خالد ميري يكتب: حلول حاسمة

خالد ميري
خالد ميري

بدا واضحا أن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمؤتمر الاقتصادي خطوة إيجابية على الطريق الصحيح الذي تسير عليه الدولة. فالمكاشفة والمصارحة أقرب الطرق لقلوب وعقول المصريين.

ورسائل الرئيس تركت شعورا شعبيا واضحا من الارتياح والثقة في المستقبل. وكان المحور الثاني من رسائل الرئيس واضحا.. أن مجابهة التحديات الضخمة التي تواجه الدولة كانت تصطدم بمحاذير الحفاظ على الاستقرار الهش للدولة بدلا من التحرك في مسارات الحلول الحاسمة، مؤكدا أنه على الحكومة ورجال الاقتصاد والخبراء في المؤتمر ضرورة دراسة البيئة المحيطة ومناقشة حجم صلابة الرأي العام للدولة بما يسمح بتمرير أي مسار للتحرك فيه.

رؤية الرئيس السيسي كانت شاملة وواضحة وهدفه دوما مستقبل هذه الدولة والحفاظ عليها قوية متماسكة وتوفير الحياة الكريمة لشعبها.. في عام ٢٠١٥ عندما صدر قرار برفع الدعم جزئيا عن الوقود انطلقت حوارات وأحاديث بأن الرئيس يغامر بشعبيته الكاسحة.

وكان تقدير الرئيس صائبا بأن هذا الرصيد من الشعبية يجب استثماره بشكل أكبر في الإصلاح والبناء.. فالفرص لا تتكرر كثيرا في حياة الدول والشعوب، وأي رئيس لا يمتلك هذه الشعبية الكاسحة لن يتقبل منه الشعب أي قرارات ولن يسمح بتمريرها.. تاريخنا الحديث يؤكد ذلك.

الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان يمتلك هذه الشعبية التي تسمح له باتخاذ قرارات جريئة والشعب كان يتقبلها منه.. بطل الحرب والسلام الزعيم الراحل أنور السادات لم يتمكن من تمرير قرارات الإصلاح الاقتصادى.. أما الرئيس الراحل حسني مبارك فعشنا طوال ٣٠ عاما بدون حلول حاسمة بعد المؤتمر الاقتصادي الكبير الذي شهدته مصر عام ١٩٨٢.. وكان الهدف طوال هذه السنوات الحفاظ على الاستقرار وعدم المغامرة بقرارات حاسمة يمكن أن يرفضها الشارع.. حتى اصطدمنا في أحداث عام ٢٠١١ بأنه كان استقرارا هشا.. وشهدنا مع جماعة إخوان الإرهاب بعدها عاما أسود كان يمكن أن تضيع معه الدولة والشعب.

حتى جاءت ثورة يونيو العظيمة لتعيد مصر إلى مسارها الصحيح جغرافيا وتاريخيا. الرئيس السيسي أكد أن متخذ القرار يجب أن ينتبه إلى مكانه وشعبيته.. وأن يستفيد من الفرصة لتحقيق مصلحة بلده وشعبه بما يضمن تقدمه واستقراره.. إذا لم يحدث ذلك وفاتت الفرصة فيمكن ألا تتكرر وهذه دروس التاريخ واضحة.

ولنسأل أنفسنا ماذا كان يمكن أن يحدث إذا لم تسير مصر في مسار الاصلاح الاقتصادي.. وإذا لم يستخدم الرئيس شعبيته الطاغية لتمرير هذا المسار.. وإذا لم يكن الشعب يثق في زعيمه هذه الثقة الكبيرة لتمرير القرار وضمان نجاحه مع الحفاظ على استقرار الدولة والنصر على الإرهاب.

ما كان يمكن أن يحدث أن الاقتصاد المصري ما كان يستطيع أن يتحمل التبعات القاسية والثقيلة لأزمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.. لم نكن وقتها سنجد السلع ولو بأي ثمن.. كان الملايين سيجلسون في منازلهم بلا مصدر دخل وبلا فرص عمل، صحيح أن الدواء كان مرًّا لكن لم يكن هناك طريق آخر.. والأحداث العالمية السريعة والمتلاحقة تؤكد رجاحة رأي صاحب القرار.

الحقيقة أن الرئيس السيسي لم يستجب فقط لشعبه وينقذنا من إخوان الإرهاب وتجار الدين.. لكن الأحداث المتلاحقة تؤكد أنه أنقذنا أيضا من كوارث عديدة بقرارات الحلول الحاسمة بالإصلاح الاقتصادي وبناء الدولة بالمشروعات القومية، عجلة التاريخ لا تتوقف.. والأحداث المتلاحقة تؤكد أن الحلول الحاسمة كانت ضرورية ولا مهرب منها.. وزعيم مصر كان على قدر الثقة والشعبية الطاغية بقرارات الإصلاح والبناء التي حفظت دولتنا وتهدف لتوفير الحياة الكريمة للشعب العظيم.. في عالم اليوم الذي يموج بكوارث وأزمات متلاحقة.

لا مجال للخوف أو الارتعاش فى مواجهة التحديات.. فهذا لا يحافظ على استقرار لأنه سيكون استقرارا هشا يمكن أن تعصف به أية رياح. هذا وقت القرارات الحاسمة.. ومؤتمرنا الاقتصادي خطوة جديدة على طريق بناء المستقبل.