انتخابات الأرقام القياسية فى البحرين.. سقوط «مدوى» للإسلاميين فى مجلس النواب

إقبال منقطع النظير من الشعب البحرينى للمشاركة فى الانتخابات النيابية والبلدية
إقبال منقطع النظير من الشعب البحرينى للمشاركة فى الانتخابات النيابية والبلدية

توجهت أنظار العالم إلى مملكة البحرين فى شهر نوفمبر الحالى بسبب استقبالها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف د. أحمد الطيب، وقداسة البابا فرنسيس السادس بابا الفاتيكان من أجل الحوار بين الشرق والغرب لمواجهة التحديات العالمية، واحتضانها دعوة الإمام الأكبر لعقد حوار إسلامي-إسلامى لإزالة خلافات الماضى بين السنة والشيعة.


بعد أيام من هذا اللقاء التاريخي، كانت الجزيرة الخليجية التى تضم نسيجا فريدا من السنة والشيعة، على موعد آخر لكتابة فصل جديد فى مسيرتها الديمقراطية من خلال إقامة انتخاباتها البرلمانية والبلدية، والتى تتم للمرة السادسة بانتظام منذ عام 2002 مع اطلاق المشروع الإصلاحى للملك البحرينى حمد بن عيسى آل خليفة.


شكلت انتخابات 2022 محطة فاصلة فى تاريخ البحرين، حيث أقبل البحرينيون على الاقتراع تحت شعار «نصوت للبحرين» لاختيار 40 نائبا و30 عضوا بلديا، وتزينت الشوارع بلفتات المرشحين من مختلف الأطياف وهو الأمر الذى أثار إعجاب عديد من ممثلى البعثات الأجنبية بالمملكة.


العملية الانتخابية التى سجلت أرقاما قياسية فى حجم الاقبال على التصويت والتى بلغت 73.18% وهى الأعلى منذ 2002، جسدت تطور المشهد السياسى البحريني، سواء على المستوى الداخلى أو الخارجي، بداية من عدد المرشحين لخوض الانتخابات الذين بلغعددهم 507 مرشحين.

 

ومن بينهم 334 مرشحاً لعضوية مجلس النواب و173 مرشحاً لعضوية المجالس البلدية، كما سجّلت الانتخابات أرقاماً قياسية فى مشاركة المرأة، حيث ترشحت 94 سيدة من إجمالى المرشحين، منهن 74 مرشحة لعضوية مجلس النواب و20 لعضوية المجالس البلدية.


وعكست خريطة الترشح فى الانتخابات النسيج البحرينى بمكوناته، حيث انخرط أصحاب اللحى السنية والعمائم الشيعية فى السباق الانتخابى إلى جانب الشخصيات التكنوقراط غير المحسوبين على التيارات الدينية بشقيها، وجاءت النتائج النهائية للانتخابات التى خرجت فى ساعة مبكرة من يوم الأحد لتعبر تعبيرا صادقا عن رغبة المجتمع البحرينى فى التغيير وتصحيح مسار أداء مجلس النواب البحريني.

وهو ما تحقق من خلال انتخاب 33 نائبا جديدا فى برلمان 2022، بنسبة تغيير تصل إلى 80% من نواب مجلس 2018 المنصرم، حيث أصر الناخب البحرينى على ابعاد غالبية النواب الذين صوتوا مع زيادة ضريبة القيمة المضافة أو وقف ا لزيادة السنوية للمتقاعدين، حيث بات التصويت العقابى هو أحد أدوات الرقابة الشعبية على البرلمان.


ولم تكتف المرأة البحرينية بالمشاركة فى العملية الانتخابية بالتصويت بنسبة تصل إلى 48% من بين المصوتين الذين بلغوا 252.256 ألف ناخب، إلا أنها استطاعت أن تحقق نتائج متميزة بعد وصول 8 نساء إلى مقاعد البرلمان بنسبة تصل إلى 20% من تركيبة المجلس الجديد، فى مؤشر إلى مستوى المشاركة السياسية للمرأة البحرينية ودورها البارز فى مسار التطور الديمقراطي.


