من السترات الصفراء للثلاثاء الأسود.. فرنسا تشهد ثوران للمظاهرات الكامنة منذ الستينيات

صورة ارشيفية..من مظاهرات السترات الصفراء
صورة ارشيفية..من مظاهرات السترات الصفراء

منذ الاضطرابات المدنية التي شهدتها فرنسا خلال عام 1968، واستمرت لقرابة الشهرين، لم تشهد أية احتجاجات أو مظاهرات كبيرة سجلها التاريخ أو ظلت عالقة في أذهان الفرنسيين أو حتى المؤرخين.

وفرنسا من الدول الكبرى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ويعيش الفرنسيون في رخاء، وتعد واحدة من الدول الصناعية الثماني الكبرى في العالم، وعضو في مجموعة العشرين، وعضو دائم في مجلس الأمن، وجاء ترتيبها في المركز الثامن عشر من حيث الرواتب في العالم.

ولذا لم تشهد فرنسا خلال عشرات السنوات الماضية أي احتجاجات بسبب الأحوال الاقتصادية حتى جاء عام 2018، وشهدت البلاد احتجاجات عرفت بالسترات الصفراء.

أسباب احتجاجات السترات الصفراء

حركة "السترات الصفراء" الاحتجاجية انطلقت في 17 نوفمبر على وسائل التواصل الاجتماعي، كرد فعل على ارتفاع أسعار الوقود، واتسعت الحركة مع ارتفاع سقف مطالب المحتجين الذين اشتكوا من غياب المساواة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء وتدني القدرة الشرائية وزيادة الضرائب.

وقد واجهت شرطة مكافحة الشغب منذ السبت لحظات صعبة للسيطرة على المتظاهرين الذين تسببوا في دمار بعض أحياء العاصمة باريس الرمزية، على غرار جادة الشانزليزيه، بعد أن أضرموا النار في السيارات ونهبوا المتاجر والمقاهي في أسوأ أعمال شغب تشهدها العاصمة منذ الاحتجاجات الطلابية في العام 1968 من القرن الماضي.

ورغم التعبئة التي شهدتها الاحتجاجات، فإنّ حركة "السترات الصفراء" لا تملك قيادة محددة أو مجموعة رسمية، مما جعل من الصعب على الحكومة التعامل معها.

إذا من هم أصحاب "السترات الصفراء"؟ وماذا يريدون؟ يورونيوز تقدم إجابات لبعض الأسئلة الملحة حول هذه الحركة المتصاعدة المناهضة للحكومة.

أثارت إجراءات الحكومة الرامية إلى زيادة أسعار الوقود وفرض ضريبة مباشرة على الديزل، فضلا عن ضريبة الكربون، استياء كبيرا في الأوساط الفرنسية، وخاصة في صفوف أولئك الذين يستخدمون سياراتهم بشكل يومي للذهاب إلى العمل بسبب بعدهم عن وسائل النقل العام. في المقابل لم يقم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأيّ جهود لفرض ضريبة على الثروة والتي طُبقت فقط على الأشخاص الذين يمتلكون أصولا صافية خاضعة للضريبة تزيد قيمتها على 1.3 مليون يورو. وعلى هذا الأساس أصبح يُنظر إلى إصلاحات ماكرون الاقتصادية على أنها تخدم الأثرياء دون الطبقة المتوسطة، التي تحولت مع طبقة فقيرة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الضرائب.

شبح السترات الصفراء يطارد فرنسا

تعيش فرنسا اليوم، فيما عرف بالثلاثاء الأسود، بسبب خروج المظاهرات إلى الشوارع، على خلفية أزمة الطاقة التي فجرتها الحرب الروسية الأوكرانية، وتكافح الحكومة إلى تجنب غضب الفرنسيين في الشوارع.

وولدت الأزمة الحالية بعد دخول عمال مصافي إكسون موبيل وتوتال إنرجيز في إضرابات مفتوحة عن العمل، منذ أكثر من 3 أسابيع، الأمر الذي قاد إلى وقوع أزمة شح وقود داخل البلاد.

وتعيش باريس تضخم هو الأعلى منذ عقود، ليواجه الرئيس إيمانويل ماكرون أحد أصعب التحديات منذ انتخابه لفترة ثانية في مايو الماضي.

يأتي ذلك بعد يومين من خروج آلاف الأشخاص في احتجاجات واسعة بشوارع العاصمة باريس، الأحد، احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وإضرابات أدت إلى إغلاق العديد من محطات الوقود في أنحاء عديدة فرنسا.

الاضطرابات التي تشهدها فرنسا تأتي وسط أجواء سياسية متوترة، إذ تستعد الحكومة لإقرار ميزانية 2023 باستخدام صلاحيات دستورية خاصة تمكنها من اجتياز تصويت في البرلمان.

اقرا أيضأ:ضربة قوية لمنتخب فرنسا.. كانتي يغيب عن مونديال قطر