الجمهورية الجديدة في 8 سنوات| من «شبه دولة» لمركز ثقل إقليمي وعالمي.. هنا القاهرة

الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اللقاء مع بايدن
الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اللقاء مع بايدن

حضور قادة معظم دول العالم إلى أرض مصر للمشاركة بمؤتمر المناخ - رغم الأوضاع الجيوسياسية المعقدة التى دفعت بالبعض لتوقع غياب الزخم عن المنتدى - كان الدليل على النجاحات الدبلوماسية الكبيرة لمصر فى السنوات الأخيرة منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، فالدبلوماسية المصرية التى احتفلت هذا العام بمئويتها، استطاعت فتح قنوات تواصل مع جميع الأطراف الدولية والمؤسسات العالمية للدفاع عن مصالح الدولة ولعب دور فى تحقيق السلم والأمن الإقليمى والدولى.

تولى الرئيس السيسى الحكم عام 2014 جاء بعد 3 أعوام من تخبط الدولة، إثر ثورتى 25 يناير و30 يونيو، لكن جهود استعادة الدور الإقليمى والدولى بدأت فور توليه الحكم، وسط أوضاع مضطربة فى الشرق الأوسط، حيث ارتكزت التحركات المصرية على مبادئ الاحترام المتبادل والندية ورفض التدخل فى الشئون الداخلية للدول واحترام سيادتها واستقلالها مع التشديد على تماسك المؤسسات الوطنية للدول للحيلولة دون تهاويها ونشر الفوضى بها..

لاسيما فى المحيط الإقليمى، وهو ما ركز عليه الرئيس السيسى فى خطاباته أمام كافة المحافل الدولية.

وأولت الدبلوماسية المصرية فى عهد الرئيس السيسى اهتماماً خاصة بترسيخ علاقات مصر مع جذورها الأفريقية، حيث كانت أولى القمم التى شارك بها هى القمة الأفريقية فى مالابو عام 2014، وحرص بعدها على المشاركة فى معظم القمم والفعاليات الأفريقية، كما قام بعدد من الزيارات التاريخية لدول أفريقية ظلت لعشرات السنين دون زيارة من أى رئيس مصرى، مثل غينيا وكوت ديفوار، وتوج الاهتمام بالعمق الأفريقى فى قيادة مصر الاتحاد الأفريقى عام 2019.

نزع فتيل الأزمات

على الصعيد العربى، لعب الرئيس عبدالفتاح السيسى دوراً كبيراً فى نزع فتيل الأزمات فى المنطقة ودفع العمل العربى المشترك والحفاظ على الأمن القومى العربى، وتعميق علاقات القاهرة مع محيطها، حيث عملت مصر على مواجهة التدخلات الخارجية فى الشأن الليبى ودعمت كافة الأطراف للتوصل إلى حل سياسى بين الأطراف الليبية، بهدف استعادة دور مؤسسات الدولة ومحاربة الإرهاب، واستضافت مصر اجتماعات للجنتين الدستورية والعسكرية وكذلك ممثلين عن القبائل، فضلاً عن الحرص على المشاركة فى الفعاليات الدولية والإقليمية الخاصة بليبيا.

وفيما يخص القضية الفلسطينية، تؤكد مصر دومًا على موقفها الثابت من القضية ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، حيث استضافت مؤتمر إعادة إعمار غزة فى عام 2014 بالقاهرة، وأطلقت المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة وتقديم مساعدات قيمتها 500 مليون دولار للقطاع، وتوسطت أكثر من مرة لوقف القصف على القطاع.

كما تحرص مصر على تقديم أوجه الدعم للشعب السودانى الشقيق وتنسيق المواقف المختلفة فى ظل الروابط العميقة التى تربط بين البلدين، حيث شاركت مصر فى المبادرة الدولية لتسوية ديون السودان.

كما شارك رئيس الوزراء فى حفل التوقيع على اتفاق السلام التاريخى بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة بالجبهة الثورية والذى عقد فى جوبا عام 2020، فضلا عن تقديم مصر لخدمات طبية لأكثر من 16000 حالة متضرر من السيول فى سبتمبر 2020.

وتعمل مصر على تعزيز التعاون مع دول الخليج وتؤكد دومًا على ارتباط أمن الخليج بأمن مصر القومى، وذلك من خلال تعزيز الزيارات الرسمية المتبادلة مع مختلف الدول الخليجية على مستوى القمة والمستويات الوزارية والفنية، كما شارك الرئيس فى القمة العربية الإسلامية الأمريكية فى عام 2017 فى الرياض.

