تتخيل أن ما لديه من تشوه نادر يدفعه إلى الاختباء وعدم الظهور فعيون الأشخاص الذين يتابعون مشيته وهو يمتلك 3 أرجل وطريقة إدارته لجسمه الغريب تبدو وكأنهم تركوا أعينهم على جسده النادر في محاولة لسرقة مزيد من الملاحقة تكون كافية له للانفصال عن العالم وتفضيل الوحدة وعدم الظهور.
ولكن الوضع لم يكن كذلك لفرانشيسو «فرانك لينتيني»، ذلك الإيطالي الذي سافر إلى أمريكا ليحقق مسيرة مهنية ناجحة في عروض الخارقين بالسرك اكتسبت الكثير من الشهرة حتى أصبح أيقونة لبلدته بعدما نظرت عائلته له على أنه عار معتمدا بذلك على توأمه الطفيلي صاحب الفضل في القدم الثالثة.
حالة طبية نادرة
في مايو من عام 1889 شهدت صقلة في ايطاليا ولادة حالة نادرة لطفل يمتلك 3 أرجل و4 أقدام في كل منها 3 أصابع بمجموع 16 إصبع ووسط دهشة الجميع من تلك الحالة الطبية النادرة، خاصة وأن الطفل لديه 4 أشقاء جميعهم بحالة صحية طبيعية.
توصل الأطباء إلى أن سبب تلك الرجل الزائدة من جانب الورك الأيمن والقدم الرابعة البارزة من ركبته ما هي إلا نتيجة وجود توأم له بدأ في النمو داخل الرحم ولكنه لم يستطع في النهاية من استكمال مسيرة التطور أو حتى الانفصال عن توأمه حتى أصبح البقاء للأقوى والأكثر سيطرة «فرانك لينتيني»، ذلك التوأم الذي حافظ على بقائه وتطوره واحتفظ بأعضاء شقيقه ليمتلك من الجزء السفلي من جسده من كل عضو اثنين.
وبرد فعل طبيعي حاولت أسرة فرانك لينتيني وهو في عمر الأربعة أشهر التخلص من قدمه الثالثة ليكون شخص طبيعي وإنهاء معاناته وتم نقله إلى أخصائي لبحث إمكانية بتر ساقه الإضافية لكن التهديد بالشلل أو حتى الموت منع الطبيب من إجراء العملية ليعيش فرانك لينتيني مجبرا مع أعضاء توأمه الطفيلي.
وبالفعل اشتهر فرانك بين سكان البلدة بالأعجوبة وحتى كان البعض أشد قسوة فاطلقوا عليه لقب الوحش الصغير ووسط كل تلك المعاناة نظرت العائلة إلى فرانك باعتباره عار الأسرة ولهذا قرروا إرساله إلى عمته في الولايات المتحدة لبدء حياة جديدة في بلد لا يعرفه بها أحد.
بداية عروض الخارقين
معجزة حولت العار إلى مسيرة مهنية ناجحة ففي ذلك الوقت اشتهرت أمريكا بعروض الخارقين حتى كانت منصات العرض والسيرك يتنافسون على استقطاب المواهب النادرة من السيدات الملتحين والرجال الأقوياء وابتلاع السيوف فكانت لهذه العروض جمهورها الذي يدفع كثير من المال لمشاهدتهم وأصبح فرانشيسكو واحدا منهم بل والأبرز.
ففي رحلة السفر إلى العمة المقيمة في أمريكا وتحديدا في عام 1898 وكان فرانك لم يتجاوز عامه التاسع، التقى هو ووالده في الطريق الطويل مع رجل يدعى «جوسيبي» يعيش في بوسطن وقد عمل كرجل استعراض محترف في أمريكا لمدة 3 سنوات وأقنعهم أن لفرانك مستقبل مبهر في عروض الخارقين خاصة وأنه يمتلك ذلك التوأم الطفيلي.
مسيرة مهنية ناجحة
وبالفعل ظهر مستقبل فرانك لينتيني المبهر ذات الـ 3 أرجل في عروض الخارقين بعد عام واحد من العمل مع جوسيبي حيث انضم إلى سيرك " الأشقاء رينجلنج" العالمي كواحد من أفضل العروض الذي يمتلكها هذا السيرك.
وتم الإعلان عن فرانك باعتباره "اللاعب الصقلي ذو الثلاث أرجل" أحيانا، وفي أحيان أخرى "اللاعب الوحيد لكرة القدم ذو الثلاث أرجل في العالم" وفي بعض اللأوقات كان يتم تقديمه كـ"أعظم المعجزات الطبية في كل العصور" حتى اكتسب شهرة عالمية أصبح من خلالها لقب " لينتيني العظيم" كافي.
عروض فرانك أظهر خلالها قدرات قدمه الثالثة وهو يلعب كرة القدم والقفز فوق الحبل والتزلج وركوب الدراجات إذ كانت الأكثر متعة للكثيرين وامتدت شهرته إلى خارج حدود عشاق تلك العروض من خلال حسه الفكاهي وسرعة بديهته واجاباته المميزة على اسئلة الصحفيين التي جذبت له مزيد من الشهرة.
فعرفه الجميع بـ"لينتيني" الذي يستخدم قدمه الإضافية كمقعد للجلوس عليه أثناء اجرائه المقابلات وإجاباته الفكاهية التي تبرز مدى اعتزازه بتوأمه الطفيلي عند الحديث عن تفاصيل حياته بساق إضافية وكانت أشهرها عند سؤاله عما إذا كان من الصعب شراء حذاء في مجموعة من ثلاثة أجاب فرانك أنه اشترى زوجين وأعطى واحد إضافي لصديق ذو ساق واحدة.
نهاية أسطورية
بعد سنوات من العمل المتميز والشهرة الواضحة التي دفعته أن يقدم عروضه في جميع أنحاء أمريكا تعرف فرانك عام 1907 على زوجته الأولى "تيريزا موراي" وانجب منها أربعة أطفال بصحة طبيعية جيدة ولكن لم يدم الزواج لنهاية العمر ففي عام 1935 انفصلا فرانك وتيريزا ليتمكن بعدها من العثور على الحب مرة أخرى ويتزوج من جديد فتاة تدعى "هيلين شوبي".
والتي أنهى معها عمره بوفاته عام 1966 عن عمر ناهز الـ 77 عاما بسبب فشل الرئة تاركا للعالم حقيقة أن تنظر إلى اختلافك كمصدر القوة وليس عار أو عائق يمنع نجاحك.