أوراق شخصية

المونديال والمصير المجهول!

آمال عثمان
آمال عثمان

وسط الصراعات السياسية، والنزاعات الطائفية والعرقية، تبقى قدرة الإنسان على البقاء وتحدى المستحيل، تمثل حكايات ملهمة فى الحياة، ومن قلب الأزمات الإنسانية التى حصدت آلاف البشر تحت جحيم المعارك، تتجلّى قصص صمود وإصرار عظيمة، خاضها الناجون من أهوال الموت والدمار، وتتجسد صور لأبطال وبطلات واجهوا المجهول وشبح الموت بحثاً عن اللجوء لمكان آمن، وحياة أفضل تستوعب أحلامهم الكبيرة.

اختارت المخرجة البريطانية المصرية الأصل «سالى الحسيني»، رحلة لجوء الشقيقتين السوريتين سارة ويسرا ماردينى إلى ألمانيا، لتصنع فيلمها الروائى الثانى «السباحتان» الذى عُرِضَ على شاشة مهرجان القاهرة السينمائي، ونال إعجاباً شديداً من الجمهور والنقاد، والفيلم يجسد قصة السباحتين اللتين خاضتا مغامرة شجاعة، للهروب إلى أوروبا فى رحلة غير شرعية من تركيا إلى اليونان، عبر بحر «إيجة» فى زورق مطاطى صغير يضم 20 شخصاً، لتحقيق حلم المشاركة فى الألعاب الأولمبية، وأثناء الإبحار باتجاه جزيرة «ليسبوس» اليونانية تعطّل محرك القارب، وبدأ الماء يتدفق للداخل، مما دعا الشقيقتين للقفز فى البحر، وسحب القارب بالحبال لأكثر من ثلاث ساعات حتى وصلوا إلى الشاطئ!

اختارت يسرا استكمال حلم الوصول إلى الأولمبياد، ووجدت مدرباً ألمانياً يؤمن بموهبتها ويساعدها، لتشارك فى أولمبياد ريو دى جانيرو، ضمن فريق خاص باللاجئين، باعتبارها فرصة لتسليط الضوء على معاناة ملايين اللاجئين، وحقهم فى تحقيق حلمهم حتى ولو بعيداً عن أوطانهم، وتصبح سفيرة للأمم المتحدة للاجئين، فى حين توقفت شقيقتها سارة عن السباحة، وسخرت موهبتها لإنقاذ الأرواح من الغرق، وانضمت إلى منظمة أهلية تعمل على إغاثة اللاجئين من الموت، خلال رحلتهم غير الشرعية، لكنها تورطت فى مأساة شديدة الألم والقسوة، حيث تواجه اتهاماً من السلطات اليونانية بالعمل مع شبكة لمهربى البشر، وتسهيل دخول الأجانب بشكل غير قانونى للبلاد، وينتظرها حكم بالحبس مدى الحياة!

ومع ذلك مازالت سارة تكافح لنيل حريتها، والدفاع عن حق البشر العُزّل فى اللجوء الذى يكفله القانون الدولي، وتبعث برسالة تقول فيها: «نحن بشر مسالمون تجشمنا قسوة الظروف، وتكبدنا الصعاب بحثاً عن لقمة العيش، والوصول إلى الأمان، لذا نستحق منكم الاحترام».