غدًا بالمجلس الأعلى للثقافة.. «مصر مقصدًا للحج المسيحي منذ القرن الرابع الميلادي»

سانت كاترين
سانت كاترين

تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني،  وزيرة الثقافة؛ وضمن أنشطة المجلس الأعلى للثقافة، وأمينه العام  الدكتور هشام عزمي؛ تنظم لجنة التاريخ والآثار بالمجلس ندوة "محطــات زيـارة العائلــة المقدســة" بالتعاون مع معهد الدراسات القبطية بالكاتدرائية المرقسية ظهر الغد 12 أكتوبر بقاعة المجلس الأعلى للثقافة بساحة دار الأوبرا، يديرها الدكتورة علا العجيزي، أستاذة اللغة المصرية القديمة بكلية الآثار ومقررة اللجنة، والدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، ويشارك الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو اللجنة بمحاضرة تحت عنوان «مصر مقصدًا للحج المسيحي منذ القرن الرابع الميلادي – تحقيق المسار من مارمينا إلى جبل موسى".

وأوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو اللجنة بأنه أول من عرض فكرة إحياء المسارات التاريخية الدينية في مصر عام 2003 على الدكتور عبد العزيز دولاتى خبير اليونسكو "تونسى الجنسية" أثناء زيارته لسيناء موفد من المجلس الأعلى للآثار في ذلك الوقت للبحث عن مواقع لتسجيلها تراث عالمي باليونسكو، وقد رافقه في جولته بسيناء الدكتور عبد الرحيم ريحان والذي قام بتعريف خبير اليونسكو بالمسارات التاريخية بسيناء ومعاينة محطاتها والتوثيق العلمي لها وشملت مسار نبي الله موسى "طريق خروج بنى إسرائيل" ومحطات طريق الحج المسيحي منذ القرن الرابع الميلادي ودرب الحج المصري القديم عبر سيناء.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن سياحة المسارات التاريخية الدينية تحقق أعلى إيرادات على مستوى العالم  حيث اعتمد اليونسكو مسار حج مسيحي في إسبانيا عام 1985 وهو طريق شنت ياقب أو طريق القديس يعقوب أو كامينيو دي سانتياغو بالإسبانية أو حج كومبوستيلا باللاتينية ويعرف رسميًا في اليونسكو باسم طرق سانتياغو دي كومبوستيلا وهو شبكة من طرق الحجاج إلى مقام الرسول القديس يعقوب بن زبدي في كاتدرائية سانتياغو دي كومبوستيلا في جليقية في شمال غرب إسبانيا.

وكل حاج يجتاز 100 كيلومتر سيرًا على قدميه أو200  كيلومتر على دراجة هوائية يحصل على شهادة حج هذا إلى جانب آلاف الأشخاص الذين يزورون المقام بالسيارة أو بواسطة النقل العام أو الذين يعبرون مسافة أقصر من 100 كم مشيًا مما لا يؤهلهم الحصول على الشهادة.

وهناك كنيسة ساغرادا فاميليا (العائلة المُقدسة) ببرشلونة وقد زارها الدكتور ريحان تحقق إيرادات سنوية ربما تفوق ما تحققه مصر في عام وهي كاتدرائية رومانية كاثوليكية صغيرة في منطقة إيكسامبل في برشلونة صَّممها المهندس المعماري الإسباني الكتالوني أنطوني غاودي (1852-1926) ومسجلة تراث عالمى باليونسكو 2010.

اقرأ ايضا :- وزيرة الثقافة تشهد اجتماع اللجنة العليا لجائزة الدولة للمبدع الصغير في نسختها الثالثة

وأوضح الدكتور ريحان أن عدد الممتلكات المسجلة تراث عالمي باليونسكو في مصر لا يتوازى مع عظم حضاراتها ووجود مواقع عديدة لها قيمة عالمية استثنائية تستحق التسجيل فمنذ عام 1979 وحتى الآن سجلت مصر 13 ممتلك تراث عالمى باليونسكو موزعة منها ستة ممتلكات تراث ثقافى وممتلك تراث طبيعى وأربعة ممتلكات تراث ثقافى لامادى وممتلكان تراث ثقافى لامادى مشترك.


