نار الألغام تجفف مياه السيول في البادية السورية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عندما غمرت مياه الأمطار كامل المنطقة الجغرافية لسوريا مع بداية فصل الشتاء، التي شملت حتى المناطق الجافة في البادية، غمر السكان الفرحة العارمة، مودعين نهاية نارالصيف ومرحبين بموسم الشتاء.

إلا ان تلك الفرحة العارمة لم تدوم طويلا حيث انقلبت النعمة إلى نقمة بعد اندلاع الخطر من تحت الأرض، جراء جرف مياه الأمطار للألغام الأرضية التي سبق وكانت زرعها تنظيم داعش الإرهابي، أفضل من يزرع الموت في ألأرض من خلال التفجيرات، والمعلومات التي تم الحصول عليها بعد هطول الأمطار في البادية السورية تدل على سماع انفجارات كثيفة.

عودة داعش في صورة جديدة

وأشارت الأمطار الغزيرة التي شهدتها المناطق التي شهدت سيطرة التنظيم الإرهابي، إلى عودة التنظيم للنشاط في صورة حروب عصابات وألغام أرضية ومتفجرات.

السيول كشفت المستور

بحسب قائد ميداني في لواء القدس لموقع الأندبندنت العربي، كشف ارتفاع كبير في عزاره السيول، أثناء عمليات تعقب فلول تنظيم "داعش" ومخابئهم في البادية السورية، بصورة غير مسبوقة، وتقع معظمها في منطقة السخنة ووادي قاليا ووادي الكبير ووادي الزلاف ووادي الصغير ووادي العبارة.

وقال القائد الميداني: "للأسف، جرفت هذه السيول عددًا كبيرًا من الألغام التي زرعها الأصدقاء والأعداء في الصحراء على حد سواء، حيث نسف بعضها السيول، والبعض الآخر تطاير في مكانه بقوة تدفق المياه الغزيرة.

قتال داعش بالرغم من السيول 

وبالرغم من ذلك لم تتوقف عمليات ملاحقة مجموعات "داعش" في ريف الرقة، من قبل فرق قتالية احترافية سعياً إلى الإطباق على ما تبقى من أفراد التنظيم حتى وسط البلاد على أطراف ريف حمص، والكشف عن مخابئ ومكامن لهم مع العتاد والأنفاق، غير أن الطقس الممطر قلل الطلعات الجوية الروسية، لتعود وتستأنف بعد تحسن الأحوال الجوية، وانحسار المنخفض الجوي.

تدخل القوات الأمنية

بينما تشهد محافظة درعا عمليات مطاردة واشتباكات عنيفة ضد الجماعات المسلحة التي دخلت المدينة قبل 10 أيام وتسببت في سقوط قتلى ودمار، إلا أنها أحدثت حالة من الفوضى الأمنية التي دفعت إلى تدخل القوات الأمنية، واللواء 81 من الجيش السوري لوقف هذه الفوضى في الأحياء.

محاولات إغاثة

المتحدث الإعلامي للجنة الدولية للصليب الأحمر، عدنان حزام، أشار في هذا السياق إلى أن عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر يقتصر على زيادة الوعي بمخاطر الألغام، حيث أن ذلك من مهامها، خلال ورش عمل تدريبية لتثقيف الأطفال والعاملين في الصحراء حول كيفية عمل الألغام ومخلفات الحرب دون الاقتراب من الأجسام الغريبة أو لمس مخلفات الحرب.

من ناحية أخرى، اشار موظف ميداني من جمعية الهلال الأحمر السوري إلى وصول فتاة تبلغ من العمر ثماني سنوات جاءت لتلقي العلاج مع والدها بعدما أحضرت جسماً غريباً إلى منزلها أثناء جمعها الحطب للتدفئة، ليتبين أنه لغم انفجر بها وبعائلتها.

خبراء زراعة الموت  

في غضون ذلك، أعلنت الأجهزة الأمنية السورية ضبط كميات كبيرة من العبوات الناسفة والأسلحة والذخائر بعد هزيمة مقاتلي "داعش" في أحياء درعا الجنوبية، حيث عثرت عثرت القوات الأمنية السورية،  أثناء تفتيش مخبأ أحد قادة التنظيم الملقب بـ "أبو طعجة"، على عبوات ناسفة وألغام وأسلحة وكميات كبيرة من المتفجرات المعدة من بينها دراجات نارية وعربات أخرى مليئة بخزانات الأكسجين ذات القدرة التدميرية العالية.

رعاة الماشية والأطفال 

من جهة أخرى، أفاد الباحث في العلوم العسكرية والجماعات المتطرفة عبد الكريم حاج رمضان أن "الأخطار الوشيكة ستنتظر رعاة الماشية والأغنام في الأشهر المقبلة بعد هطول أمطار غزيرة حملت الألغام من أراضِ كانت محظورة بالأساس.

وأضاف: "إن عدد الألغام التي زرعها داعش يقدر بـ 100 ألف لغم أرضي، وفق تقارير دولية ومع هذا الرقم الصعب تعج البادية بمخلفات حرب إلى اليوم، وهذا كله سيترك تأثيره في الأطفال ورعاة الماشية الذين حفظوا في ذاكرتهم أماكن وضعها، لكن غزارة السيول اليوم تتطلب تدخلاً جديداً من قبل منظمات ومجموعات هندسية لتمشيط الأرض وسبرها ثانية مع فصل الربيع أو قبل بدء مواسم البحث عن الكمأة ورعي الماشية".

حرب العصابات والألغام

وفي ذات السياق أعرب حاج رمضان عن اعتقاده بأن "داعش" ستباشر بصنع مزيد من الألغام، لامتلاكها كوادر مدربة لصناعتها وتلغيم البيوت أو الأهداف المتحركة والثابتة، بالإضافة على استهداف حافلات الجنود على الطرقات العامة، إلا أنه "يواجه صعوبة أساسية في الوقت الحالي وهي أزمة التمويل، ولهذا أخذ على عاتقه الانقضاض على قطعان الماشية والسلب واستخدام حرب العصابات".