يوميات الأخبار

ما وراء النكد الزوجى !

د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى

فى زمننا ده طلبات أى بيت مش بتخلص.. كل يوم الميزانية بتزيد عشان العيال بتكبر وكل حاجة بتغلى بسبب الأزمة العالمية..

«هو انتِ أصلًا قاعدة فى البيت بتعملى ايه طول اليوم؟» 

«هو انت حاسس بحاجة.. انت بتيجى البيت ضيف تاكل وتبص على عيالك وتنام ورامى حمل البيت كله عليا وفى الآخر تقولى انتِ بتعملى ايه طول اليوم»..

اللغة دى منتشرة بين نسبة كبيرة من المتجوزين.. الزوج شايف مراته مش بتعمل حاجة طول اليوم لمجرد انها مش بتشتغل ومتفرغة للبيت والولاد، والزوجة كا رد فعل بتقلل من مجهوده وتعبه فى الشغل فا بندخل فى حلقة مفرغة من قلة التقدير وعدم الاحترام لدور كل واحد فى الأسرة.. وبتنتهى على الأغلب بخناقة وعصبية وزعيق…

وعشان نحل المشكلة دى لازم نفهم سببها ايه؟ غالبًا بيكون السبب ان الطرفين مضغوطين ومحدش فيهم بيتكلم، الزوج مضغوط فى شغله فا بيرجع البيت يطلع غُلبه فى مراته وبيتصيد ليها أى خطأ أو تقصير فى البيت وبيعممه ويهاجمها بالجملة الشهيرة «هو انتِ بتعملى ايه أصلًا فى عيشتك!؟» فالزوجة اللى طالع عينها وسط زن العيال وطلباتهم اللى مش بتخلص بتاخد وضع الدفاع عن النفس وتكشّر عن أنيابها وهتفتكر القديم والجديد وقد ايه هى مضغوطة وشايلة ومحدش حاسس بيها…وتبتدى تهاجم هى كمان.. وتعمم هى كمان..

فا كل طرف بيتفاجئ انه فاشل فى عين شريك حياته، بعد كل المجهود اللى بيبذله عشان يرضيه! 

فا من البداية لازم نفصل على قد ما نقدر بين مشاكل الشغل والبيت لإن الزوجة هتستحمل مرة واتنين وعشرة بس هييجى يوم وهتتفجر من احساسها بعدم التقدير والأحسن نتجنب الوصول لده..

والزوجة لازم تفصل بين تعبها فى البيت وبين معاملتها مع جوزها، ما هو مش طبيعى ان الراجل كل ما يرجع البيت يلاقى مراته مستنياه ببوز ونكد وخناق! 
وعامة بلاش أى طرف يتكلم بلغة الهجوم عشان فى المقابل الطرف التانى هيتكلم بلغة الدفاع وهيتحول الكلام لحرب ومشادة كلامية وتلقيح كلام ما يصحش انه يتقال لإنه اتقال فى ساعة غضب…

بلاش يتقال كلام يخلى النفوس تشيل وما تعرفش تصفى تاني.. 

الطرف اللى حاسس انه هيسيء لشريك حياته بالكلام بسبب عصبيته الأفضل انه يلتزم الصمت لحد ما يهدى ويقدر يفكر فى كلامه قبل ما يقوله..
فى مقالى انهارده حبيت أدافع عن الستات والرجالة لإن الحياة بقت صعبة ومجهدة للكل..

مفيش زوج مرتاح ولا فى زوجة متدلعة الا حالات نادرة الوجود.. 

حبيت أوضح لكل طرف الصورة الغايبة عنه من حياة شريك حياته..

مراتك اللى قاعدة فى البيت دى مش قاعدة بمزاجها فى معظم الأحيان، غالبًا بتكون مضحية بدراستها ووظيفتها ومأجلة أحلامها عشان ترّبى الولاد وتتفرغلهم وهما صغيرين.. أو بتضطر انها متنزلش شغل لما يكبروا عشان خبرتها أصبحت لا تتناسب مع سوق العمل..

مراتك اسمها انها قاعدة فى البيت بس هى بتشتغل ٢٤ ساعة فى اليوم، لإن الأمهات ملهمش ساعات عمل رسمية هما تحت الطلب فى أى وقت وبغض النظر عن حالتهم الصحية أو النفسية… مطلوب منها تأدى دورها كأم حتى وهى تعبانة وحرارتها عالية.. مطلوب منها ترضع وتغيير وتأكّل.. وتستحمل زن التسنين والعياط اللى بدون سبب مهما كان الصداع مفرتك دماغها…

مطلوب منها تطبطب وتدلع وتلاعب ولادها حتى لو ملهاش نِفس ولا عندها طاقة..

بتذاكر وتغسل هدوم وتحضر فطار وغداء وعشاء وترّوق البيت وتنضف وراء العيال اللى بيبهدلوا الشقة فى ثانية طول ما هى صاحية..

بتودّى تمارين وتجيب طلبات وتنضف البيت..

ولما الولاد بيكبروا طلباتهم بتاخد منحنى تانى وبتكون مُجهدة ذهنيًا ونفسيًا أكتر من المجهود البدنى اللى كانت بتبذله معاهم وهما أطفال صغيرين..

مراتك ممكن تقعد سنين معندهاش رفاهية انها تشرب كوباية شاى وهى سخنة… أو تقعد تفطر زى الناس عشان عندها بدل الطفل اتنين وتلاتة وعنيها عليهم طول الوقت.. ممكن تنفصل عن صحباتها وتستغنى عن حياتها الاجتماعية طول ما الأطفال لسه ما كبروش.. بتصحى وتنام على نفس الروتين وده لوحده كفيل انه يضغطها نفسيًا ويحسسها ان حياتها بعيدة كل البعد عن أحلامها وطموحاتها..

