بأمر القانون.. أميرة محرومة من نسب ابنها لأبيه

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتبت: منى ربيع 

مازالت معاناة "أمل" ابنة الدقهلية مستمرة في مطالبتها بإثبات نسب طفلتها إلى والده الذي اغتصبها في لحظة غدر، ونتج عن ذلك طفلة لا ذنب لها في الحياة إلا أنها ابنة لذلك الأب ؟؟؟ لجأت إلى محكمة الأسرة إلا أنها رفضت دعوها، ما اضطر أمل إلى استئنافها لتطالب فيها والد ابنتها بإثبات نسب نجلته إليه. 

المأساة الحقيقية أن أمل ليست الضحية الوحيدة للاعتداء أو الغدر بها، فهناك ضحايا أخريات تم الغدر بهن باسم الحب، وكانت النتيجة طفل او طفلة بدون شهادة ميلاد ولا تستطيع إلام فعل شيء؛ لان القانون لا يلزم الأب الاعتراف بنجله الذي جاء نتيجة زنا او اغتصاب، هذا هو الواقع حتى لو جاءت نتيجة تحليل الـ DNA  تؤكد أن ذلك الشخص هو الأب للطفل او الطفلة لان القاعدة الشرعية تقول؛ ان الولد للفراش، وهي قاعدة لم يطرأ عليها الاجتهاد حسب تغير الزمن، المهم هذا ما جاء في حكم محكمة أسرة استئناف القاهرة برفض دعوى نسب طفل لوالده، وإلغاء حكم أول درجة بإثبات النسب؛ والسبب هي هذه القاعدة "الولد للفراش لا أن يكون نتتج عن عباقى غير شرعية". 

ومازالت الام تعانى لأكثر من 6 سنوات مع ابنها الصغير تطالب باثبات نسبه، 

تفاصيل القضية والحكم ترويها السطور التالية كما جاءت في الأوراق.

القضية ترجع وقائعها الى اكثر من 11 عاما عندما كانت اميرة تبلغ من العمر 17 عاما؛ حينما احبت جارها بالمنطقة والذى وعدها بالزواج بمجرد ان تنتهى من تعليمها الفنى وتحصل على الدبلوم، صدقته أميرة وظلت تحلم معه بالبيت الصغير والاسرة، حتى استطاع استدراجها الى منزله بحجة احضار بعض الاشياء التى تخصه لعمله، فكانت أميرة تثق به ثقة عمياء، لكنه استغلها ونجح فى الوصول لهدفه الدنئ، وسلبها اعز ما تملك.

أقنعها أنها زوجته ولن يتركها وسيتزوجها قريبا خوفاً من الفضيحة، وان إتمام الإجراءات مجرد شكليات، حتى شعرت أميرة بأن هناك شيء يتحرك في أحشائها، وبعمل التحاليل الطبيبة اكتشفت حملها، جريت أميرة عليه حبيبها تخبره بالحمل وتطالبه بإسراع الزواج إلا أنها فوجئت به يتهرب منها ويطلب منها إلا تقابله مرة أخرى وتنساه تماما لأنه مستحيل أن يتزوج امرأة اخطأ معها.

أميرة لم تجد من يقف معها ويحنوا عليها قاطعتها أسرتها، بعد علمهم بالفضيحة في البداية، تشردت في الشوارع حتى تقبلتها إحدى قريباتها، بعدما تأكدت من ظلم أميرة، لكنها في النهاية ستكون إما لطفل لا ذنب له في خطأها، وبمجرد إنجابها لطفلها احمد، قررت المطالبة بحقوقه واثبات نسبه، حاولت مرارا وتكرارا مع حبيبها إلا انه رفض وطلب منها ومن قريبتها عدم الاتصال به  ثانية لأي سبب من الأسباب.

لتذهب الى محاميها ترفع دعوى اثبات نسب، وبعد عدة جلسات قضت المحكمة في جلسة 27 يونيو 2012 بإثبات نسب احمد لابيه، كانت فرحة اميرة بالحكم لا توصف فابنها اخيرا سيكون له اب، والحق في الحياة بأوراق رسمية، وذلك بعد ان اثبت تقرير الطب الشرعي في تقريره انه بعد خضوع الطرفين للكشف الطبي وتحليل البصمة الوراثية DNA ثبت ان الصغير احمد يشترك مناصفة مع كل من المدعية والمدعى عليه في جميع العوامل الوراثية، وانه يرى ان الصغير ابن المدعى عليه وهو والد الطفل؛ لهذا قضت المحكمة باثبات نسب الصغير لوالده والزامه بالمصروفات واتعاب المحاماة.

فرحة ما تمت

كانت فرحة اميرة لا توصف بأن ابنها اصبح له ابًا، والمحكمة الزمت والده بالاعتراف به، لكن النيابة العامة ممثلة في نيابة الجيزة الكلية لشئون الأسرة لم ترتضي بالحكم المتقدم؛ لذا فقد طعنت عليه بالاستئناف الماثل طلبا للحكم؛ اولا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بالغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى مع الزام المستأنف ضدها الأولى بالمصاريف وذلك لأسباب؛ اولها الخطأ في تطبيق القانون لقوله صلى الله عليه وسلم "ان الولد للفراش وللعاهر الحجر"، مما يعنى ان الولد حال الزوجية يكون للزوج ولاشيء للزانى اذ ان الزنا لا يثبت نسبًا، والمقرر قضاء ان النسب يثبت في جانب الرجل بالفراش والبينة والاقرار، وقد خلت الاوراق مما يثبت توافر السبب الشرعي المنشيء للنسب وهو الفراش او ما يلحق به من شبهة بل أكدت الاوراق ان حمل المستأنف ضدها "اميرة" بالصغير كان سفاحا. 