وأردف بأن فكرة الحج المسيحي بدأت منذ القرن الثالث الميلادي بهدف زيارة الكهف الذي ولد فيه السيد المسيح عليه السلام في بيت لحم والهدف من الزيارة هو الصلاة واكتساب الفضائل الروحية ثم تطورت فكرة الحج إلى القدس في عهد الإمبراطور قسطنطين 323 – 337م وقامت أمه الإمبراطورة هيلانة بزيارة القدس ودعّم قسطنطين اكتشافها ببناء كنيسة القبر المقدس ومنذ ذلك الحين صارت الرحلة المقدسة إلى تلك البقاع تقليدًا قائمًا لدى المسيحيين، ثم جاءت الإمبراطورة هيلانة إلى الوادي المقدس بسيناء وأنشأت كنيسة خصصت للعذراء مريم في حضن شجرة العليقة المقدسة لتعلن أن القدس وسيناء قبلة الحجاج المسيحيين في شتى ربوع العالم وحرص الإمبراطور جستنيان حين إنشاؤه لدير طور سيناء في القرن السادس الميلادى الذي تغير اسمه إلى دير سانت كاترين في القرن التاسع الميلادي بعد العثور على رفات الشهيدة على أحد جبال سيناء لإدخال هذه الكنيسة داخل أسوار الدير ليشمل برنامج رحلة الحج زيارة جبل موسى والهبوط لزيارة دير سانت كاترين ودخول كنيسة العليقة الملتهبة بعد خلع نعليه وزيارة كنيسة التجلى وباقي معالم الدير والإقامة بالدير.

وأشار الدكتور ريحان إلى وجود طريقان مشهوران للحج عبر سيناء، طريق شرقي وطريق غربي،  أمّا الطريق الشرقي فهو للمسيحيين القادمين من القدس إلى جبل موسى ويبدأ من القدس إلى أيلة (العقبة حاليًا) إلى النقب إلى وادي غزالة إلى عين حضرة ثم وادى حجاج حتى سفح جبل موسى وطول هذا الطريق حوالى 200كم من أيلة إلى الجبل المقدس الذى أطلق عليه عدة أسماء منها جبل موسى وجبل الشريعة وجبل المناجاة.
 
 أمّا الطريق الغربي فيبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل موسى ويبدأ من القدس، عسقلان، غزة، رافيا (رفح)، رينوكورورا (العريش) أوستراسينى (الفلوسيات) ،كاسيوم (القلس)، بيلوزيوم (الفرما)، سرابيوم (الإسماعيلية)، القلزم (السويس)، عيون موسى، وادي غرندل، وادي المغارة، وادي المكتّب، وادي فيران إلى جبل موسى وطول هذا الطريق من القدس إلى القلزم 400كم ، ومن القلزم حتى جبل موسى 300كم فيكون الطريق من القدس إلى جبل سيناء 700كم .

ويؤكد الدكتور ريحان توافد المسيحيين من كل بقاع العالم للحج إلى سيناء وهم آمنين مطمئنين في ظل التسامح الإسلامي التي سارت عليه الحكومات الإسلامية في المنطقة حيالهم  وقد زار سيناء عددًا من المسيحيين لا يمكن حصرهم وكثير منهم كانوا من شخصيات ورتب عالية، وعددًا من الرّحالة الأوربيون أمثال بورخارت الذى جاء من سويسرا مرتين عام (1232هـ/ 1816م) وعام (1238هـ / 1822م) وشاهد ثمانمائة من المسيحيين الأرمن جاءوا من القدس ومسيحيين روس وخمسمائة مسيحى من أقباط مصر.

وكان كثير من العظماء والملوك والأمراء على اتصال دائم بدير سانت كاترين ويمدونه بالهدايا ومنهم من ملوك فرنسا شارل السادس ولويس الحادي عشر والرابع عشر وإيزابيل ملكة أسبانيا والإمبراطور مكسيمليان الألماني  وقياصرة روسيا  ولا تزال هداياهم بالدير حتى الآن.

من الجدير بالذكر أن الندوة تتضمن محاضرات للدكتور عزت قادوس عن "الآثار اليونانية الرومانية في طريق العائلة المقدسة في إقليم المنيا" والدكتور جمال عبد الرحيم  عن "الآثار الإسلامية في محطات العائلة المقدسة" والدكتور عدلي أنيس عن "المسار الجغرافي لزيارة العائلة المقدسة "والدكتورة  ماري ميساك "محطات العائلة المقدسة والجذب السياحي" والدكتورة  هالة خلف "سيناء المكان والمكانة".