في أجواء العيد الوطني الـ52 للنهضة وتواكباً مع قمة  المناخ "كوب27" بشرم الشيخ

سلطنة عُمان تنفذ خطة لتحول الطاقة النظيفة باستثمارات تزيد على 190 مليار دولار بحلول عام 2050

السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان
السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان


ظفار والمزيونة ... مستقبل واعد لطاقة الرياح والطاقة الشمسية

إنشاء مشتل للنباتات الخضراء والاشجار بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم

في أجواء بشاير نوفمبر المجيد وتواصل الاحتفالات بالعيد الوطني الثاني والخمسين للنهضة، أكدت سلطنة عُمان أمام مؤتمر الأطراف الـ 27 لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 27) والتي عُقدت بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 6 ـ 18 نوفمبر، التزامَها بدعم الجهود الدولية لخفض الانبعاثات الكربونية والحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، وتنفيذ خطة لتحول الطاقة وإزالة الكربون باستثمارات تزيد على 190 مليار دولار بحلول عام 2050.

جاء ذلك في كلمة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير السلطنة لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، خلال اجتماعات الطاولة المستديرة بشأن طموحات وخطط وإجراءات الدول في التغير المناخي قبل عام 2030 وذلك في إطار أعمال قمّة (كوب 27).

وأشار الرحبي في كلمته إلى أن السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، قرر خلال أكتوبر الماضي بأن يكون عام 2050 هدفًا لتحقيق الحياد الصفري لانبعاثات الغازات الدفيئة في مجمل القطاعات التنموية، ومباشرتها بعقد سلسلة من حلقات العمل التفصيلية واللقاءات بين أصحاب المصلحة على المستوى الوطني؛ سعيًا لإعداد خارطة طريق تتضمن مشاريع محددة لخفض الانبعاثات على مستوى كل القطاعات، وأن جهود السلطنة لم تقتصر في مجال التخفيف على هذا الإعلان فحسب بل قامت بتنفيذ العديد من المشاريع لخفض الانبعاثات الكربونية من مختلف القطاعات لاسيما مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع كفاءة الطاقة ومشاريع الحد من عمليات حرق الغاز وخفض انبعاثات غاز الميثان باستخدام تقنيات رصد متطورة كالأقمار الصناعية والكاميرات الحرارية.

إعداد سياسة وطنية لتحول الطاقة

ووضح السفير الرحبي أن سلطنة عمان توشك على الانتهاء من إعداد سياسة وطنية لتحول الطاقة، تركز على وضع الإطار العام والسياسات والضوابط المتعلقة بتيسير وتسريع التحول في قطاعات الهيدروجين والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة واحتجاز ونقل واستخدام أو تخزين الكربون، وتولي جوانب التكيف مع آثار التغيرات المناخية أهميةً خاصة؛ نظرًا لازدياد عدد وحِدّة آثار هذه التغيرات على بلدنا مثل الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة خلال أشهر الصيف وزيادة حِدّة الأعاصير والحالات الجوية متسببة في الكثير من الخسائر والأضرار المادية والبشرية والتي تربو على مليارات الدولارات كل عام.

إنشاء نظم حديثة للإنذار المبكر

وأضاف السفير عبد الله الرحبي، أن السلطنة بادرت في ضخّ مليارات الدولارات لإنشاء نظم حديثة للإنذار المبكر وبناء منظومة متكاملة من سدود التخزين والحماية وتحسين التخطيط العمراني ومرافق التصريف وتعزيز البنية الأساسية كالشوارع وتمديدات المياه والكهرباء والاتصالات بهدف تعزيز الاستجابة لمخاطر الأنواء المناخية والحد من الأضرار المترتبة عليها.