وعلى مدى السنوات الثمانية الماضية لم تألُ القاهرة جهداً لدعم الدول الشقيقة فى وقت الأزمات، ومن بينها لبنان، حيث تم الاتفاق على خارطة طريق لنقل الغاز المصرى إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، وتم إطلاق جسر برى وبحرى لدعم لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت فى أغسطس 2020.

ومنذ عام 2014، تعمل مصر على توثيق علاقاتها مع الدول العربية الشقيقة، حيث تم تدشين آلية التعاون الثلاثى بين مصر والأردن والعراق..

واستضافت مصر أول اجتماع فى عام 2019، كما تؤكد القاهرة على موقفها الثابت بدعم كافة الجهود للتوصل إلى حل سياسى شامل للأزمة اليمنية يحقق الاستقرار ويحافظ على وحدة واستقرار اليمن ويلبى طموحات الشعب اليمنى وإنفاذ إرادته الحرة وينهى التدخلات الخارجية فى الشأن اليمنى.

وشهدت السنوات الثمانية الأخيرة زخمًا كبيرًا فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى المجالات كافة السياسية والاقتصادية والثقافية بخلاف قطاعات التعليم والاستثمار والتجارة، كما قام الرئيس السيسى بزيارة إلى الولايات المتحدة فى عام ٢٠١٧ تلبية لدعوة الجانب الأمريكى، وتم استئناف الحوار والتعاون الاستراتيجى مع الولايات المتحدة فى عام ٢٠١٥، فيما انعقدت الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجى فى واشنطن فى نوفمبر 2021 برئاسة وزير الخارجية ونظيره الأمريكى.

ومن ناحية أخرى، شهدت العلاقات المصرية الأوروبية دفعة قوية خلال أعوام الماضية، سواء على المستوى الثنائى من خلال زيارات الرئيس لعدد كبير من الدول من بينها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والمجر والبرتغال وقبرص واليونان، ومتعددة الأطراف من بينها آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص، أو تطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة مع دول فيشجراد.

وحرص الرئيس على فتح نقاط اتصال لأول مرة مع دول أوروبية مثل زيارته التاريخية إلى بيلاروسيا عام ٢٠١٩.. كأول رئيس مصرى منذ إقامة العلاقات الرسمية بين البلدين فى عام ١٩٩٢.

زيارات متبادلة

واتسم نسق العلاقات المصرية الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بالاستمرارية فى وتيرته العالية من الزيارات المُتبادلة رفيعة المستوى بين الجانبين، سواء فى إطار العلاقات الثنائية مع الدول الأوروبية، أو مع الاتحاد الأوروبى، على ضوء العلاقات المتشعبة بين مصر والاتحاد الأوروبى، بالإضافة لكون الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى واستثمارى لمصر. واستضافت مدينة شرم الشيخ أول قمة عربية أوروبية فى فبراير ٢٠١٩، واختيرت القاهرة مقرا لمنظمة منتدى غاز شرق المتوسط بعد توقيع مصر على اتفاقية تأسيس المنتدى فى عام ٢٠١٩.

وأقرت مصر والاتحاد الأوروبى وثيقة أولويات الشراكة الجديدة للفترة ٢٠٢١-٢٠٢٧ والتى تمثل نقلة نوعية وفقا لأولوياتهما المشتركة فى العديد من المجالات ومن بينها الزراعة والرى والصناعة والذكاء الاصطناعى والتحول الأخضر والرقمنة والتنقل الذكى.

وتم تعزيز التعاون المصرى الروسى على السنوات الثمانية الماضية، فقد شهدت الثمانية سنوات الماضية تسع زيارات متبادلة بين الرئيسين المصرى والروسى منذ ٢٠١٣، وأعيد الطيران الروسى إلى شرم الشيخ والغردقة فى أغسطس ٢٠٢١ بعد توقف دام ست سنوات.

شهدت العلاقات بين مصر والدول الآسيوية منذ عام ٢٠١٤ تقدماً كبيراً، انعكس فى إدراج المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بقائمة مشاريع الممر البحرى لمبادرة الحزام والطريق الصينية، واتفاق مصر والصين على شراكة استراتيجية متكاملة عام ٢٠١٤، حيث تعد مصر أكبر شريك للصين فى القارة الأفريقية، كما تأتى الصين كشريك تجارى أول لمصر.

وفتحت مصر آفاقا جديدة للتعاون مع عدد من الدول الآسيوية والتى جسدتها زيارة الرئيس لدول اندونيسيا وسنغافورة وكازاخستان، بالإضافة إلى زيارة الرئيس إلى فيتنام فى ٢٠١٧ كأول رئيس مصرى منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فى عام ١٩٨٣.