وحتى الزوجة اللى بتشتغل مش بتسلم من نوبات غضب الزوج وكتير بينوبها من الحب جانب مع انها مش قاعدة فى البيت زى أول سيناريو، أول ما الزوج بيتعصب أو يتضغط فى شغله تلاقيه راجع يلومها على تقصيرها وينغص عليها عيشتها عشان بتشتغل ويحاسبها على كل هفوة من باب انه بينفث عن شحنته السلبية.. مع ان فى ستات كتير بتكون مجبرة تشتغل عشان المركب تمشى وتساهم فى مصاريف البيت وبتكون مطحونة ومستهلكة بين بيتها وولادها وشغلها..
فى الزمن الصعب اللى احنا فيه ده الستات والرجالة بيصعبوا على الواحد..

الزوج بيشتغل بدل الشغلانة اتنين وتلاتة عشان يقدر يوفر الأساسيات وكتير من الرجالة بقى بيضحى بشهادته ويشتغل شغلانة اضافية ملهاش علاقة بشهادته عشان يزود من دخله.. وده فى حد ذاته ممكن يكسر نِفس رجالة كتير خصوصًا لما تلاقى راجل محضّر ماجستير والا دكتوراه ومرتبه مش مكفيه فا بيشتغل شغلانة لا تتناسب مع مكانته العلمية..

كل الرجالة تقريبًا مستحملين ضغوطات فى الشغل وغلاسة من مدرائهم عشان مفيش قدامهم حل غير انهم يستحملوا ومفيش عندهم رفاهية الاستقالة أو انه يسيب شغله اللى مش مرتاح فيه لحد ما يلاقى شغل يقدّر مجهوده وتعبه… 

شعورك انك مُجبر تشتغل فى منظومة مش بتقدّرك وبتشيلك الهم كفيل انه يقفلك يومك كل يوم من قبل ما يومك يبدأ.. حقيقى كان الله فى عون كل شخص ظروفه أجبرته على الوضع ده..

فى زمننا ده طلبات أى بيت مش بتخلص.. كل يوم الميزانية بتزيد عشان العيال بتكبر وكل حاجة بتغلى بسبب الأزمة العالمية..

اللى كان بيكفيه امبارح مصروف الشهر برقم كذا.. محتاج انهارده ضعف الرقم نفسه عشان يقدر يعيش… وغالبًا مش هيقدر يكمل فى نفس مستواه الاجتماعى رغم محاولاته المستميتة للحفاظ عليه..

كل الأطراف مضغوطة.. رجالة وستات وحتى أطفال الجيل ده اتولدوا والضغط ملازم ليهم.. شايفين الأب والأم علطول مشغولين وشايلين الهم..
بيشوفوا الأب راجع خلصان من شغله مش قادر يتكلم ولا يمارس دوره كأب الا يوم الجمعة والسبت ده إن مقضاهمش فى النوم..

شايفين أمهم بتلّف حولين نفسها من أول ما بتصحى لحد ما بتنام وخُلقها ضيق لو ذاكرت لحد من عيالها وغالبًا بتتعصب عليهم وبتضربهم لإنها جابت آخرها…

كل تفاصيل حياتهم مطالبين يعملوها بسرعة ومن غير أخطاء خوفًا من عقاب الأهل وعصبيتهم..

رتم الحياة السريع ده كفيل انه يوتّر أى علاقة زوجية ويظلم أطفال ملهومش ذنب..

عشان كده لازم كل زوج وزوجة يكونوا واعيين لسبب ضغوطاتهم ومشاكلهم عشان ما يصبّوش جم غضبهم على شريك حياتهم اللى ملوش ذنب وهو أصلًا مضغوط وفيه اللى مكفيه..

حاول تتكلم مع مراتك لو الشغل تعبك وفهمها التفاصيل اللى تقدر تستوعبها لإن المشاركة بتهدّى الغضب اللى جوه البنى آدم وبتحسسه انه مش لوحده وغير كده مراتك ممكن تدعمك وهتتفهم بعد كده انت ليه متغير من غير ما ده يسبب مشاكل جانبية بينكم انتوا فى غنى عنها…

وانتِ كمان أول ما تحسى ان طاقتك خلصتك ومحتاجة دعم حتى لو بالكلام، اتكلمى مع جوزك واشرحيله اللى حاسة بيه، مجرد الفضفضة بتريحنا كا ستات وغالبًا جوزك هيلاقيلك حلول تساعدك لإن طبيعة الرجالة انها بتسمع عشان توجد حلول مش حباً فى الرغي..

لو حصلت حاجة زعلتك من مراتك واجهها وانتِ كمان واجهى جوزك باللى مضايقك أول بأول عشان النفوس ما تشيلش من بعض ونبدأ نتلكك ونوقف لبعض على الواحدة و بدل ما يكون رجوع الراجل لبيته مصدر سكينة وراحة يكون سبب للنكد و شيل الهم..

عزيزى القارئ ربنا يعينك..

عزيزتى القارئة ربنا يعينك..

أنا حاسة انتم قد ايه مضغوطين بس يمكن اللى يهون عليكم ان كلنا فى الهوا سوا، ادعوا ربنا بصلاح الحال وارموا حملولكم عليه.. وربنا هيفرجها إن شاء الله.