تطوير منظومة المحميات الطبيعية

وأكد الرحبي في كلمته أن سلطنة عُمان - من أجل خفض الانبعاثات وتحسين جهود التكيف - بادرت في تطوير منظومة المحميات الطبيعية البريةِ والرطبةِ والبحريةِ منها، لتصل إلى نحو 25 محمية، تنتشر فيها مختلف أنواع الحياة الفطرية إلى جانب إنشاء العديد من مراكز الإكثار لمفردات الحياة الفطرية المهددة بالانقراض.

وفي السياق ذاته، تم إطلاق الحملة الوطنية لاستزراع ملايين الأشجار البرية وأشجار المانجروف والشعاب المرجانية في مختلف أرجاء عُمان إلى جانب تشجيع مختلف فئات المجتمع في زراعة الأشجار في مختلف البيئات والتجمعات الحضرية.

وأكد السفير الرحبي  سعي السلطنة لدعم الجهود الإقليمية بكافة السبل حيث قام جهاز الاستثمار العماني خلال هذا المؤتمر بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة أكوا باور السعودية لبحث فرص الاستثمار المشترك في مشروع طاقة الرياح المتجددة بسعة (1.1Gw) بمصر، وترحب سلطنة عمان بكافة أشكال التعاون والشراكة على مختلف الأصعدة لاسيما التعاون في تعزيز جوانب تحول الطاقة وتوفير الطاقة النظيفة والمنتجات منخفضة الكربون، إلى جانب التعاون في مجالات شهادات الكربون والحلول الطبيعية لامتصاص الكربون وتطوير أنظمة الرصد والإنذار المبكر من المخاطر الطبيعية.

الاستثمار فـي الطاقة المتجددة

يُشار إلى أن سلطنة عُمان رسمت سياسة للتحول إلى الطاقة البديلة كجزء من “رؤية عُمان 2040” لتصل إلى معدل 39 بالمائة من إجمالي الطاقة المزودة بحلول ذلك العام 2040م، وتمت ترجمة هذه الرؤية إلى أطر تنظيمية ممكنة من خلال الجهود التي تقوم بها هيئة تنظيم الخدمات العامة لتمكين الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة والاهتمام بتنمية مشروعات الطاقة المتجددة ودعم خطط التنويع الاقتصادي وتعزيز الطاقة المستدامة. وتخطو سلطنة عُمان خطى متسارعة نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة باعتبارها بوابة المستقبل للحصول على طاقة نظيفة دون استخدام الوقود الأحفوري في التوليد، والاستغلال الأمثل لموقع سلطنة عُمان وما تتمتع به من طاقة شمسية وطاقة الرياح.

ظفار والمزيونة ...مستقبل واعد لطاقة الرياح والطاقة الشمسية

يوجد بمحافظة ظفار العديد من مشروعات الطاقة المتجددة، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تنفّذها شركة تنمية نفط عُمان وشركة كهرباء المناطق الريفية تنوير. ومن المتوقع أن تنجح شركة كهرباء المناطق الريفية “تنوير” في الحصول على 20% من سعتها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2025، وإقامة العديد من مشروعات الطاقة المتجددة بمختلف محافظات سلطنة عُمان.

وتعدّ محطة ظفار لطاقة الرياح بمنطقة فتخيت بولاية شليم وجزر الحلانيات، المحطة الأكبر لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة الخليج العربية، بقدرة إنتاجية تبلغ 50 ميجاواط على مساحة إجمالية قدرها 1900 هكتار، بتكلفة بلغت 100 مليون دولار أميركي. وتشمل محطة ظفار لطاقة الرياح التي تم تشغيلها على 13 توربينًا هوائيًّا بسعة إنتاجية تبلغ 3.8 ميجاواط للتوربين الواحد، وتنقل الكهرباء عن طريق خطوط الجهد العالي 132 كيلو فولط مع الشبكة الرئيسة بمحافظة ظفار. وبدأ تشغيل المحطة في شهر نوفمبر 2019، بإنتاج أكثر من 100 إلى 120 جيجاواط ساعة من الكهرباء النظيفة سنويا، وإنهاء أكثر من 100 ألف طن من الانبعاثات الغازية.

