عمرو جلال يكتب: التعويضات المناخية والنجاح المصري

عمرو جلال
عمرو جلال

هل تعرف فن النجاة من التضخم؟... هل لديك ثقافة مالية؟... سؤالان يجب أن يهتم كل مواطن اليوم بالإجابة عليهما وقياس درجة استيعابه لهما.

من يتتبع حركة الطيران عبر العالم من خلال موقع «Flightradar24» سيرى أمرا مبهجا وهو توافد مئات الطائرات إلى مطاري القاهرة وشرم الشيخ  تزامنًا مع انطلاق مؤتمر تغير المناخ cop27 بالأمس ...لقد أصبحت مصر وجهة  العالم وحديثه على منصات الأخبار والتواصل...بعض المغرضين - وما أكثرهم - روجوا أن مصر أنفقت مليارات الجنيهات لتنظيم الحدث لكن الحقيقة أن الأمم المتحدة هى التى تحملت النفقات وكل الوفود الأجنبية تكفلت بنفقات الإقامة و الطيران و الرحلات الداخلية وهى أمور تعود بفوائد اقتصادية كبيرة على مصر .. أما عن اليوم الأول لقمة المناخ فقد صادف نجاحا مبهرا  وهو الاتفاق التاريخي الذى سمح للدبلوماسيين أن يناقشوا رسميا لأول مرة سؤال من يجب أن يدفع التعويضات عن الأضرار التي لحقت بالدول الأكثر عرضة لتغير المناخ؟...هذا السؤال المهم تم تكليف مندوبي الدول لمناقشته والتوصل إلى قرار حاسم بشأن الخسائر والأضرار «في موعد أقصاه 2024» وفقا لما قاله سامح شكرى وزير الخارجية والرئيس المعين لقمة المناخ في كلمته الافتتاحية ... هذا السؤال  رفضت الدول الغنية  الاجابة عنه  على مدار عشرة أعوام  مضت،  فالحديث عن التعويضات المناخية كان ممنوعا ولم توافق الدول الغنية خلال قمة المناخ الماضية على أى مقترح بشأن تشكيل هيئة مخصصة لتمويل الخسائر.. وقد وصفت وكالة أنباء «بلومبرج» الأمريكية الاتفاق الذي توصلت إليه الدول المشاركة في يوم انطلاق قمة المناخ بشرم الشيخ، بأنه «نجاح دبلوماسي»، وهو  بالتالى نجاح مصرى كبير.

الأحد 
قانون لمواجهة «الروشين»

«من بين كل 100 ألف مكالمة تتلقاها هيئة الأسعاف المصرية يكون منها ما بين 80 إلى 90 ألف مكالمة بلاغات كاذبة ومعاكسات والنسبة الأكبر معاكسات»...هكذا قال لى الدكتور محمد جاد رئيس هيئة الاسعاف خلال افتتاح مركز تحكم الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة ... الصدمة الأكبر هو ما أكده جاد أنه ليس لدينا حتى اليوم تشريع وعقوبات نافذة فى القانون المصرى تجرم الاتصال بأرقام الطوارئ للمعاكسات أو بدون داع سواء فى خطوط النجدة أو الإسعاف أو المطافئ لأنها تقدم خدمات طارئة ويمكن فى وقت يحتاج مواطن فيه لخدمة طارئة يتصل بخط الإسعاف أو المطافئ يجده مشغولا لأن هناك آخر يتصل بغرض المعاكسة وهو ما يحدث فعلا...وتخيل أن كل 90 ألف مكالمة لو استغرقت فى المتوسط 3 دقائق على الأقل فمعنى ذلك أنها تستهلك 4500 ساعة عمل ضائعة و يضيع معها آلاف المكالمات الحقيقية لمن يحتاجون نجدة عاجلة و التى لاتصل بسبب هؤلاء «الرِوشين» ...والرِوش بالمناسبة هى كلمة عربية ومعناها فى معجم المعانى الشخص الذى خف عقلُه.