ولعل من أبرز نتائج الانتخابات البحرينية فى 2022 هو استمرار فشل الجمعيات السياسية - الأحزاب- فى استقطاب الناخب البحريني، حيث عكست نتائج الانتخابات استمرار هيمنة المستقلين على المشهد البرلمانى فى البحرين، حيث حصلوا على 36 مقعد من مجلس النواب مقابل 4 مقاعد فقط للجمعيات السياسية، ثلاثة منهم لصالح جمعية المنبر الوطنى التقدمى ذات الاتجاهات الليبرالية.

ومقعد وحيد لجمعية تجمع الوحدة الوطنية، فيما فشلت جمعية الأصالة السلفية فى المحافظة على مقاعدها فى البرلمان، بل وخسرت كرسى البرلمان فى دائرة هيمنت عليها لمدة 20 عاما، فيما آثارت جمعية المنبر الإسلامى عدم خوض الانتخابات من البداية.

وفى رسالة واضحة تؤكد عدم ثقة الناخب البحرينى فى الجمعيات السياسية الإسلامية.. الانتخابات البحرينية التى جرت بإشراف قضائى كامل فى كافة مراحلها، شهد بنزاهتها 449 مراقباً من 11 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدنى البحرينية، وهو أكبر عدد من المراقبين فى تاريخ المملكة الانتخابي، ولم يتم تسجيل أى مخالفات تمس سلامة العملية الانتخابية.


هذه الأرقام القياسية كانت بمثابة الضربة القاضية للمحاولات اليائسة التى قامت بها بعض الأصوات الظلامية من خارج البحرين والمدعومة من إيران لتعطيل العملية الانتخابية، حيث سعت طوال الأسابيع القليلة الماضية عبر خطابات التهديد والوعيد والدعوات لمقاطعة الانتخابات، ووصلت إلى استخدام سلاح الهجمات السيبرانية ومحاولة اختراق الكترونى لعدد من الوسائل الإعلامية البحرينية لبث أخبارا ضد الانتخابات.


ودعا عدد من النشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعى الأطراف المحسوبة على المعارضة الشيعية إلى مراجعة مواقفها قبل الوصول إلى حالة الانسداد، لافتين إلى أن المعارضة الإسلامية فى البحرين قاربت نصف قرن من عمرها، ولم تقم بأى مراجعات عميقة تستخلص منها العبر والدروس للمستقبل.


ويرى أنور عبدالرحمن رئيس تحرير جريدة «أخبار الخليج» الصحيفة اليومية الأقدم فى البحرين، أن الانتخابات البحرينية حملت عديد من الرسائل للداخل والخارج فى آن واحد، فعلى المستوى الداخلى أكدت تمسك البحرينيون بإرادة المشاركة فى الحكم عن طريق التصويت بكثافة فى اختيار أعضاء مجلس النواب الجديد، ومعالجة أية سلبيات فى الأداء البرلمانى للنواب السابقين.


وتابع قائلا: على المستوى الخارجى أكدت البحرين أنها باتت تقف على أرض صلبة فى مواجهة أى أصوات خارجية تسعى إلى التدخل فى شؤونها الداخلية، وتحاول العبث فى مقدرات شعبها، وذلك من خلال التفاف أبناء المملكة بكل مكوناتهم وراء المسار السياسى الذى خطه ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وتجاوز التداعيات السلبية التى خلفتها أى أحداث سياسية سابقة، والانطلاق نحو المستقبل بخطى واثقة.


وشدد على أن البحرين الدولة الخليجية العربية الإسلامية تبنى قواعد الدولة المدنية الحديثة، وتؤسس تجربة فريدة على المستويين الخليجي والعربي، عبر استثمار تنوعها المجتمعي فى صناعة نموذج سياسى وديمقراطي يحتوى الجميع، هذه التجربة التي تستحق أن تقف عندها التجارب الديمقراطية فى المنطقة.


بدورها أكدت عهدية السيد رئيسة جمعية الصحفيين البحرينية السابقة، أن المشاركة الواسعة كانت خطوة مهمة نحو الأمام للبحرين والمنطقة عامة، إذ جاءت فى سياق «الرد على استهداف البلاد من قبل بعض الدول والميليشيات الإرهابية التى تمول من بعض الدول مثل إيران، وهناك تهديد للمواطن البحريني من قبل شخصيات تابعة للنظام فى طهران بأنه إذا قام أحدهم بالتصويت فسيعتبر خائناً، ولكن لم يستمع المواطن البحريني لهذا التهديد سنة وشيعة.

اقرأ ايضا | البحرين وبنجلاديش تبحثان علاقات التعاون المشتركة