مشروعات الطاقة الشمسية

كما تتجه سلطنة عُمان إلى دعم مشروعات الطاقة الشمسية بصفتها مصدرًا مهمًّا للطاقة المتجددة، حيث دشّنت شركة “تنوير” في مايو 2015 محطة الطاقة الشمسية في ولاية المزيونة بمحافظة ظفار، إلى جانب تنفيذ مشروعات الطاقة الشمسية الهجينة في 11 موقعًا، ومشروع الطاقة الشمسية على أسطح مباني مكاتب الشركة والمشتركين بجزء من مبادرة «ساهم» التي أطلقتها هيئة تنظيم الخدمات العامة وتهدف إلى تشجيع استخدام الطاقة الشمسية النظيفة من أجل إيجاد مصدر مستدام لسلطنة عُمان والأجيال القادمة. وتعدّ محطة المزيونة للطاقة الشمسية أول مشروع تجاري لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة يقام على مساحة 8 آلاف متر مربع، بطاقة إنتاجية سنوية تقدر بـ 520 ميجاواط / ساعة.

ويعزّز مشروع الطاقة الشمسية في المزيونة استخدام الطاقة النظيفة المتجددة من خلال إسهامه في خفض 433 طنًّا من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، ويجري استيعاب الطاقة المنتجة من المحطة عن طريق محطة المحوّلات لإرسالها مباشرة إلى الشبكة الكهربائية التابعة لشركة “تنوير” في الولاية.

ودعمًا لحلول الطاقة النظيفة منخفضة التكلفة اُفتتح مشروع عبري للطاقة الشمسية في يناير الماضي أول محطة لتوليد الطاقة الشمسية تُربط بشبكة الكهرباء الرئيسة بهدف تنويع مصادر الطاقة المتجددة وتعظيم إسهام مشروعات الطاقة النظيفة ودعم الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمار.   

وستسهم التوجيهات السامية للسلطان هيثم بن طارق بإضافة ما يزيد على ٦٥٠ مليون ريال عُماني في تنفيذ مشروعات تنموية مضافة إلى المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة ٢٠٢١م - ٢٠٢٥م وزيادة السيولة المالية لمخصصات الموازنة الإنمائية لهذا العام بمبلغ ٢٠٠ مليون ريال عُماني، في تعزيز النمو الاقتصادي واستكمال البُنى الأساسية ودعم أنشطة القطاع الخاص وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين وفتح الآفاق الواعدة للاستثمار في مجالات الطاقة النظيفة.

مشتل للنباتات الخضراء بالدقم

وفي إطار اهتمامها بالبيئة والمساحات الخضراء حتى في المناطق الصناعية، اعتمدت المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إنشاء مشتل للنباتات الخضراء، يعد الأول من نوعه بشكل خاص وبمحافظة الوسطى بشكل عام، ويتم إنشاؤه على مساحة تُقدر بـ 5000 متر مربع، ويهدف لان يكون مصدراً أساسياً لخدمة خطة تشجير المنطقة بالنباتات التي تتلاءم مع طبيعة المناخ في الدقم؛ ولكي يكون الحاضنة الأساسية والرئيسية لإنتاج الشتلات واشجار الزينة قبل زراعتها في الحدائق والمتنزهات وعلى أكتاف الشوارع بالإضافة إلى كونه محطة للتجارب الزراعية وحاضنة لأنواع جديدة من النباتات والاشجار.

وتبلغ المسطحات الخضراء الحالية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم حوالي 26 ألف متر مربع في حين ستقوم الشركة المنفذة بزراعة 35 ألف متر مربع أي ستصبح المساحة الاجمالية بعد اكتمال المشروع أكثر من 60 ألف متر مربع متضمنة زراعة أكثر من 5000 شجرة متنوعة تتلاءم مع الظروف المناخية للمنطقة.