الحقيقة الجلية أن لدينا سوء استخدام كبيرا لأرقام الطوارئ..اليوم وبعد انطلاق خدمات الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة أصبح لدينا إمكانية تحديد مكان الاتصال مباشرة وبيانات المتصل آليا وبالتالى يبقى فقط وجود قانون نافذ يعاقبهم...و شاهدت بعينى الكثير من محلات بيع الهواتف المحمولة بمجرد أن تشترى منهم أو تقوم بعملية إصلاح أو بيع تجده يقوم بالاتصال بأحد أرقام الأسعاف والطوارئ لتجربة سماعات الهاتف ليتأكد انها تعمل بشكل سليم وفى كثير من الأحيان يطلب مشغل خدمة الأسعاف رقم بطاقة المتصل وبياناته فيمنحها له دون أى خوف لأنه أمن العقاب، هذا بخلاف المراهقين والأطفال الذين يفعلون ذلك لأنهم لم يتعلموا ثقافة استخدام أرقام الطوارئ .

الإثنين

نقلة حضارية

الجانب المشرق خلال افتتاح الشبكة الوطنية للطوارئ و السلامة العامة هو أنه أصبح لدينا شبكة اتصال واحدة ستربط كل الجهات المعنية بخدمة المواطن فى جميع أنحاء الجمهورية وهى تضاهى الشبكة الأمريكية (911) التى تربط كل أجهزة الطوارئ و الأجهزة الحكومية فى جميع الولايات المتحدة ببعضها البعض...بدأ الأمريكان فى تأسيس تلك الشبكة عقب انهيار مبنى فوق 130 إطفائى ماتوا جميعا رغم أن طائرة انقاذ هليوكوبتر كانت تحلق فوق المبنى وتشاهده يتداعى،  وترى أنه لن يتحمل أكثر من نصف ساعة وأسفرت التحقيقات عن أنه كان يمكن انقاذ رجال الإطفاء من الموت لو تم إبلاغهم بمعلومات الطائرة فى الوقت المناسب لكن ذلك لم يحدث بسبب عدم وجود شبكة تربط الأجهزة المختلفة ببعضها البعض لذا قررت الولايات المتحدة تأسيس تلك الشبكة الخاصة وهى شبكة طوارئ داخلية لا علاقة لها بشبكات المحمول ولا تحتاج الى الإنترنت.

وتمتلك الشبكة المصرية للطوارئ قدرات كبيرة فى تحديد ودقة عنوان المتصل لتحسين زمن الاستجابة وهو أمر ضرورى فى عمليات الإنقاذ كما تعطى الفرصة لغرف التحكم فى تحديد الاتجاهات الأسرع لمرور سيارات الاسعاف و المطافئ والنجدة وتمنح المسعفين بيانات الأسرة المتاحة فى أقرب مستشفى وكذلك إرسال بيانات حالة المريض لحظيا.. كما أن الشبكة مهمة للسائح الأجنبى حيث لأول مرة يتم وضع مشغلين للرد بلغات أجنبية وهو أمر لم يكن متوافرا من قبل والأهم هو المستثمر الأجنبى الذى يطلب قبل بداية استثماره معرفة بعض الأمور من بينها زمن استجابة خدمات الإطفاء الى موقع مصنعه أو استثماره الجديد فى حالة حدوث حريق وبالطبع قبل تلك الشبكة لم تكن هناك إجابة واضحة وحقيقية..اليوم نستطيع أن نقول أننا دخلنا نقلة حضارية أخرى تتكامل مع خدمات القمر الصناعى طيبة_1 وكان أهم توجيه رئاسى لاحظه الجميع خلال حضورنا حفل افتتاح الشبكة الوطنية هو تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على ضرورة قيام المسئولين بمزيد من التجارب الحية لتطبيقات منظومة الشبكة حتى تكتمل فى جميع المحافظات وتحقق الهدف منها وهو تقديم خدمات سريعة ترضى المواطن لأن أى شبكة أو منظومة جديدة تحتاج للعديد من التجارب لتجاوز الأخطاء والقصور فى الخدمات المقدمة.

