بدأت الزوجة تتمرد عليه كلما رفض لها طلبا، حتى اشتكت إلى والدها، الذى تدخل ومنحها المال الذى يكفيها لشراء احتياجاتها الخاصة، لكن الزوج الشاب رفض وأجبرها على إعادة الأموال إلى والدها.. ومن هنا بدأت المشاكل تتزايد بين الطرفين.

حاول الزوج أن يقنع زوجته بأنه يبحث عن أكثر من عمل لزيادة دخله، لكن الفتاة لم تصبر، تركت منزل الزوجية وتوجهت للعيش فى منزل أبيها، وهناك أخبرت الجميع بفقر زوجها، قالت إنه لا يستطيع الإنفاق عليها، ندمت وبكت على الزواج به، وطلبت من والدها أن يتدخل لطلاقها فورا من ذلك الزوج الفقير.

لم يصدق الزوج ما حدث، شعر أنه يعيش فى كابوس وعليه أن يفيق منه، جلس مع زوجته فى منزل والدها، ذكرها بحبها له، وكيف أنها فضلته على شباب القرية، حاول كثيرا أن يطمئنها أن القادم أفضل، وأن رفضه لمال أبيها هو أمر يجب أن تسعد به.

وليس عليها أن تغضب منه، لكنها ظلت صامتة أمامه، وبعد دقائق أخبرته أنها تريد أن تعيش حياة والدها الثرية وهذا الأمر متوقف عليه هو، والعودة إليه من جديد مرهونة بتحقيق ذلك.

لم يجب الزوج عليها، رمقها بنظرة غضب واستغراب، وغادر والحزن يسيطر على ملامح وجهه، ورغم ذلك التمس العذر لها، وقرر أن يحقق لها ما تريد، بحث عن عمل فى إحدى دول الخليج، وبعد أشهر تحصل على فيزا حرة، وسافر مباشرة إلى السعودية ليبدأ رحلة «الثراء» التى تريدها زوجته.

كانت علاقته مع زوجته قد انقطعت تماما، حاول من خلال شقيقته بعد سفره إيصال رسائل لها بأنه سيعود قريبا وسيحقق لها كل أحلامها، لكن الزوجة لم تعط له بالا، تجاهلت كل ذلك وقررت إنهاء حياتها الزوجية بأسرع وقت قبل عودته من السفر.

اتفقت الزوجة مع محام على إقامة دعوى لخلع الزوج، وبدأت إجراءات الدعوى سرا، حتى إعلان الزوج بالقضية تسلمته الزوجة على زعم أنه مقيم فى البيت ولم يسافر للخارج .. وبعد عدة جلسات صدر الحكم بخلع الزوج.

ونزل الخبر على الزوج كالصاعقة بعد أن أخبرته شقيقته الصغيرة بما حدث، فقد أذاعت الزوجة خبر طلاقها فى كل منزل بالقرية، انتفض الزوج من مكانه بمجرد سماعه الخبر، تعجب مما حدث، وأخبر شقيقته أنه لا يعلم شيئا، وتساءل كيف تم ذلك دون إعلانه؟.

ولم ينتظر الزوج إجابة على تساؤلاته الحائرة، فقطع رحلة سفره وعاد إلى بلدته، حاول مقابلة زوجته ليعلم حقيقة ما أذاعته، لكنها رفضت، وأخبرته انها لم يعد يربطها شىء به.

وتوجه إلى أحد المحامين وأخبره بما حدث، ليبدأ محاميه إقامة استئناف على حكم الخلع، قائلا فى الدعوى «إن ما حدث تدليس من الزوجة بادعائها إعلان الزوج فى منزله رغم علمها أنه مسافر للخارج».

قدم المحامى دعواه إلى محكمة استئناف الأسرة بالإسكندرية، وأرفق بها كل ما يثبت أن الزوج لا يعلم شيئا عن القضية، وأنه كان متواجدا للعمل فى الخارج قبل موعد إعلانه بدعوى الخلع.

ومع أولى جلسات نظرالاستئناف وقف الزوج أمام القاضى يحكى مأساته، قال: «سيدى القاضى تعرضت لخديعتين من زوجتى، الأولى عندما أخبرتنى أنها تحبنى وفضلتنى على كثير من شباب القرية، والثانية عندما خلعتنى دون علمى، .. فى الحالتين لم أجد إجابة لهما؟
وأضاف الزوج: «لا أريد سيدى القاضى سوى حقى، متسائلا كيف تطلق زوجتى منى وأنا لا أعلم شيئا، ولم ألقِ عليها يمين الطلاق؟».

وكان الزوج على يقين أنه سيربح هذه القضية، لكنه لم يعلم ماذا سيحدث بعد؟ هل سيغفر لزوجته؟ ، أما أنها ستطلب الطلاق للإبراء وتتنازل عن كل حقوقها»؟.

ومع ثالث جلسات المحاكمة .. وبحضور الزوج والزوجة، قضت محكمة استئناف الأسرة بإلغاء حكم محكمة شئون الأسرة بخلع الزوج، واعتباره كأن لم يكن.

وأكدت المحكمة فى حيثيات حكمها أن الزوجة استخدمت الغش والتدليس، وقامت بإعلان الزوج على منزل الزوجية رغم علمها أنه مقيم فى الخارج، ومن ثم لم يتصل علمه بإجراءات سير الدعوى.

وأشارت محكمة الأسرة إلى أنه تبين أن خطابات البريد المرسلة إلى الزوج لإعلانه بالدعوى لم تسلم إليه، كما أنه تم التأكد من تحركات السفر والجوازات والتحويلات البنكية أنه مقيم بالخارج، ولم يتسلم أى خطابات أو إعلانات على غير ما ادعت الزوجة.

وبمجرد صدور الحكم تهلل وجه الزوج، وحمد الله على إنصاف القضاء له، بعدها رفض كل الحلول الودية لإنهاء الأمر مع زوجته، وسافر عائدا إلى عمله مشترطا أن تتنازل الزوجة عن كل شىء مقابل تطليقها، وبعد أيام وافقت الزوجة، وحدث الطلاق وعاد كل منهما إلى نقطة البداية من جديد.