د. أمانى عبد السلام تكتب : تسجيلات على هاتف مجهول

اللوحات للفنان: إسلام الريحانى
اللوحات للفنان: إسلام الريحانى

أغسطس ليلة الرابع
وحيدٌ مثلما اعتدتُ
أكلمُ هاتفى أحكي
صديقُ العمرِ منشغلٌ
وجوفُ الصدر مشتعلٌ
وما عدتُ 
قويا مثلما كنتُ
أنا الليلة
ولفحُ الحرّ فى عنقى
وأبحثُ عن زحامٍ ضاجَّ
يبلعُنى
ويمنعُنى
من التفكير فى شنقى


أغسطس ليلة الخامس
أقودُ العربة البيضاء فى عبثٍ
تجاهَ القَفر
وحيدٌ فى صحارى الصمت
مثلُ الصبر
وكلُ يدٍ تلامسُنى
تساندُنى
تعانقُنى
تعود دما
وكلُّ الحبِّ فى حَرمى يصيرُ عمى
وقلتُ لها:
أنا مؤذٍ
أنا ضررٌ
أنا ضجرٌ 
أنا حجرٌ
بكت منى
لثمتُ ضماد كفيها 
فتلطمُنى

أغسطس ليلة السادس
أقود العربة البيضاء فى عبثٍ 
تجاه البحر
أغنى نفس أغنيتى
وأبسط كل أجنحتى
أطير كطائرٍ ورقٍ
قطعتُ الخيط
نفضتُ العمرَ عن كتفى
ضحكتُ 
بكيت
وملحُ البحر يغلى فى شرايينى
صحاب العمر قد ضاعوا مع الأمواج
وأحلامى
تمس تراب أقدامى
وتبتعدُ
وعدتُ إلى زنازينى
ولكنى قطعتُ الخيط

أغسطس ليلة السابع
أنا أفضل
وشكراً يا صديقَ السر
لا..عفواً
عملت بنصحك البارح
وخضتُ الزحمة السوداء
غمرت حواسى العشرين
روائحَ وابتساماتٍ 
وألواناً
وأناتٍ
وخضتُ شجار
تركت الناس تدفعُنى
وصحتُ عرفتُ ما صوتى
تركتُ الناس تبلعُنى
وتمنعُنى من الأفكار
وعدتُ بباقةِ الكدمات فى خدى
توانسُنى
تنسّينى لظى عُقَدى

أغسطس ليلة التاسع
أذاب الحر زهراتى أمام الباب
وفرت من فمى الكلمات
أصالحُها
فترمقُنى بلا تصديق
أنا متعب
ولا يبقى سوى نفسى لتسمعنى 
بلا تعليق
حبيبة عمرى المحزونةَ القسمات
أحبينى
وكونى اليوم قاسيةً
وألقى الزهر فى وجهى
وولى ظهرَكِ المغضب
أحبينى
كطفلٍ مخطئٍ نادم
وتحت عقابِك الموجع
يحضر ذنبَه القادم
أنا ظلٌ بلا جسدِ
أعيشُ هناك مجهولا
ولَصقَ الحائط البارد
وأسفلَ أرجلِ الناس 
أعيش هناك مخذولا
حبيبةَ عمرى الموجوعةَ الراسِ
أنا- للمرةِ الأولى
أرى فى الظلِّ أشياءً تثير الحب
أسائلُ كيفَ أحببتِ
عجوزاً يائساً مثلي؟!
وحين رأيتُ بسمتَكِ أمام الباب
يعودُ الشاب!
ويقفزُ من تجاعيدي
أحبينى
وكونى اليوم حانيةً
بدون عتاب.

اقرأ ايضا | ممدوح فراج النابي يكتب: الجمال في عين الرائي