الثلاثاء

فن النجاة

هل لديك ثقافة مالية؟...هل تعرف فن النجاة من التضخم؟ سؤالان يجب أن يهتم كل مواطن اليوم بالإجابة عليهما وقياس درجة استيعابه لهما...الأمر مهم جدا وسط التقلبات فى الأسواق المالية ومعدلات التضخم غير المسبوقة ...كل الخبراء يؤكدون على ضرورة أن نتعلم كيف ندير مواردنا المالية وكيف نواجه التضخم لأنه أصبح واقعا وهو بالمناسبة أكثر لصوص المال قسوة ..تخيل أنك كنت تدخر ألف جنيه فى منزلك عام 2010 ثم قررت إنفاقه اليوم فإن قيمته الشرائية تساوى فقط 300 جنيه كل ذلك بسبب هذا اللص الماهر المدعو «التضخم»...إذن لا مفر من البحث عن خيارات متعددة للحفاظ على مدخراتنا وطرق الحصول على مصادر دخل أخرى والاستثمار فيما نمتلكه حتى لو كانت مبالغ قليلة ..عليك أن تدرك أن للتضخم تأثيرا دائما...تقول صحيفة «لوس انجلوس «أن آخر فترة تضخم مرتفع فى الولايات المتحدة استمرت أربع سنوات ونادرا ما تنخفض الأسعار وأن التضخم يبنى على نفسه، تاركًا أسعارًا أعلى مدى الحياة وبالتالى، عندما تفكر فى استراتيجيات التكيف مع التضخم ، تأكد من اختيار إجابة يمكنك التعايش معها على المدى الطويل».. وتقول الأبحاث أن مفهوم الثقافة المالية وفن مواجهة التضخم ليس بأى حال مفهوما جديدا، لكن انتشاره يبدو بطيئا.....التثقيف المالى هو أساس علاقتك بالمال وهى رحلة تعلم مستمرة كلما بدأت مبكرا كلما كان ذلك أفضل ...أن ادخار الأموال فى المنزل أو فى ودائع بنكية لفترات طويلة قرار محفوف بمخاطر تأكل قيمة الأموال. ربما يضمن هذان الخياران بقاء الأموال كما هى من حيث القيمة العددية؟.. لا بالتأكيد لا يضمنان بقاء قيمتها الشرائية.

الأربعاء

حب و كبرياء

حكى أنّه كان هنالك جزيرة بعيدة تعيش فيها كل المشاعر والأحاسيس معًا. وفى أحد الأيام هبت عاصفة قويّة آتية من المحيط وهدّدت بإغراق الجزيرة. انتاب الهلع جميع المشاعر، لكنّ «الحبّ» تمكّن من بناء قارب كبير للهرب، وركبت جميع المشاعر فى القارب ما عدا شعور واحد، فنزل «الحب» للبحث عن هذا الشعور ومعرفة هويته واكتشف أنّه «الكبرياء». حاول «الحب» أن يقنع الكبرياء بالصعود إلى القارب، لكن دون جدوى، فقد أصرّ على البقاء... طلبت جميع المشاعر الأخرى من «الحب» أن يترك «الكبرياء» وشأنه ويصعد إلى القارب، لكن بما أنّ «الحب» قد عاش على حبّ الجميع فلم يستطع المغادرة وبقى مع «الكبرياء». وهكذا نجت جميع المشاعر، ما عدا «الحب» الذى مات مع «الكبرياء ...انتهت القصة،  لكن ببساطة..  لا تدع كبرياءك يتغلّب على مشاعر حبّك للمقربّين منك أيا كانوا، فالكبرياء يقتل الحبّ مهما كان كبيرًا.