والسبب الثانى هو الفساد في الاستدلال، حيث ارتكن الحكم الطعين في اثبات النسب على تقرير مصلحة الطب الشرعي وهو يثبت النسب الطبيعى فقط دون النسب الشرعي الذى يستند الى احكام الشريعة الغراء. 

كانت صدمة اميرة لا توصف بعد طعن النيابة وحبيبها على الحكم وحمل الاستئناف رقم 8832 لكن لم يكن امامها سوى اللجوء مرة اخرى للقضاء. 

وتداول نظر الاستئناف بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها، وبها مثل حبيبها المستأنف الثاني وأودعت النيابة العامة مذكرة برأيها الغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى المستأنف حكمها، ويا فرحة ما تمت؛ قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وقبل ان تفصل المحكمة في موضوع الدعوى قررت استجواب المستأنف بشأن علاقته بالصغير ومدى نسبه له وسببه وبجلسة 23سبتمبر 2013 مثل حبيب أميرة بشخصه، وقرر ان اميرة كانت تتردد عليه بمحل الاتصالات الخاص به كزبونة لاجراء اتصالات تليفونية، وان علاقته بها لم تتعد ذلك وانكر مواقعته لها جنسيا كما نفى نسب الصغير له، ليتم اعادة المرافعة وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم فيه. 

وفي النهاية انتهت المحكمة لقبول الاستئناف شكلا وموضوعا وقالت في اسباب حكمها: ان دعوى النسب باقية على حكمها في الشريعة الاسلامية، وان النسب في جانب المرأة يثبت بالولادة ولا مرد له وهو اذا ثبت يلزم ولا يحتمل النفي وفي جانب الرجل يثبت بالفراش وبالاقرار والبينة، وهو النسب الشرعي الذى يثبت في الزواج العرفي والزواج الفاسد والوطء وهو بشبهة وهو بعد الاقرار به لا يحتمل النفي وان الفراش الذي يثبت به النسب مقصود به قيام الزوجية بين الرجل والمرأة عند ابتداء الحمل لا عند حصول الولادة، وان النسب الطبيعى يثبت بتحليل الدم والانسجة وتحليل الحامض النووي وهو لا يرتبط بالنسب الشرعي او نفيه بثبوت النسب الطبيعى او نفيه، اذ المقرر شرعا انه يجوز ان يثبت النسب الشرعي رغم انتفاء النسب الطبيعى اذ اتفق العلماء المعاصرين على ان البصمة الوراثية لا تعدو  ان تكون قرينة في الاثبات او النفي تحتاج الى ما يؤيدها من البينات الأخرى ولا تصل الى مرتبة الدليل الكامل. 

وتستطرد المحكمة في حكمها قائلة: ان لما كان الثابت للمحكمة من مطالعة الأوراق إقامة المستأنف ضده الثانى استنادا الى تحليل البصمة الوراثية الـDNA.

 وأفاد تقرير الطب الشرعي؛ ان الصغير هو ابن المدعى عليه ولما كان من المقرران تحليل البصمة الوراثية يثبت النسب الطبيعى للصغير دون النسب الشرعي له والذى لا يثبت في جانب الرجل الا بالفراش والاقرار بالبينة وهو ما خلت منه الاوراق، اذ الثابت من صحيفة الدعوى المستأنف ضدها الأولى من المستأنف ضده كان سفاحا ولم يكن وليد زوجية صحيحة او زواج فاسد او عرفي او وطء شبهة، ومن ثم يكون الوليد نتاج زنا وقد استجوبت المحكمة المستأنف ضده بشأن علاقة اميرة به فقرر انها لم تتعد كونها مجرد زبونه كانت تتردد عليه في محل الاتصالات المملوك له وانكر مواقعته لها كما نفى نسب الصغير اليه في الوقت الذى لم تؤيد فيه قرينة ثبوت النسب الطبيعى للصغير والمستمدة من تقرير الطب الشرعى بثمة دليل او قرائن أخرى بالأوراق؛ ومن ثم تكون المستأنف ضدها الاولى قد عجزت عن اثبات نسب صغيرها شرعا وان دعواها اقيمت دونما  اساس سديد من الواقع او صحيح القانون، لهذه الاسباب قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المستأنف حكمها والزامها بالمصروفات واتعاب المحاماة. 

انتهت قضية أميرة برفض نسب ابنها لأبيه لكن لم تنته معاناتها مع ابنها فهو الآن لديه أم معترف بها لكن ليس لديه أب على الرغم ان تحليل البصمة الوراثية اثبت بنوة ابنها لوالده، لكن الشرع لم يعترف بهذا النسب واكتفى بنسب الولد لامه لأنه نتيجة زنا وليس لزواج، أميرة لجأت لخط نجدة الطفل لإثبات نسب طفلها لوالده ومازالت تعانى منذ أكثر من عشر سنوات وفي النهاية ستكون النتيجة استخراج شهادة ميلاد للطفل باسم أمه والأب اعتباريا على الرغم من وجود أب له على قيد الحياة. 

أقرأ أيضأ : أحمد كريمة: الـ DNA غير قاطع لإثبات النسب