خالد ميري يكتب: عودة الوعى

خالد ميري
خالد ميري

الأزمة الاقتصادية تضرب كل دول العالم بعد مأساة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، لم ينج أحد من التأثيرات السلبية وكل الدول تتحرك وفق برامجها الوطنية لتجاوز الأزمة وتفادى تأثيراتها الضارة.

تواجه  مصر الأزمة بثبات بعد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى أطلق فى نوفمبر 2016.. نجحت فى عبور مأساة عامى  كورونا.. وتتحرك الدولة على كل المحاور لمواجهة تأثيرات الحرب فى أوكرانيا.. السلع جميعها متوافرة وبرامج الحماية الاجتماعية لا تتوقف، مع استمرار العمل بالمشروعات القومية التى توفر ملايين فرص العمل وتفتح البيوت.. والتى توفر السلع الغذائية الرئيسية باحتياطى من 3 إلى 8 شهور وحققت الاكتفاء الذاتى من الغاز وفائضا للتصدير من الغاز والكهرباء.. المشروعات التى قضت على العشوائيات الخطرة القبيحة وأزمات الإسكان والنقل.

هناك رؤية واضحة لمصر والعمل بها والتحرك على كل المسارات لتوفير الحياة الكريمة لشعبها.. لكن إحدى أزماتنا الحقيقية التى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام المؤتمر الاقتصادى الأسبوع الماضى كانت - غياب الوعى والفهم لتشخيص ما نحن فيه لدى النخبة المسئولة وكذلك متطلبات العبور للفجوة التى تعانى منها البلاد.

خرجت مصر سالمة بعد ثورة يونيو العظيمة.. استعاد الشعب وطنه الذى كاد أن يضيع.. لكن الدولة دفعت ثمناً باهظاً لخروج الشعب طلبا للتغيير فى ثورتى يناير ويونيو.. خسر الاقتصاد 477 مليار دولار، وفى عام 2014 كانت الدولة العظيمة مجرد « شبه دولة »، الخدمات غائبة والسلع غائبة وتحديات الأمن جسيمة مع إرهاب تدعمه دول ومنظمات  عالمية.. لم يكن الأمر سهلاً على الاطلاق.

لكن القدر الذى اختار البطل عبدالفتاح السيسى لينحاز لشعبه وينفذ إرادته فى ثورة يونيو.. هو أيضاً الذى دفع الشعب لمطالبته بالترشح للرئاسة وانتخابه بأغلبية كاسحة.. إرادة الله دوماً هى الأسبق والأحنّ والأرحم.. وكانت إرادته سبحانه أن يحفظ مصر وشعبها.

ومنذ وصول الرئيس السيسى للحكم صارح الشعب بالحقيقة.. فالتحديات جسيمة لكن الشعب المصرى الملتف حول قيادته قادر على أن يتجاوزها.. وانطلقت عجلة البناء بالتوازى مع الحرب على الإرهاب، لتنجح مصر فى دفن الإرهاب الجبان تحت رمالها.. ولتنجح فى 8 سنوات فى إنجاز مالم يتحقق خلال قرن كامل.

الرئيس كانت لديه المعلومات الكاملة والفهم الدقيق لتشخيص ما تمر به الدولة.. ولمتطلبات العبور من الفجوة التى تعانى منها البلاد.. انطلقت مصر تعمل بجد وفق رؤية 2030 وتحارب الإرهاب بجسارة.. العمل سار على خطوط متوازية بإصلاح ما كان تالفاً مهما كانت التكلفة وبناء الجديد الذى يليق بمصر وشعبها.. وكان ما تحقق من نجاح سببا مباشراً لقدرتنا على تجاوز الأزمات المتتالية دون أن يتوقف العمل والبناء لحظة واحدة.

لكن غياب الوعى الكامل لدى النخب بحقيقة الكارثة التى كنا قد وصلنا إليها بعد الثورتين.. وبالفجوة الهائلة التى كنا نعانى منها وبمتطلبات عبورها كان عائقاً فى طريق العمل رغم أنه لم يوقفه.. رأيناهم يتحدثون عن جدوى المشروعات القومية وأولوياتها.. فمشروع كالعاصمة الإدارية الجديدة لم يكلف خزينة الدولة مليماً واحداً بل يوجد به فائض 90 مليار جنيه بعد كل ما تم تنفيذه.. مشروع طالماً نادوا به من أيام الحزب الوطنى المنحل.. لكنه لم يسلم من نقدهم.. وهكذا كان البحث عن الشعبية وأحياناً الترند يقود فكر النخبة دون أن يكون لديهم معلومات كافية أو حتى جزء منها عن حقيقة الأزمة.. ودون أن يطرحوا حلاً واحداً للخروج من الكارثة وسبل مواجهتها.

أفكار النخبة هذه كانت تثير لغطا فى الشارع.. صحيح أنها لم توقف عجلة العمل ولم تخلق فجوة بين القيادة والشعب، لكنها لم تساعد كذلك فى خلق روح وطنية تجمع ولا تفرق حول مسار الإصلاح والبناء، ، كما أنها كانت تخدم ولو بشكل غير مباشر خطط جماعة الإرهاب التى تستهدف وعى الشعب.

نتذكر أن الرئيس كان دائماً ما يطالب بألا يتحدث أحد عن مشروع أو قرار دون أن يمتلك معلومات كاملة وإلماما ووعيا بما يتحدث عنه.. لكن البعض كان يصر على الأدلاء بآرائه وفتاواه دون معلومات وأحياناً ما كانوا يستندون إلى   شائعات وأكاذيب وسائل التواصل الاجتماعى.

التحديات ضخمة وتجاوزها لا يكون إلا بالعمل الشاق والجاد والمستمر.. ومصر تواصل مسيرتها وفق مسارها الناجح للإصلاح والبناء رغم صرخات وأكاذيب وشائعات جماعة إخوان الإرهاب ومن والاهم من المرجفين.. الوعى عاد لشعبها وعلى وطنه  أن يقبض بالنواجذ.
المسيرة تتواصل.. المسار واضح.. الرؤية شاملة.. مصر تستعيد مكانتها والحياة الكريمة من حق شعبها.